ثلج أسود

كل شيء من خيالي

نهضتُ اليومَ من نومي مبكراً .. الكهرباءُ مقطوعة ، الناس في سبات عميق، الجمعة حظر ومنعٌ للتجول بسبب فيروس كورونا ما بعد اللامعقول الملعون وأولاده اللقطاء، فتحتُ النافذة ..  كنت أظن ان الأرض قد اكتسبت بالثلج، لكن الثلوجُ تتراكم ُ مرتفعةً على أديم قلبي  لتسد الطرقات  والشرايين  ، عُدتُ الى فراشي مرةً أخرى ، لبستُ طاقيةً من صوف على رأسي ، تكورت في الفراش بحثاً عن الدفء ، لكن البرد يؤذيني وﻻ أعلم كيف يتسلل من طرف اللحاف ، أحاول أن أتجمّعَ على نفسي . 

منذُ طفولتي والشتاءُ يعني لي مواسمَ الحزن ، لستُ أدري حينما يتساقط الثلج  النفسي لماذا تحاصرني اﻷنثى التي  في داخلي ، أنفخ نَفسّاً في يديّ... أفركُ وجهي ببقايا دفئهما ، أبحثُ عن ظلي... وأتذكر أن الظل يختفي في ليالي الشتاء ، ﻻ يرافقني اﻵن سوى  أحلامي وبعض الذكريات ، هنا ينام قلبي،  قلبي لم يعد كما كان سابقاً    .. هنا يرقد جسدي، - أتذكر أنه كان لي جسد -. هناك تسافر أشواقي ( ﻻ قمح في حقول الفقراء ) ، أشعر أنني عَالمٌ ثابتٌ وكلُ من / ما /حولي متحرك ،  أحسُ أن جباﻻً من الهَّم ترقدُ على صدري ، عندي يقين  أنه هو مَنْ  سرق أحلامي ، أكره نزار قباني ، فقد أوقد في جسدي ثورة،  وﻻ أعلم لماذا أسترجعُ مقولة أرسطو "إن جسدَ الرجل أجملُ من جسد المرأة "   ، أندمُ أنني قرأت إبن رشد والغزالي، فقد عاثا في عقلي فساداً ، اﻵن سأحمل عصاي وأهشُ بها على بقايا عمري  ، أحاولُ البكاء، لكنني موقنة أنه ﻻ شيء يستحق البكاء ، ﻻ أطمح في هذا المجتمع الظالمِ أهلُهُ سوى أن يدعني أعشق خطوطَ يدي .

عدت مرة أخرى للوقوف أمام أكوام الثلج  الأسود التي تملأ قلبي، ولوﻻ الخجل لقفزت من الشباك ولطاردت ذلك الطائر الجميل الذي يمشي متبخترا على ثلج  قلبي ، تمنيت أن أكون مثله فهو ينشد الحب على جناح غيمة، لكنني أعاني من حالة كسلٍ مزمن  .. قلبي يمطر شوقاً الى أمي التي رحلت وتركتني في مهب الريح .

عادت الكهرباءُ بعد انقطاع .. 

 وقفتُ أمامَ المرآة .. مرآة روحي المُقعرة

يا إلهي :

 حقا أنا جميلةٌ ...عيوني عسلية ، أظافري مطلية باللون اﻷحمر ، بيجامتي " فوشي" ، صوتي أنثوي ..روحي نقية ،  حاولتُ أن أكلم نفسي ، نعم صوتي رخيم ، ابتسمت .. إبتسامة دافئة ، عطري جميلٌ، إنه كرائحة اﻷرض حين يلمسها المطر ، بريقُ عيوني يأسر اﻷسد ، إسمي " سوسو   "شعري طويل،  لكنني سأقص ظفائري وأرميها للعاصفة الثلجية  التي تتراكم في قلبي ، كلُ شيءٍ في الحياة جميلٌ وإنْ لم يحالفني الحبُ، "الحبُ بدعةٌ ابتدعها الرجال، والبدعةُ في الدين مذمومة " ، .. فقط هي الخيبةُ، وبقايا أحلامي  المؤجلة التي أحملها على ثلج قلبي .