دموع ومطر

كانت عائدة إلى المنزل في ساعات المساء الأولى وكان الجو ماطرًا ، لم تكن السماء وحدها من تمطر، بل كانت عيناها أيضاً تمطر بغزارةٍ وكأنها ترسم على وجهها كل الذكريات الجميلة التي مرت بها في أيام الشتاء القديمة، أيام المطر في بلدها..

كانت تسكب أنهارًا مالحةً تحرق خديها، مليئةً بالذكريات والمشاعر المختلطة من الشوق والحزن والخوف ولوعة الفراق..

كانت متعبة وكان الطريق طويل وكأنه المرة الأولى التي تمشي بها في هذا الطريق والمطر يزداد غزارةً ودمعها يزداد حرقةً.. 

كان الجو ضبابيًا وخطاها تثقل مع كل خطوة تمشيها.. 

وفجأةً ارتطمت بجدارٍ من الجلد الأسود وتساقطت منها أغراضها التي كانت قد أحضرتها لأعداد العشاء لها ولصديقتها التي ستقوم بزيارتها والمبيت عندها للاحتفال سويّاً بعيد ميلادها الثلاثون.. 

نزلت إلى الأرض لتلملمى ما سقط منها، فإذا بالجدار ينزل معها معتذرًا، وبلغة العربية التي كانت تتشوق لسماعها منذ زمنٍ طويل.. 

أنا آسف سيدتي لم انتبه لوجودك أمامي..

فردت بشكلٍ عفوي : لا عليك أنا كنت شاردة الذهن..

ومن ثم بدأت تضحك وتضحك بصوتٍ عاليٍ جعل كل المارت في الشارع ينظرون إليهم وقفزت فرحانه وهي تردد أنت عربي أنت عربي، سمعتك بشكل جيد أليس كذلك، أنت تتحدث العربية؟!

فبدأ هو أيضاً بالضحك على حركاتها الجنونية واجابها بصعوبةٍ وبصوتٍ متقطع لشدة ضحكه 

نعم أنا كذلك، أنا عربي.. 

نسيت دموعها وأحزانها وبدأت ترقص فرحًا وكأنها عادت لبلدها ووقفت بأرضها التي غادرتها منذ سبع سنوات، وبشكلٍ هستيري بدأت تدعوه لتناول العشاء للحديث في أمور العرب والتحدث باللغة العربية..

لم يمانع ذلك أبدًا وكأنه هو أيضاً متعطش للعرب والعربية.. 

واكملا المسير معاً تحت مظلته التي كان يحتمي بها  من حبات المطر..

وصلت البيت وفتحت الباب ودعته للدخول، فكان سؤاله الأول لها.. 

هل تسكتين وحدك هنا؟

فأجابت بترددٍ غير مسبوق : نعم، أنا هنا وحدي..

 

 

 

يتبع.. 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٢ ص - عبد الفتاح الطيب
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٤ م - Sarora Fayez
About Author