منذ اعوام اذكر تلك الشرفة.. تماما كهذا اليوم، كنت اقف امامها وانظر الى الحديقة التي تطل عليها والامطار تهطل بغزارة.
اقف لساعات أمامها لا أمَلُ ابدا ويأخذني واخوتي حديث دافئ، وساعات ضحك ومرح كنا نقضيها هناك، تنتهي بنا حكاياتنا ونفترق كلا في دنياه.. غريبة ايامنا.. كيف سرقت تلك الضحكة منا.. واين ذهبت حديقتنا؟؟!!
كنا صغارا نلهو على ارجوحة هنا.. علقها لنا والدي لنمرح معا.. واغنياتنا التي تراقصت معها اغصان الاشجار، والعيد وتلك الملابس الجديدة التي كنا نحضنها من ليل العيد حتى نفرح صباحا بها.
واليوم اقف على شرفةٍ بغيضة وحدي.. الالم يعصر روحي.. والبلدة ليست بلدتي، ولا أعرف أحدا هنا!
تؤلمني الوحدة بخباثة ذكرياتها أكثر بكثير من خباثة المرض!
وتبكيني مُر الحياة أسوء من مُر الدواء.. والايام الخالية من اي حدث سوى الالم، تمر وتمضي وحدها وتسرق مني العافية شيئا فشيئا.. وأبكي ندمي على حديقتنا.. اين ذهبت وأخذت منا كل الفرح؟!
وأين نحن منها؟!
الارجوحة حلقت بنا ورمتنا لبعيد غريب وكل منا في دنياه يعاني، والاغصان تطايرت من شدة الرقص أوراقها!
أتراهم سيذكروني؟ أم أني سأموت وحدي هنا؟!
وانا وقد اخبرني الطبيب أني لن اتعافى ولم يتبقى لي ايام في هذا العالم.. كتبت اوراق الذكريات علها تمحمو الخيبات.. وكتبت لقلوبهم رسالة، نصها أني اشتقت لهم كثيرا.. ودعوتهم لنجتمع في حديقتنا على ارجوحتنا ونلهو ولنغني ولتتراقص الاغصان مع غنواتنا..
ولنعد كبوبا من الشاي ونجلس امام الشرفة في المطر ونضحك بأعلى اصواتنا..
_ وانطفأت اضواء الغرفة في المستشفى والاجهزة وغادر الطبيب.. أما هي فالى رحمة الله..
وباتت الحقديقة خاوية
You must be logged in to post a comment.