اعود كل يوم الى منزلي، احمل معي سؤال واحد يشغل تفكيري .. لماذا قتلتهم؟
كلماتهم المتوسلة مازلت عالقه في عقلي تتردد باستمرار، اتناول عشائي واذهب الى النوم لكي اهرب من ذنبي تجاههم فأجدهم بأنتظاري بعيونهم البيضاء الخالية من الحياة ولونهم الابيض الشاحب يعذبون روحي بصمتهم ونظراتهم الميتة!
استيقظ في الليلة الواحدة لعدة مرات على صوت انين ونحيب واحياناً صراخ وبكاء، الا تلك الليلة التي استيقظت فيها على صوت انثوي يغني احدى الاغنيات القديمة
" خايف أقول اللى فى قلبي تتقل و تعاند وياي. و لو داريت عنك حبي تفضحني عيني فى هوايا"
ظللت ابحث عن مصدر الصوت في جميع غرف المنزل، كلما اقترب من الصوت يبتعد وينتقل لمكان اخر حتى اختفت الاصوات تماماً، الى ان استسلمت وعدت لكي أكمل نومي في هدوء لأجد السرير يغمره الدماء الطازجة وفي اوسطه صورة لعائلة مكونة من اب وام وابن وابنة اظن انني اعرفهم جيداً فقد كانوا احد مأمورياتي منذ خمس اعوام، باب من ابواب الجحيم الذي اعيشه حتى الان في نومي ويقظتي!
عملي لا يقبل النقاش ولا التراجع ولا الرحمة، ذلك خائن اقتله "حاضر وينفذ" هؤلاء اعداء للوطن " لن يكون لهم وجود على الارض"، هذا يهدد مصالحنا " لا تقلق سأفعصه مثل الصرصار القذر"، لم يفرق معي يوماً ان كان هذا برئ ام ذلك لا يستحق الموت، انا اؤمر وانفذ ليتهم يفهمون هذا، لو تركتهم ليعيشوا سيأتي غيري لينهي المهمه !
رغم ما يقال عن قسوة قلبي الذي مات من سنوات لا أخبئ عنكم انني الان خائف كالطفل الصغير بل واكثر! انا لا اعرف ماذا اواجه وما هو مصيري!
باب الغرفة يغلق وتطفئ الانوار بالكامل وانا مازلت اقف في زهول وقلة حيله انتظر ان يخرج لي شئ ما لينهي كل ذلك بطلقه نارية في رأسي او سكين يخترق قلبي اي شئ..اي شئ ينهي تلك اللحظات الغامضة، ايادي تخرج من العدم تمسك بأطرافي وتسقطني ارضاً لم اتمالك نفسي من الصراخ والتوسل لكي يرحموني، تفتح الانوار لأجدهم حولي بأعينهم الميته ولونهم الشاحب، تمسك احداهم بقدمي وتحفر فيه بأظافرها الطويله وهي تنظر في عيني، شعور بالآلام يتزايد والرعب يقتلني ببطئ شديد الى ان جأت الرحمة من السماء فأغشي علي لتنتهي تلك اللحظات الصعبه.
استيقظت لأجدني علي سريري ولا يوجد اي شئ غريب ، لا دماء، لا صور لاحد ، لا جثث شاحبه بعيون هجرتها الحياة، ولكن هناك الم في قدمي التي كانت تمسكها تلك الملعونه الشاحبة، وهناك رساله صوتيه من احد الجيران بالدور العلوي (امجد باشا خير ان شاء الله احنا سمعنا صوت صريخ جاي من عندك انهاردة قبل الفجر تقريباً حتي انا نزلت فضلت اخبط يجي ربع ساعة ومحدش رد يارب تكون بخير ابقي طمنا عليك....)!
انتهت الرسالة وبدأت دقات قلبي تتزايد ببشاعة وشعرت بجفاف تام بحلقي وقررت ان اري ما الذي حدث لقدمي لأجد كلمتين "ستتمنى الموت"! اسمع صوتها خارج الغرفة تلك الجثة الشاحبة ذات العيون الخالية من الحياة!
صوتها جميل ..جميل جداً لكنه مخيف..لا بل مميت " خايف أقول اللى فى قلبي تتقل و تعاند وياي. و لو داريت عنك حبي تفضحني عيني فى هوايا"
You must be logged in to post a comment.