الشيخ الدكتور عبد الرحمن السميط " رجل بأمة "

 

الشيخ الدكتور عبد الرحمن السميط " رجل بأمة "

   ولد الطفل عبد الرحمن حمود السميط في أسرة كويتية محافظة ف " (1366 هـ / 15 أكتوبر 1947 "  تربى على الجد والصبر وأداء الواجبات والتمسك بقيم الإسلام ومبادئه .. تحكي والدته أنه كان في طفولته يتميز بالهدوء والجد والتميز في دراسته قليل الكلام محافظ دائما على نظافته الشخصية ـ مؤديا لصلاته حريصاً عليها، خاصة  صلاة الفجر لا يتركها أبدا .

   وكان منذ صغره يحب العزلة مستغرقا في الخيال والتأمل والتفكير، كما كان منذ صغره متأثراً بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح ويتمنى لو يعيش حياة التقشف والإيمان مثلهم، وكان كثير القراءة في الكتب والقصص والمجلات الإسلامية ، وكانت له غرفة في سطح المنزل جعلها عيادة طبية له ، يلعب فيها دور الطبيب على إخوته ، ويمارس فيها هواية القراءة والتأمل .

   وقد اشترك في المرحلة الثانوية  في جماعة الكشافة التي تعلم منها الجلد والاعتماد على النفس مع الالتزام الديني وهو في هذه السن فخرج السميط بهذه التجارب وبأسلوب التربية والحياة المنزلية بشخصية تتحمل المصاعب وقادرة على حل ما يواجهها بجلد وصبر؛ ولهذه النشأة تأثير كبير فيما بعد في أفريقيا حيث تعلم العيش في الصحراء والمبيت والمسير الليلي بغير استخدام لوسائل الراحة ، وهذه المهارات البسيطة التي نالها في مرحلة مبكرة من حياته تركت أثرها على تكوينهِ النفسي في الكبر، كما كان يكتب مقال في جريدة اسبوعية وهو في الثانوي في فقرة الكشافة .

   أحب السميط القراءة منذ صغره حتى أنه  إذا رأى صفحة جريدة أو مجلة ملقاة على الأرض وهو يمشي ركض لالتقاطها وقراءتها أثناء المشي وكثيراً ما كان يصطدم بالناس بسبب عدم الانتباه إلى الشارع وقد أمضى وهو يتردد على المكتبات الكبرى، هذه القراءة فتحت عينيه على معلومات مهمة لم تكن متاحة لأقرانه ، وقراءاته كانت متنوعة حيث شملت العلوم الإسلامية والأديان والسياسة والاقتصاد ، ومعظم أمواله ينفقها على شراء الكتب والمجلدات ،وإن سبب حبه للقراءة وإقباله على مطالعة الفكر المناوئ للإسلام كان بهدف البحث عن الحقيقة ، وقد قرأ كثيرا في النظريات  اليسارية والماركسية وغيرها فترسخت في عقله ووجدانه عظمة وأهمية الإسلام وأزداد فخراً وعزاً بالانتماء إليه باعتبار أن في تلك النظريات أفكار وأساطير تصطدم بالفطرة الإنسانية مما كان يدعوه إلى التمسك بالإسلام والدعوة إليه والعمل على نشره حتى أصبح من المؤمنين بأن الإسلام سبق جميع النظريات والحضارات والمدنيات في العمل التطوعي والإنساني وغيره، وقد علل حبه للقراءة وإقباله على مطالعة الفكر المناوئ للإسلام بقوله «كنت اقرأ بهدف البحث وتوسيع مداركي ومعارفي.».

  حصل على الثانوية العامة في العام 1963 وتقدم بطلب للدراسة في كلية الطب في أمريكا ومصر فتم قبوله فيهما معا ولكنه سمع من بعض الطلبة يقولون  أن كلية الطب في بغداد لا ينجح فيها أحد – وكان يحب التحدي – فقال «كلية الطب في بغداد لا ينجح فيها أحد أنا أريد أن أنجح فيها!» وتخرج فيها بتفوق  بحصوله على بكالوريوس الطب والجراحة، ثم غادرها إلى جامعة ليفربول ، فحصل على دبلوم أمراض المناطق الحارة في أبريل 1974 ، ثم سافر إلى كندا ليتخصص في مجال الجهاز الهضمي والأمراض الباطنية، ثم عمل متخصصاً في جامعة ماكجل ـ مستشفى مونتريال العام ـ في الأمراض الباطنية ،ثم في أمراض الجهاز الهضمي كطبيب ممارس من يوليو 1974 إلى ديسمبر 1978 ، ثم عمل كطبيب متخصص في مستشفى كلية الملكة في لندن من عام 1979 إلى 1980.

