الؤلؤة الخامسة الصدمة
ثم ألقی البحر بلؤلؤة بيضاء معرقة بالسواد ينعكس عليها الضوء فكأنما تتحرك تعاريقها تحير الأذهان وتجذب الأنظار وما إن اطمئنت لها العين وكاد أن يدرك سرها القلب تكسرت بل تفجرت فارتعاني ما ارتاعني وخرج منها صور شاب يبكي وشابة تصرخ ثم تسقط أرضا وصمت مريب اجتاح رجلا بدا في عينيه كأنه يريد الموت خير مما هو فيه
إن معظم الخوف يقع في الصدمة هل لو علمت أن المصيبة ستقع لكان وقعها أخف لذلك الصبر عند الصدمة الأولی
هذا الصمت الذي يعبر عنه في العامية بالهدوء الذي يسبق العاصفة
هذا الصمت المتكلم الذي تصم الآذان لهول ما تسمع إنه يعزف سيمفونية الموت
هذا الصمت الذي يأخذ منه الشاعر شاعريته والفنان رسمته والكاتب قصته ليكمل بعد ذلك هذه اللوحة التي تنتهي بالصرخات والويلات
صمت يجعل القلب يتنبه له حتی اذا اطمأن وفرح. كسرته ظلال هذا الصمت صرخة الطبيعة أن لا بقاء إلا لخالقها
إن الصدمات هي مفتاح القلوب
هي رسالة من رسائل الغيب تنبه النفس من غيبتها
قد نری الصدمة شئ سلبي لكنها في الحقيقة عطاء كبير
كل صدمة مررنا بها وكل تجربة سيئة كانت زيادة في مخزون ثقافتنا عبر الزمن فنتعلن من ماضينا ومن أخطائنا قد تعيقنا الصدمة عن الإكمال لكن سرعان ما يتحول ألمها إلی قوة دافعة
هذا الحب الذي صدمنا أو هذا الموت الذي جاء فجأة بل درجة الامتحان التي لم أكن متوقعها كانت كلها دوافع الأول دافع للحفاظ علی العواطف فنتبه لمن نحبه والثاني نتنبه من غفلتنا ونبتعد عن الأخطاء والثالث يقظة لكي نذاكر
إن البحر ألقی بموجة كانت صادمة لكنها فاحت بحقائق كثيرة أن البحر لا يركبه إلا الشجعان فليحذر الجبناء
You must be logged in to post a comment.