جلست نبيلة على كرسي بأحد الحدائق العامة وتذكرت ما حدث بينها وبين المخادع شاكر بعد ان قرأت خبر وفاة فريد وحديثهما سويا عندما قال شاكر:
-إنها مصادفة.
-لا ليست مصادفة، لقد كان العصير مسموم، عصير التفاح.
-لا تتعبي نفسك بالتفكير.
-هل تظنني جاهلة؟ لقد تعجبك من الجمل التي اقولها للسيد مراد ويبدو انك كنت تدبر جريمة وانا ساعدتك بدون ان ادرك ماذا افعل.
-نعم أنتى متورطة معي بجريمة قتل، ماذا ستفعلين الآن؟
-سأخبر الشرطة بكل شيء.
ثم تذكرت ما حدث بعد هذا الحوار عندما تركته وظهرت سيارته الرمادية واصطدمت بها وكان سائق السيارة ينظر بعيونها مباشرة وهى تسقط على الأرض وهو شاكر.
بعد ذلك فكرت فيما ستفعل اذا ابلغت الشرطة ربما يحاول قتلها هذه المرة، حتى ظهر منير أمامها وهو يقول:
-وأخيرا وجدتك.
-منير!!
-يبدو ان ما تذكرتيه شيء سيء.
-هل يمكنني الوثوق بك؟
-بكل تأكيد.
-لقد قام رجل بخداعي.
-هل هذا صاحب العيون الخضراء؟
-نعم هو.
بدأت نبيلة بشرح كل ما حدث لمنير وفكر معها كيف ستتخلص من تلك الورطة، بينما في ذلك الوقت استيقظ السيد مراد الذى ذهب في نوما عميق كما أخبره شاكر وبدل أن يثق السيد مراد بشاكر على العكس قام بالشك فيه وشعر ان شاكر يتلاعب به ومن الطبيعي انه تناول منوم بطريقة ما، وهذا ما جعله يستشير سكرتيره بمراقبة شاكر وجمع اكبر قدر من المعلومات عنه.
بعد أن انتهى السيد مراد من حديثه مع السكرتير توجه إلى غرفة شاكر وقال له:
-لقد نمت حقا واستيقظت للتو.
-أخبرتك، فأنا جيد بقراءة الفنجان.
دخل السكرتير للغرفة وقال:
-تلك المرأة البدوية على الهاتف، تود محادثتك يا سيد مراد.
وهنا قال شاكر بتلقائية:
-مَن؟!!
قال عمه:
-انها قارئة فنجان؛ ثم خرج من غرفة شاكر وقام بالرد، وفى ذلك الوقت كان شاكر يفكر هل نجت نبيلة، لقد صدمها صدمة قوية، بماذا ستخبره؟! هل ستخبره بما فعلته؟!
خرج شاكر نحو عمه وقد اغلق السيد مراد الهاتف للتو، فقال شاكر:
-عمى لا تنخدع بالدجالين، فأنت اخبارك تملئ الجرائد وفاة فريد وظهوري المفاجئ ومحاولة قتلك، ربما تتقرب منك تلك الدجالة بالتخبط بي ك مثال.
-لما كل هذا القلق؟!
عندما سمع شاكر هذا السؤال ادرك ان نبيلة لم تفضح أمره بعد، فلو حكت الحقيقة كان السيد مراد أجاب بانها حقا تخبطت به ثم اخذ انفاسه وقال:
-إذن لماذا اتصلت تلك الدجالة؟
-تود أن أقيم حفلة قهوة عائلية، وستقرأ الفنجان لي وللسكرتير، ولم أخبرها بأمرك منتظرا أن تعرف مَن تكون بالنسبة إلي.
-لا أريد مقابلتها.
-لماذا؟
-بدون سبب.
-لا، لن أقبل بهذا، انتظرك بحفلة القهوة.
عاد شاكر إلى غرفته وفكر على ماذا تنوى تلك الفتاة الساذجة؟! وكيف نجت من الحادث؟ وهل يا ترى تفكر بإخبار عمى عنى وعن ما فعلته؟ وهل تعلم أنى الان مع اوراق تثبت أنى ابن اخ السيد مراد؟
وبعد قليل جلس معه السكرتير وقال:
-عمك يشك بك.
-كيف؟! ألم تخبره أن جميع أوراقي سليمة وأنى ابن أخيه حقا؟
-هو صدق انك حقا ابن اخيه، المشكلة تكمن في أنك أوقعت نفسك بنفسك، لقد شك بك وهو متأكد انك اعطيته منوم.
-لقد فكرت ان هكذا سيثق بى.
-ومنذ متى وأنت تفكر؟! أنا مَن خططت لكل هذا من البداية وأنت فقط تفعل ما أقول.
-أخي عليك ان تجعله يثق بى مرة أخرى.
-لا تنطق كلمة أخي ابدا، واعذرني لا اجعله يشك بك حاليا ربما يشك بي أيضا، سأفكر لأحل تلك المشكلة، بالمناسبة أخبر تلك الممثلة بأن تخبره بأن يسافر للخارج.