 

ثم عاد إلى الكويت عاملاً فيها بعد سني الخبرة في الخارج حيث عمل إخصائياً في أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى الصباح في الفترة من 1980 - 1983 ، ومنذ 1983 تفرغ للعمل في جمعية العون المباشر كأمين عام ثم رئيس مجلس الإدارة حتى 2008 ثم عمل لاحقاً كمدير مركز أبحاث ودراسات العمل الخيري في الكويت.

  كان السميط الطبيب والإنسان ، حيث كان يتفقد أحوال المرضى في أجنحة مستشفى الصباح ، وسؤاله عن ظروفهم وأحوالهم الأسرية والاجتماعية والاقتصادية وسعيه في قضاء حوائجهم وطمئنتهم على حالاتهم الصحية بعد أن ينتهي من عمله المهني رسمياً فقد أحب عمله كثيراً فهو حلم حياته منذ الطفولة ،أحب مرضاه وأصبح يعاملهم كمسؤول عنهم سواء بمرضهم أو بقضاء حوائجهم ولم يكتفِ بوقت العمل بل تعداه بأن يزورهم خارج وقت العمل رغم بعد مسافة المستشفى عن منزله كما بادله المرضى نفس الشعور بحبه وخلالها كان بإمكان السميط فتح عيادة خاصة معتمداً على إقبال المرضى فيدر ذلك عليه أموالاً كثيرة لكنه فضل الدعوة والسفر والتنقل في سبيل الدعوة.

    وعودة إلى بدايات الأعمال الخيرية ، لما كان طالباً في المرحلة الثانوية في الكويت وكان يرى العمال الفقراء من كل الأقطار العربية ينتظرون في حر الكويت الشديد حتى تأتي المواصلات تقلهم ، ما كان منه إلا أنه جمع هو واصدقائه المال واشترى سيارة قديمة ويوصل كل يوم هؤلاء العمال مجاناً رحمة بهم من حر الكويت .

  ويتمنى لو يعيش حياة التقشف والإيمان مثل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لا يأكل إلا وجبة واحدة وكان يستكثر على نفسه أن ينام على سرير رغم أن ثمنه لا يتجاوز دينارين معتبراً ذلك نوعاً من الرفاهية ، ومن هنا بدأت رغبته وحرصه على الوقوف إلى جانب المعوزين وأصحاب الحاجة حينما شعر بخطر المجاعة يهدد المسلمين في أفريقيا، وأدرك انتشار حملات التبشير التي تنتشر في صفوف فقرائهم في أدغال القارة السوداء، وعلى إثر ذلك آثر أن يترك عمله الطبي طواعية لينشئ مشروعاً تنموياً في مواجهة غول الفقر والجهل ،فجند معه مجموع من أصدقائه وأحبابه من محبي العمل الخيري وكون فريقاً من المتطوعين الذين تعاهدوا مع الله في هذا المشروع الإنساني الذي تتمثل معالمه في مداواة المرضى وتضميد جراح المنكوبين ومواساة الفقراء والمحتاجين والمسح على رأس اليتيم وإطعام الجائعين وإغاثة الملهوفين والفقراء في هذه القارة الفقيرة.

