رسالة معلقة

(نصفُ الروح مسمى والحقيقة إنهُ كمالها)

كان كثيراً كما لو أنهُ كان كل الوجوهَ وأشباهها،
كما لو أنه أمضى مع روحي ألف سنةٍ، وساعتان،
وربما دقيقتان أو ثلاث!
إنهُ أرجوحة الطفولة، عُكاز الهْرَم، غيمةُ الصباح الحنون،
دفئ موقدٍ الشتاء في برّدِهِ اللاذع،
نصفُ روحي الذي أصابهُ انطفاء وصار من بعدهِ مُعتِم!
وليسَ لحديثي معهُ توقيتٌ أو مكانٍ واحد!
إنما هو نديمي في كلِ أوقاتي، صاحب قلبي،
جليس عقلي وأكثر زواره،
ولو قَلّة مرات لقائي بوجههِ ذاك،
إلا أنني أحتفظُ له بصورةٍ جميلةٍ في ذهني.
كان يُجيد كل شيءٍ جميل،
يجيدُ إيجاده وصُنّعهُ أحيانا!
يُغرِقُكَ في عُمقِ لطافتِهِ،
فيساور الشك نفسك أنهُ بضعاً منها؟!
أو ربما أحد مواضعها التي في الأرض.
المُذّهِل في أمري معه أنني كلما نظرت
لإحدى صورهِ أصابت بدورها ألآمَهُ التي تسبب بها هو في داخلي أصابتها بخذلانٍ كبير!
وبعدها تُلحق تلك العسليتان التي أُحب بتلكِ الآلام أيضا
هزيمةً فادحه!
وكيف يمكِنهُ ذلك ؟!
ببساطةٍ شديدة احتفظت له ومن أجله بكل شعورٍ دافئ
فيهِ قبسً من دواخل طفلٍ نقي،
كما لو أنهُ عاهد كل شيءٍ أُحب أن يكون هو الأحق والاوفر حباً وحظاً منها.
كان سؤالي الدّائم لنفسي
كيف تغادرنا الأشياء ونحن عالقون بها،
كيف يمكن لحياتنا أن تُصبح بهذا الكم الهائل
من اللامبالاة،
أن لا يعنيك كل ما كان يعنيك،
وأكثر من ذلك أن تتجاهل بملامحٍ ساذجةٍ
أحبُّ الأشياء لقلبك،
كما فعلت أنا ليلة أمس !!
وأظنني سأعتاد فعل هذا على الأمد البعيد.
تلك الليلة المبللة بأمطارٍ شقية،
ومثلها من الليال مواساة لمن مثلي،
طمأنةً، طبطبةً، وفيها سلامً خاص جداً،
فيه حضّن وداعٍ كبير مليء بلهفةٍ محزونة .
إنها من أواخر الليالِ الماطرة، التي سيداعب صوت قطرات أمطارها أُذناي، تجاهلتها بقلبٍ متسارعاً نبضهُ وفيه وخزتٌ لعينة أما أخبرتك ؟!
ينفطر قلبي عند ذكر مشاهد الوداع تِلّك،
معكَ أنت، مع المطر، مع الشتاء وبرّدِهِ،
مع دفئ القهوة على أنغام فيرزونا وصوت المطر،
ولحديث الشتاء في القلب رعشة حُ بٍ مقيم،
كلما حَلّت اربكت النبض بعد انتظام،
أحب الشتاء بقدر محبتك وأكثر قليلاً بالقدر الكبير،
أو أحبك من بعد الشتاء، ففيهِ أصل كل شعورٍ مستوطن،
ومنه الأصل في الحنين
وإليه انتمي وحنيني وصدقَ شعوري وكل ما فيني.
انها تمطر مواساةً لنا لي ولكَ، ولي منك أكثر،
لو أن الفيوم تُجيد العناق،
لو أنها تجيد الحديث، ولو أنها تخبرك عني، عن ذاتِ ليالٍ أمطرت فيها حزناً لأجلي!
أو مثل الفراشات انتي رقيقةٌ وتحزنِ!
وهذا خطابها لي كل ليلة!
هكذا يعيش الكاتب في حيرةٍ بين تزاحم الحروف، كل شخص يدخلُ حياته ويخرج منها مترنحاً بظنٍ لئيم أنهُ طوى صفحةٍ ومضى، يبقى عالقاً بين سطورهِ وفي حبرِ اقلامه وأينما تنظر تراه في كل النصوص التي هي المخارج الوحيده لكل كاتب لينتهي به المطاف يوما ويقرأ الناس سرهُ في رواية!
وأنا هكذا اضع ذكرك في نصوصِ ليشعر الناس بدفء ويزداد حبهم لكتاباتي منك .
(رسالة معلقة لنصف روحي المعتم )


Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ١:٥٩ ص - Kawthar hasan
About Author

Nawal al adamat 8/November Writer