-لا، لقد.. لقد حاولت قتلها بعد ان كشفت سري، ولم أخبرك حتى لا تغضب واكتشفت الان انها مازالت على قيد الحياة.
-حاولت قتلها!!!! لماذا لم تخبرني؟!
-كانت ستخبر الشرطة فعالجت الامر.
-على ماذا تنوى تلك البدوية يا ترى؟!
-أظنها ستحكى الحقيقة للسيد مراد وإن شك بي سيدرك الحقيقة، هل نمنعها من دخول القصر؟
-على العكس، يبدو أنه حان وقت التخلص من مراد وأن تلبس التهمه تلك الفتاة ولا تنسى أن من المعروف أن حياة السيد مراد مهددة وهناك كاميرات أمام القصر فبعد أن ترحل تلك المرأة سنقتل السيد مراد ونتصل بالشرطة ومعانا دليل أنها مَن زارته، وإن تحدثت أمام السيد مراد بشيء لا يهم لأننا بالنهاية سنقتله قبل فعل أي شيء، وحينها مهما اخبرت الشرطة من الأقاويل لن يصدقها أحد.
في اليوم التالي جلس السيد مراد ومعه السكرتير وشاكر والبدوية نبيلة ومعها منير، وطلبت من السيد مراد أن الذى يعد القهوة هو مساعدها منير، وكانت نظرات شاكر نحو نبيلة نظرات تهديد وحاولت نبيلة تجنب تلك النظرات حتى وصل الرعب إلى قلبها ولكنها بقيت ثابته من الخارج، قام منير بتقديم القهوة لهم عشوائيا وهذا ما طمئن شاكر وأخيه بشرب القهوة، وبعد ان شرب الجميع القهوة بدأت نبيلة بفنجان السيد مراد وقالت:
-تفضل تلك الحبوب اولا قبل الشرح.
-وما تلك الحبوب؟
قال شاكر فى نفسه أن نبيلة تساعدهم بخطتهم بهذه التصرفات وفكر ببصمات الشخص الذى معها وهو من قام بتحضير القهوة وتأكد من نجاح خطته؛ لاحظت نبيلة قلق السيد مراد فنظرت نحو نظرة صادقة وقالت:
-اطمئن يا سيد مراد.
-حسنا.
وبعد أن تناول السيد مراد الحبوب قالت نبيلة:
-هناك مؤامرة حدثت ومازالت تحدث، احذر من اقرب الناس.
-أي مؤامرة؟
-هناك مَن ينوى قتلك.
قال شاكر بصوت عنيف:
-وما الجديد؟! الكل يعلم هذا، هيا أرحلي من هنا فأنتى دجالة.
-لا تقاطعني يا سيد شاكر فأنت الان والسكرتير تحت تأثير سم كان بالقهوة، والذى اخذ الترياق هو السيد مراد.
-ماذا تقو...
وفقد شاكر والسكرتير وعيهما ثم بدأت نبيلة بالكلام:
-أنا فتاة في بداية العشرينات وقام شاكر بخداعي من البداية وحاول قتلى، وهو السبب بمقتل فريد.
-شاكر!! كيف سمم زجاجة العصير؟!
-هذا ما كنت أفكر فيه حتى توصلت للحل وهذا عندما سألت نفسي كيف توصلت إليك؟! وكيف سمعت عني؟ لقد سمعت عني من سكرتيرك كما أن السكرتير هو من تواصل معي لمقابلتك لذلك توقعت أن له علاقة بشاكر بصورة مخفية، وأظنه هو مَن وضع السم والهدف منذ البداية التخلص من فريد، لذلك جعلني اقول جمل معينه وهذا للتمهيد.
-أيعني هذا أن شاكر ليس ابن اخي؟!
-نعم هي خدعة لو كان ابن اخيك لما تخلص ابدا من فريد، ولكنها كانت الفرصة للاستيلاء على كامل ثروتك وللتخلص من فريد حتى لا يكشف الحقيقة وتبقى ثقتك فقط بالسكرتير الذى سيكذب بشأن أي شيء.
-وهل معكِ دليل على هذا؟
-نعم، الدليل الأول هذه صورة ملتقطة من ألات تسجيل وتصوير الفندق الذى كنت اقيم فيه وواضح ظهور شاكر معي وأنا مرتدية زي البدوية وصورة وانا بزي عادي، الدليل الثاني لقد قام شاكر بالاصطدام بي بسيارته بعد أن علمت بمقتل فريد ودخلت المشفى وهذا ما أخرني عن الاعتراف بالحقيقة فلماذا أكذب بعد محاولة قتلي؟
-ولهذا سمتيهما؟!
-لم يكن سم، هذا منوم حتى تصل الشرطة.
عندما استيقظ شاكر وأخيه وجدوا الشرطة أمامهما الشرطة وذهبت معهما نبيلة للإدلاء بشهادتها وحصلت على حكم بالحبس مع إيقاف التنفيذ أما شاكر وأخيه بانتظار الحكم عليهما وفى احد الأيام استطاع شاكر الهروب وفى حفل زفاف نبيلة ومنير وصلتهم برقية من شاكر وعليها صورة فنجان قهوة.
You must be logged in to post a comment.