  بدأ السميط من الصفر وكانت أمنيته منذ أن كان بالدراسة الثانوية - أن يعمل بإفريقيا - فكان يتمنى أن ينتهي من دراسة الطب ثم يذهب إلى أفريقيا وتحقق له هذا الحلم بسبب تبرع إحدى المحسنات في الكويت وهي زوجة جابر الأحمد الصباح أمير الكويت السابق، والتي طلبت منهُ أن يبني لها مسجدا خارج الكويت وفي بلد فقير فبنى لها مسجداً في جمهورية ملاوي في أفريقيا وهناك رأى المبشرين الأوروبيين متمكنين بالعمل التبشيري وقد بنوا للسكّان عدّة كنائس أما المساجد فإن وجد أحدها يكون غالبًا صغير الحجم ومبني من القش ويتعرض في بعض الأحيان لنهش الأبقار من شدة جوعها والإمام فيه لا يقرأ الفاتحة والناس عراة، وهناك أناس لا تلقى شيء تأكله؛ الوجبة عندهم هي عبارة عن نبات الذرة فقط، فاستمر هو وزوجته في جمهورية ملاوي ثم رحلا إلى أربعين دولة في أفريقيا وبنيا فيها المساجد والمراكز ودور الأيتام والمستوصفات.

    وكان من أسباب اهتمام السميط بإفريقيا دراسة ميدانية لبعض اللجان المهتمة بالأمر الإسلامي - أكدت أن ملايين المسلمين في القارة السوداء لا يعرفون عن الإسلام إلا خرافات وأساطير لا أساس لها من الصحة فغالبيتهم خاصة أطفالهم في المدارس عرضة للتنصير والتحول إلى المسيحية وهذا ما حدث بالفعل فقد نتج عن ذلك أن عشرات الآلاف من السكان في تنزانيا وملاوي ومدغشقر وجنوب السودان وكينيا والنيجر وغيرها من الدول الأفريقية اعتنقوا المسيحية بينما بقي آباؤهم وأمهاتهم على الإسلام.

فشمر الهمة وترك السميط حياة الرفاهية وآثر حياة المخاطر من أجل نشر الإسلام القائم على التوحيد في أفريقيا أفقر قارات العالم وأكثرها توترا، بعد أن تحركت مشاعر الرحمة في قلبه فبسببه أسلم ملايين البشر في قرى نائية في أفريقيا وبسببه سلطت الأضواء على ما تعانيه أفريقيا من فقر فهبت الشعوب المسلمة في مساعدتها فأصبح اسمه مربوطاً بهذه القارة بعد أن نقل عمله من عمل فردي إلى عمل مؤسسي قائم تمثل أولاً في جمعية مسلمي أفريقيا التابعة للجنة النجاة الخيرية ثم استقل بجمعية متخصصة لها صفتها الرسمية الخيرية أطلق عليها اسم "جمعية العون المباشر "، لم يتعذر بالإمكانيات المتواضعة في بداية عمله الخيري بل غامر موقناً بأن العمل سيجلب له الإمكانيات التي ستعينه ضارباً المثل في حب الدعوة ونشرها من خلال العمل الخيري حتى ولو كانت الشعوب المستهدفة شعوباً لا يفهم لغتها ولا يفهم عاداتها وتقاليدها.

  وقد كانت رؤيته الحافز والمحفز للمتطلعين الصادقين إلى نشر الدعوة الإسلامية ، فرؤيته كانت تتلخص في أن مواجهة المجاعات والكوارث والفقر وهم السبب في نجاح المبشرين  في أفريقيا ، ليست مهمة الدول والصناديق الدولية فقط  ، بل هي أيضاً مهمة الأفراد الذين يساهمون بالقليل جداً من المال ، ,لمواجهة التبشير بالدعوة إلى الثبات والدخول في الإسلام ، اتجه  نحو الجماهير وفتح لهم باب المشاركة فيما كانوا يظنون أنه أكبر من طاقتهم، اقنع السميط تلك الجماهير المتطوعة والمتبرعة بالمال أو الجهد ، بأنهم ليسوا مجرد متفرجين فالدينار الواحد والريال الواحد والدرهم الواحد والليرة الواحدة والجنيه الواحد والروبية الواحدة هذه المبالغ الصغيرة قادرة على تغيير قارة أفريقيا ونقلها من الضعف إلى القوة ومن الفقر إلى الغنى، ومن الخرافة والأساطير إلى نور الإسلام ، كثيرون كانوا يظنونه ويعتبرونه مجرد شخص متحمس ، ثم ما يلبث أيفتر حماسة وتخمد همته ، ولكن وبعد مرور ثلاثين عاماً شُهد له بصحة تلك الرؤية فهذه المبالغ الصغيرة أقامت الجامعات والمدارس والمساجد ، وأغاثت مجاعات لا حصر لها، وآوت في مراكز الأيتام مئات الألوف من الأطفال الذين يكونون اليوم جيلاً كاملاً في 28 دولة أفريقية. كما كان يرى أن العمل التربوي من أهم الوسائل التي تحقق الهدف في بناء الإنسان، وأن تغيير الأوطان يبدأ بتنمية الإنسان وكانت هذه رسالة السميط التي عاش من أجلها ومات عليها .

