تسع و أربعون كذبة و كذبة

 

في يوم لم يكن بالحار، وفي ساعة أقبلت على الفجر، استيقظ سعيد من نومه، وبالكّد قام من مرقده. فاستقبل اليوم بفأل كبير، واستغنى به و هو بعل فقير.

فانطلق إلى وجهة أرادها، وأسرته بالكاد فارقها. حتى يحظر لهم من العيش، ويقلع عن ما كان فيه من الطيش.

 

فلما وصل إلى بلدة توحي الخير بالنظرة. دخلها وهو فارح، وبنيل الرزق هو طامح.

فاستقبله شيخ على المشارف، ومن البلدة جعله بالخائف. أخبره بما هو له عجب وعن خطر منه قد اقترب، أخبره عن هاجس السلطان، الذي ليس له مثيل في عرض الزمان.

أنه في مثل هذا اليوم من كل عام، من وجد في الطريق هو بملام، إذ يعرض على السلطان ويضطر أن يجعله بفرحان.

أن يحاكيه عن ما لم يسمع، وإن أبهجه هو سينفع، إذ يمنع من القتل، ولن ينجو إلا إن أحسن بالقول .

أكمل سعيد الطريق غير مبال، ودخل السوق فوجده خال، فبدأ الخوف يتعب ساقيه، وخر على الأرض لما وقف الجند بين عينيه.

فندم إذ لم يسمع للشيخ، ثم سيق إلى القصر وهو منهار كالرخ.

فعرض على حضرة الملك، وهو يرى نفسه بالهالك. فطلب منه أن يرتاح للغد، حتى يمكنه أن يقابل بجد.

 

وهو نائم في مرقده، حضره أبوه في منامه. فقص عليه قصة، على تكون عليه حريصة.

فلما عرض على الملك ثانية، قابله بنفس سامية، فقال له سأقص على مسامعكم، ما لم تسمعوا في حياتكم.

كنت يوما أنقل الأحجار، على ظهر ديك جرار، فجرح ظهره من الحك، فداويته بمصل مبروك. فنبتت في ظهره سنوبره، وفي يوم صارت شجرة.

فحط عليها عصفور، فضربته بحجر تربة مقدور، فانتشرت في السماء أرضا للزرع، وكي أزرعها أصبحت بالهرع، كيف سيصعد إليها ثوران، ومن الأمر أصبحت بحيران.

ثم أعطيت لهم صبير للأكل ، وأصبح لعابهما كالسيل، ثم أمسكتهما من بساقهما، وإلى تلك  الأرض رفعتهما.

 

بينما أنا عنهما غافل، اختفا عني وعن المناهل.

فنضرت في عين إبرة، فرأيتهما قرب بحيرة، فقررت أن أجعل قربها مزرعة، وفي رعاية الغلة أن أبرع.

بعد زمن، الزرع التقمه الحوت، وكدت أوكل معه وأموت.

 

فهربت بعدها إلى الصحراء، وزرعت في أرض جرداء، فانتظرت حتى نمو الغرس بدأ، ثم في ليلة أتلفته الندى.

بعد كل ما حدث قررت أن أدخل الديار، و أن أقلع عن الفلاحة  ذات الأخطار.

 فبينما أنا مع أهلي، صرخ رجل هو خالي، إلحق جدك سقط في الصحن.

 

فأدركته وأمسكته من الذقن، حتى أن يخرج قدر، ثم برميل زيت من لحيته عصر.

فسقطت قطرة في رأس أقرع، في لحظة نبت في رأسه شعرا هو بأورغ.

فجعل بعدها الزيت دواء، وتهافت عليه الرجال والنساء، ثم احترفت بعدها التجارة، أبيع ذاك الدواء والبشارة.

فسقت بغلتي بالحمولة إلى وجهة عني مجهولة، فوصلت إلى سوقكم هذا، فساقوني كي أقص قصصي هذا.

فابتسم الملك ثم ضحك، فعفا عن سعيد وما هلك.

فقال له بعد ذلك لقد عددت كذباتك فوجدتها تسع وأربعين أو ربما زادت و لا احمل على تكذيبك وإن هي لي بالكذب بانت  و لكن بغلتك التي دخلت بها السوق لم يعثر عليها حرسي وهي عليك إثم فسوق.

 فأجابه سعيد أن بغلته لما ساقها عثرت عند باب المدينة، و لم تقدر أن تدخل منه كأنها أصبحت جد بدينة.

 فلما استبينت أمرها، فإذا بالزيت سال على جنبيها، فنبت فيهما شعر كثيف، فصارا جناحان وشكلها أصبح مخيف.

 

 فرميت برباطها وهربت منها، ثم طارت إلى السماء،  وابتعدت في هنيهة.

فردّد الملك و قد غلب عليه الضحك: إذا هي تسع وأربعون كذبة و كذبة.

. فسعد  بعدها سعيد مع أهله، ثم اعتز بما املكه السلطان عن فراقه.

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author