الوجه الآخر

الوجه الآخر

من يعيش الحياة ويقترب كثيرًا من الواقع يجد دائمًا الوجه والوجه الآخر للأشياء، وغالبًا ما يحمل الوجه الآخر قبح الصورة وليس جمالها، ومن منا يفضل رؤية هذا الوجه الآخر، بل ويحاول تجنب رؤيته إذا شعُر به.

وحينما يكون الوجه الآخر هو الوجه الصادم، وما أصعبه لو كان بداخلك، ولا تشعر به أو تتجنب ادراكه، من المعتاد أن يرى كل شخص الصفات الجيدة به حيث أن هذا يعود عليه بالثقة بالنفس، ولكن حين يتجنب إدراك الوجه الصادم داخله أو يمتنع عن تصديق أن هذا الوجه لديه يصبح الأمر به مشكلة.

المشكلة ليست فقط فيما يعانيه، المشكلة فيما يعانيه المحطين من حوله، فيمكنه أن يؤذي من حوله من خلال ردود فعل تعبر عن هذا الوجه الصادم، وأدعي أنه صادم لإنه عادةً ما يكون مفاجئ للآخرين، وكأنهم يتعرفوا علي هذا الشخص لأول مرة.

أدعي أنه صادم لإنه حينها دون أن تشعر تصدم من يتواجه معك في موقف يتخلله سوء فهم برد فعل قاسي لا يتحمله، ومن الممكن أن يعاني منه فترة من الوقت، لا تستهين بوصفه قاسي، فهو وصف دقيق لإنك أظهرت لمن لا يقصد لك الإساءة، قبح ما بداخلك.

لا تتعجب الإنسان دائمًا ما يترنح في داخله بين الجمال والقبح، وهناك الكثير ما يغلب بداخلهم مساحة الجمال، وآخرون مساحة القبح، والنوع الأخير لا يمكن أن تمر تجربتك بالحياة دون ان تقابله، وتعاني منه في كثير من الأحيان، وخاصةً وإن كان كما ذكرنا يتجنب أو يمتنع أو يستنكر وجود هذا الوجه الصادم لديه.

اكتساب هذه المساحة من الجمال أو القبح ناتجة عن تراكمات، وأفكار، ومبادئ تتكون داخل كل شخص منذ نشأته لا يمكن بسهولة تغييرها إلا إذا أدرك الشخص نفسه مشكلته، وسعي لتغييرها بيده وبإرادته.

هناك من القصص التي تجمع أطراف مع أطرافٍ أخرى يملكون هذا الوجه الصادم ولا يمكنهم التخلي عنهم، ما قسوة هذه التجربة على من يمر بها حيث لا يمكنه الابتعاد، ولا يمكنه الاقتراب، وحيرته تزداد يومًا بعد يوم خاصةً وهو ينتظر في أي لحظة هذا الوجه الصادم ليطل عليه بردود الفعل القاسية والغير متوقعة.

هذا الطرف الذي يحرص على الاستمرار هو من يسعى آملًا تغيير الطرف الآخر، ليدخل بعدها في دوامة كبيرة من المحاولات، والتي يتخللها القليل من اللحظات الحلوة والمؤثرة التي تتلاشي داخل مشاعر الخوف، والقلق والتوتر، وعدم الثقة تجاه الطرف الآخر.

لا يمكنك الحكم على الآخر بسؤالك البسيط" لماذا هو مستمر مع من لا يستحق؟"، في النهاية هي مشاعر لا يمكنك الحكم عليها أو التعجب من وجودها تجاه هذا الطرف الذي لا يستحق، وإلا كانت أصبحت الإجابة حاضرة لمن اقتحمته مشاعر الحب بسؤالك له" لماذا أحببته؟".

في النهاية لمن لديه قصه تجمعه مع طرف يملك هذا الوجه الصادم أو مر بتجربة جمعته مع هذه النوعية، اعلم أنك أقوى بكثير بما تمتلكه من مساحة الجمال التي بداخلك، لا تهتز واعلم أنك كلما واجهت من قبح الآخرين، تكتشف مع الوقت مواطن الجمال لديك.         

    

 

رهام ابراهيم

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ١:٥٩ ص - Kawthar hasan
About Author