  بدأ السميط عمله الخيري والدعوي والتنموي بدايات بسيطة في دولة الكويت وكان أمله كبير، ولكن كاد أن يصاب بالإحباط ، لكن هيهات وهو من يتحدى فبعد ثلاثة أشهر من العمل الجاد والتواصل الكبير مع الناس في بلد غني مثل الكويت ومع ذلك لم يستطع السميط إلا أن يجمع " ألف دولار فقط "لم يخب أمله ، ولكنه غير الطريقة فتحول من مخاطبة الأغنياء والأثرياء إلى مخاطبة الطبقة الوسطى هناك وتحديداً الشريحة النسوية فكانت كنزه المفقود ففتحت عليه أبواب الخير بعد ثلاثة أشهر عجاف وانطلق بكل قوة نحو حلمه في تنمية وتغيير وتطوير القارة السمراء ذلك المكان الموحش للبعض ولكنه للأنفس التي تعشق التحدي والمغامرة وتطلبها ، انه علم لوجه الله ، فكان ذلك النجاح المدوي بكل المقاييس. فكانت كل الأموال يجمعها من تبرعات الناس العادية ولم يحصل على شيء من الدولة.

   وأقام السميط  في أفريقيا وحده وقد كانت معه زوجته وذلك في بيت متواضع في قرية  " مناكارا "  بجوار قبائل الأنتيمور يمارسان التنمية والتعليم والدعوة للإسلام بنفسيهما، دعوة طابعها العمل الإنساني الذي يكرس مبدأ الرحمة فيجتذب ألوف الناس لدين الإسلام ويعيشان بين الناس في القرى والغابات ويقدمان لهم الخدمات الطبية والاجتماعية والتعليمية، بل زرع السميط حب العطاء وفن القيادة في من حوله وكان من أبرز من التقط هذا المنهج زوجته أم صهيب التي تبرعت بجميع إرثها لصالح العمل الخيري، وهي أيضاً قائدة بارزة في مجالها فقد أسست الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية وتديرها بنفسها وهي بدعمها ومؤازرتها أحد أسرار نجاح السميط أيضاً وهذه أحد تفاعلات النجاح وخلطاته السحرية حيث النجاح الجماعي وحيث يكون التكامل.

  كان في عمله هناك يركب السيارة لمدة عشرين ساعة بل وأكثر حتى يصل إلى الأماكن النائية وأحياناً يكون سيراً على الأقدام في الوحل والمستنقعات بل وتعرض للأذى المعنوي هو وزوجته وأبنائه..

   ففي مرة من المرات مر على مجموعة مجتمعة فجلس قريباً منهم من التعب الذي حل به من طول السير وفجأة فوجئ بالناس واحداً واحداً يأتون ويبصقون على وجهه وبعد ذلك اكتشف أنها كانت محاكمة في القبيلة وممنوع على الغرباء أن يحضروها..

  وفي مرة من المرات دخل مع زوجته إلى قبيلة من القبائل فتعجب الناس من ارتدائها للحجاب وكادوا أن يفتكوا بها لولا أنها انطلقت تجري فارة منهم .

