السوريالية

مقدمة               

ولدت الحركة السوريالية Surrealism عام 1924 في فرنسا، وقد خلفت الحركة الدادية Dadaism، في الفن والأدب والموسيقى، وذلك باعتبارها الحلقة التالية من حلقات الحركة التعبيرية Expressionism، وقد أسسها الشاعر الفرنسي أندريه بريتون Andre Breton، الذي كان مهتماً بالجانب النفسي، وبدأ ظهور الحركة عندما أذاع بريتون أول بيان له عن السوريالية، وجمعت الحركة بين الفكر الدادي المعادي للمنطق، وبين استلهام الخيال، غير المقيد برقابة العقل الواعي، وكانت نظريات العالم النفساني النمساوي سيجموند فرويد Sigmund Freud قد عرفت منذ عام 1917، وبدأت تنتشر في أوساط طبقة المثقفين والأكاديميين.     

سبب التسمية    

يرجع سبب تسمية السوريالية بهذا الاسم إلى الناقد الفرنسي والمؤلف المسرحي غيوم أبولينير Guillaume Apollinaire، حيث وصف معرضاً بعيداً عن الواقع اليومي المعاش، للفنان مارك شاغال Marc Chagall، وكان ذلك خلال موسم 1911-1912، وكلمة السريالية تعني ما فوق الواقعية.  

الرؤية السوريالية           

تعبر السوريالية عن الغوص في أعماق اللاوعي، للبحث عن مصدر إلهام، بعيداً رقابة العقل، فالسوريالية حركة آلية نفسية بحتة، يستطيع الفنان من خلالها، أن يعبر شفوياً، أو تحريرياً، أو فنياً، أو بأية وسيلة أخرى، عن اختلاجات الفكر الإنساني، من دون خضوع للمنطق، أو التزام بالقيم الجمالية، أو الخلقية المتعارف عليها، وكالمذهب الدادي الذي انبثقت منه السوريالية، فإنه يستخدم الفن سلاحاً ضد القيود، التي يراه السورياليون في مجتمعهم، لكنهم على عكس الدادائيين، فهم يحاولون الكشف عن واقع جديد، يتجاوزون من خلاله واقعهم الفعلي، والتصوير السوريالي له جذور عميقة، في تاريخ الفن عبر العصور، ومن الفنانين القدامى الذين تناولوا في لوحاتهم العناصر الخيالية، بوش Bosch، ودورر Durer، وبرويغل Brueghel، وهوغارت Hogarth، وغويا Goya، ووليام بليك William Blake، ودومييه Daumier، وهم يعتبرون بحق أسلاف السوريالية.  

ازدهار السوريالية

ازدهرت السوريالية في الثلاثينيات من القرن العشرين، من خلال معرضها الذي أقيم عام 1936، وعلى الرغم من أن السوريالية لم تستمر خلال الحرب العالمية الثانية، حيث أقيم آخر معرض لها عام 1947، إلا أن تأثيرها كان كبيراً على كثير من فناني أوروبا، وقد استخدمت السوريالية أولاً في الحقل الأدبي، ومنه انتقلت إلى الفن التشكيلي، فقام الفنانون بإسباغ رؤى العقل الباطن، والأحلام، والأخيلة المسرفة، على الأعمال الفنية، متحللة بذلك من ربقة التقاليد المألوفة، ويدعي السورياليون أنهم يصنعون صوراً وأشكالاً بإحساسهم الفطري الخالص، عن طريق المصادفة، وبذلك يؤمنون أن بإمكانهم صنع عالم، أكثر جمالاً من العالم الحقيقي، في المجالات الفنية والأدبية، وبهذه الطريقة يحاول السرياليون مفاجأة المتلقي أو القارئ، من خلال عرض كل ما يعتقدون به، ومن مشاهير الحركة السوريالية أندريه ماسون Andre Masson، ورينيه ماغريت Rene Magritte، وسلفادور دالي Salvador Dali، ويرسم ماسون بفرشاته رسومات تتميز بضربات لونية عابثة، أما ماغريت ودالي فإنهما يرسمان باهتمام بالغ أشكالاً حقيقية، لصنع صور تشبه الحلم، ومن الفنانين الذين التحقوا بالسوريالية، كليه Klee، وبيكاسو Picasso، وشاغال Chagall، وكيريكو Chirico، وماكس إرنست Max Ernst، وإيف تانغي Yves Tanguy، وخوان ميرو Joan Miro، ولم ينجح السورياليون في تطبيق مبادئهم الفنية في مجالات الأدب والموسيقى، لكنهم نجحوا في مجال الفن والتصوير نجاحاً ملفتاً.           

فنانو السوريالية             

ومن أهم الفنانين السورياليين:

  • سلفادور دالي 1904-1989: فنان إسباني، من أشهر رواد الحركة السوريالية، وأبرز قادة الفن الحديث، درس الفن في مدرسة الفنون الجميلة ببرشلونة، ثم في أكاديمية مدريد عام 1921، عارض الأسلوب الأكاديمي، ومال إلى الأسلوب الميتافيزيقي، من أشهر أعماله: (الزرافة المحترقة)، و(إصرار الذاكرة).
  • خوان ميرو 1893-1983: فنان أسباني، درس الفن في في أكاديمة الفنون ببرشلونة، وابتكر أعمالاً بعيدة عن الواقع، قريبة من التجريد، تميزت أعماله بتكوينات مبتكرة من وحي الخيال، تثير الضحك، وعرف بأسلوبه الخطي، الذي أطلق العنان لفكره ومخيلته، من أشهر أعماله: (الأمومة) و(كرنفال المهرج).
  • رينيه ماغريت 1898-1967: فنان بلجيكي، درس في أكاديمية الفنون ببروكسل، واشتهر بالدقة الفوتوغرافية في أعماله، وذلك على الرغم من بعدها عن الرؤية الواقعية، من أشهر أعماله: (ابن الإنسان)، و(إمبراطورية النور).          

مميزات السوريالية  

انفردت السوريالية بالعديد من المميزات، أهمها:

  • عدم الالتزام بالقيم الجمالية والخلقية.
  • التمرد على العقل الواعي والمنطق.  
  • الإفراط في استخدام اللغة الرمزية.
  • البعد عن تصوير الواقع المرئي.
  • تناول عناصر من وحي الخيال.   
  • سبر أغوار النفس البشرية.          

المراجع         

  • فنون الغرب في العصور الحديثة، نعمت إسماعيل علام، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر، مصر، 1983.
  • موجز في تاريخ الفن، آمال الصراف، مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوريع، الأردن، 2004.

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
ديسمبر ٢٤, ٢٠٢٠, ١١:٢٣ م -
ديسمبر ١٧, ٢٠٢٠, ١٢:٤٩ ص -
ديسمبر ١٦, ٢٠٢٠, ١:٢٦ ص -
ديسمبر ١١, ٢٠٢٠, ٩:٥٩ م -
ديسمبر ١١, ٢٠٢٠, ٧:٢٢ ص -
About Author