المرأة والمجتمع_ ألم وأمل (الجزء الثاني) بقلم د:سعيد أبو جعفر/ الأردن
... الى المشغل الذي اتصل بها من اجل العمل صباحا ذهبت وكل أمل وفرحة، وصلت استقبلها من في المشغل بكل حفاوة .. هكذا مضت السنوات الست وهي تعمل بنفس المشغل دون أي زيادات في الراتب، ولكنها جدا فرحة بأنها أصبحت عنصرا فعال في المجتمع عامة وفي البيت بشكل خاص فهي اصبحت بعملها موردا اقتصاديا للبيت.
بدأت والدتها تظهر عليها أعراض المرض وهبوط في الضغط وانخفاض في الوزن وآلام المفاصل، وهي التي كانت أقرب أخوتها لأمها فهي لها بمثابة الأخت والصديقة والأم وكل حياتها، هي التي تشرف على تمريضها بحب وحزن شديدين لشعورها بأنها قربت ساعة الفراق للأم الصديقة الحنونة.
وبعد رحلة صراع مع أوجاع الأمراض رحلت الأم مخلّفة ورائها فراغا نفسيا ومكانيا لا يستطيع أحد تقديره إلاّ ( نجاة).
ومن طبيعة (نجاة) الثقة بمن حولها فقد اشتركت مع زميلاتها في المشغل جمعية مالية شهرية بحيث تجمع من المشتركين المبالغ المتفق عليها وتعطى لشخص بحسب القرعة، ولكن فرحتها لم تكتمل بالحصول على المبلغ التي تحلم به لتسديد الكثير من التزامات البيت.... فمن كانت تجمع المبالغ من المشتركين غادرت المشغل لغير رجعة بما جمعت، دون أن يعرف أحد عنوانها، وعلى اثر ذلك أصبحت تعاني من آلام في المعدة وانتفاخات مزمنة وكما قال الأطباء هذه أعراض القولون العصبي .
وبازدياد مرض الأب تعاظم حسن عنايتها بوالدها وتلبية جميع طلباته، لا بل وأصبح جميع أفراد عائلتها يعاملونها بكل الحب وكأنها الأم، فهذه أختها (ريم) المتزوجة من رجل لا مبالٍ ازدادت مشاكله بالإضافة الى تقصيره المتصاعد بإلتزامات البيت فضاقت عليها المعيشة، أصبحت تلجأ لها لسماع نصائحها من أجل الوصول الى حلول لمصاعب حياتها الزوجية.. وذاك اخوها(شريف) الذي يعمل في مطعم بأجرة متواضعة، ذات مساء، أشارت عليه بالالتحاق بدورة انتاج طعام ليزداد خبرة ويحصل على فرصة عمل أفضل بشهادته بعد اجتيازه الدورة، ولحسن الحظ، حصل على فرصة عمل- بعد حصوله على شهادة انتاج طعام – في احدى دول الخليج العربي.
وذات يوم، اقترب منها صاحب المشغل (مُسِرّاً لها) ان هناك تاجر قد رآها في المشغل إثر حضوره لاستلام بعض منتجات المشغل لتسويقها، وسأل إن كنت متزوجة ام لا لأنه يبحث عن زوجة ثانية، فقالت : سوف أخبر أهلي اليوم، ولكن لا بأس، قل له ان يحضر غدا لنرى ونتحدث بحضورك عمي أبو علي.
وحضر الرجل في اليوم التالي بناء على الاتصال الهاتفي من العم أبو علي صاحب المشغل، وجلسوا في المكتب. وبادئته بالسؤال المباشر، لماذا تريد زوجة ثانية؟ فقال:(مشعلاً لفافته) التعدد حلال يا سيدتي، وأنا قادر على فتح بيت آخر. قالت: وزوجتك وأولادها؟ قال: هم في بيت وأنت لك بيت آخر، سوف أبتاع لك بيتا مستقلاً. قالت: وهل هم موافقون على زواجك الثاني؟ قال: بصراحة بعضهم عارض الفكرة ذاتها وزوجتي لا تعرف حتى الان. قالت: ألا تريد إخبارها؟! أجاب بتردد: سوف أخرها ولكن، ليس الآن. وأشغل لفافة أخرى مرسلاً دخانها في فضاء المكتب، فأخذت تسعُل بشدّة. لم يطل الحديث، حيث أنهت الكلام بـ (سوف تعرف ردي مع العم أبو علي) بعد أسبوع. وقال أبو علي: الله يجيب الخير.
أخبرت أهلها بالحديث الذي جرى وسألوا عنه في منطقة سكناه والنتيجة التي خلصوا لها أنه غير مناسب أبدا.
هي كانت في قرارة نفسها قد اتخذت القرار بالرفض، فهو مدخن شره، يكثر الحديث عن نفسه، وزوجته انسانة رائعة جداً لا ينقصها شيئا.
وبعد ايام قالت للعم أبو علي: قل له( ما في نصيب)، فأنا سوف اعتني بوالدي ولا افكر بالزواج. ولا أرى أن الزواج سوف يضيف لحياتي شيئا جميلا بعد هذا العمر فكيف إذا كان بمواصفات ذلك الرجل!
قيل لحكيم: قل لنا ما هي السعادة وأوجز؟
فقال: القناعة.
You must be logged in to post a comment.