    لقد كان السميط  النواة للعمل الخيري والدعوي لأسرته التي أصبحت شجرة وارفة الظلال على فقراء وأيتام ومحرومي أفريقيا ، فعندما كان أبناء السميط أطفالاً كان ينتهز الفرصة لكي يتعرف عليهم ويتعرفوا عليه لأن الصغار منهم لا يتذكرونه إذا جاء إليهم من أفريقيا هربوا في أرجاء البيت منكرين شخصيته، أما وقد ثبت أصل الشجر وارتفعت فروعها في السماء ، فقد كبروا وتخرجوا جميعاً، ابنه الأصغر عبد الله تخرج طبيباً بيطرياً وأحب الدعوة في أفريقيا ومارسها لسنوات منذ صغره، ولاحظ السميط رغبته في العمل في ميدان الدعوة، وتحقق ما صبى إليه حيث تسلم عبد الله السميط حالياً الإدارة العامة لجمعية العون المباشر، فهو الرجل الأول فيها الآن خلفاً لوالده، ليس فقط الأبناء من أحب الدعوة والعمل بها بل حتى الأحفاد، فقد روى المقربون من أسرة السميط أنه اصطحب حفيدته ذات 13 عاماً إلى أفريقيا تدعوا معه إلى الله، لتفوقها في دراستها، فاستطاع السميط زرع العطاء والقيادة فيمن حوله، وكان من أبرز من التقط هذا المنهج زوجته أم صهيب التي تبرعت بجميع إرثها لصالح العمل الخيري- كما قلنا قبلا  ،وهي أيضاً قائدة في مجالها فقد أسست الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية التي تديرها شخصياً، وتأثر به أبنائه أيضاً حتى أن ابنته عندما تزوجت شرطت على زوجها أن يذهبا مرافقين لوالدها في رحلة عمل خيري في أفريقيا .

 ولا زلنا نستذكر جهود الدكتور السميط الطبيب الإنسان والداعية المسلم الصادق الذي قرن القول بالفعل فقضى زهرة شبابه بعيداً عن الأوطان في ديار الغربة التي ينفر الناس منها، لقد قضاها في مجاهل أفريقيا وبين قبائلها التي ينهشها الجوع والجهل و الفقر والمرض والتخلف داعياً إلى الله وباذلاً علمه وجهده وحيلته في سبيل الله  .» .

   وقد أثمرت جهود السميط وجهود فريق العمل الطموح الذي يرافقه أكثر من سبعة ملايين شخص في قارة أفريقيا وحدها وقيل 10 ملايين إنسان وعشرات الألوف من القبائل بأكملها وزعماء قبائل ودعـاة لأديان أخرى أسلموا وتحولوا إلى دعـاة للإسلام أنقذهـم هو وساهم في مد يد العون لهم من خلال توفير المسكن والعمل والمستشفيات والمدارس وغيرها من الاحتياجات.

    وأصبحت جمعية العون المباشر التي أسسها هناك أكبر منظمة عالمية في أفريقيا كلها، يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب وتمتلك أكثر من أربع جامعات وعدداً كبيراً من الإذاعات والمطبوعات وقامت بحفر وتأسيس أكثر من (8600) بئر وإعداد وتدريب أكثر من (4000) داعية ومعلم ومفكر خلال هذه الفترة وقلب الآلاف من طالبي الصدقة والزكاة إلى منفقين لها فقد استطاع تطبيق المنهج الإسلامي الواسع في التنمية المستدامة للأمم والشعوب، كان نادراً ما يقدم المال للفقراء ولكنه يقدم مشروعات تنموية صغيرة  ، وقد أسلمت هذه الأعداد لما رأوا من أخلاقه وحبه للفقراء في الوقت الذي كانت فيه بعض الجمعيات التبشيرية البروتستنتية لا تعطي الطعام أو تعالج الفقراء إلا أن تشترط عليهم الدخول في المسيحية، فتميز بإسهاماته الفاعلة في نشر الدعوة وإغاثة المجتمعات الإفريقية الفقيرة لاسيما في فترات الجفاف وحرصه على الوصول إلى المحتاجين في أبعد المواقع متحملاً قسوة الظروف المناخية والجغرافية فكان داعية بعلمه وعمله وبخلقه وزهده فلم يبغ من الدعوة إلا مرضاة خالقه من باب خدمة خلقه فلم يسمح لكسب شخصي أو هدف سياسي أو انتماء حزبي أن يشوب نقاء دعوته أو يشوّه صفاء عباءته، كانت زياراته في أفريقيا لا تتوقف في العواصم ولا تعرف الراحة في فنادق المدن الكبيرة بل ينتقل من المطار إلى القرية المقصودة مباشرة ولساعات طويلة من المسير المرهق فكأنه في سباق مع دقات الساعة.

   وأخيرا كان أكثر ما يؤثر فيهِ إلى حد البكاء حينما يذهب إلى منطقة ويدخل بعض أبنائها في الإسلام ثم يصرخون ويبكون على آبائهم وأمهاتهم الذين ماتوا على غير الإسلام وهم يسألون: أين أنتم يا مسلمون؟ ولماذا تأخرتم عنا كل هذه السنين؟ كانت هذه الكلمات تجعله يبكي بمرارة ويشعر- رغم ما بذله من جهد -  بالتقصير تجاه هؤلاء الذين ماتوا على غير الإسلام فقطع على نفسه العهد أن يمضي بقية عمره في الدعوة إلى الإسلام هناك، كان كثيراً ما يتنقل براً وقد حدث أن سافر بالقطار في أكثر من أربعين ساعة بفتات الخبز وقام بالزيارات التي يقطع فيها الساعات بين طرق وعرة وغابات مظلمة مخيفة وأنهار موحشة في قوارب صغيرة ومستنقعات منتنة كان هم الدعوة شغله الشاغل حتى في اللقمة التي يأكلها فإذا وصل إلى قرية واجتمع أهلها قال لهم : « ربي الله الواحد الأحد الذي خلقني ورزقني وهو الذي يميتني ويحييني.»

  وسئل مرة متى النهاية؟ فقال : -

«النهاية حتى يأتي اليقين فالحساب عسير عسير ، وأنتم لا تعرفون ذنوب عبد الرحمن السميط. سألقي عصا الترحال يوم أن تضمن الجنة لي، وما دمت دون ذلك فلا مفر من العمل حتى يأتي اليقين فالحساب عسير، كيف يراد لي أن أتقاعد وأرتاح والملايين بحاجة إلى من يهديهم وكيف أرتاح بدنياً وكل أسبوع يدخل الإسلام العشرات من أبناء الأنتيمور من خلال برامجنا ونرى كل يوم أن المناوئين للإسلام لا يدخرون جهداً ولا مالاً في سبيل إبعاد أبناء هذه القبيلة - التي كانت عربية مسلمة - عن الإسلام وينفقون كل سنة عشرات الملايين ولديهم عشرات من العاملين هنا .

   توفي عبد الرحمن السميط يوم الخميس 8 شوال 1434 هـ الموافق 15 أغسطس 2013م بعد مُعاناة طويلة مع المرض، ومسيرة حافلة في مجال الدعوة الإسلاميَّة والأعمال الخيريَّة، تم دفنه وتشييع جثمانه في بلده الكويت في مقبرة الصليبيخات ظهر يوم الجمعة  9 من شوال 1434 هـ  الموافق 16 أغسطس 2013م وخرج عدد غفير من الكويتيين وعدد من الوافدين من جميع الطوائف والتيارات وفئات المجتمع لحمل جثمان عبد الرحمن السميط في جنازة لم يُر آخرها مِن كثرة المُشيّعين حيث حضر جنازته جمع غفير من الناس والكثير من الشخصيات البارزة.

   نسأل الله أن يغفر ويرحمه ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة  مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .. اللهم أكرم نزله ووسع مدخله ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .. اللهم اغسله بالثلج والماء والبرد .. اللهم نور قبره واجعله روضة من رياض الجنة .. أمين .

   " إنا لله وإنا إليه راجعون " اللهم اغفر لعبدك عبد الله السميط " أبي صهيب " وارحمه و عافه و اعف عنه ، اللهم أكرم نزله و وسع مدخله اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب و نقه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس و اغسله من خطاياه بالماء و الثلج و البرد اللهم أبدله دارا خيرا من داره و أهلا خيرا من أهله و زوجا خيرا من زوجه اللهم أدخله الجنة و أعذه من عذاب النار و من فتنة القبر وعذاب القبر اللهم ارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين و اغفر لنا و له وزوجته وأولاده  ووالداي والمسلمين  يا رب العالمين و افسح له في قبره و نور له فيه و اجعل ما لقيه تكفيرا لذنوبه و رفعا لدرجاته وتقبله إماما مباركا تقيا نقيا..

اللهم أمين  .. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ..

 

                                                               بقلم / أ . عبد الشافي أحمد عبد الرحمن 

                                                                  والسلام عليكم .. وشكرا .. وإلى لقاء   

  

  

المصدر

https://ar.wikipedia.org

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author