رواية المخيم وجريمة الماضي ج٤

وجاء صوت مزهرية تقع فخرج الاثنان ووجدوا حنان كانت تسترق السمع في حديثهم وكان وجهها محمرا، ربما سبب ذلك كلمات أمجد المؤثرة، ويبدو أنها لم تسمع أي شيء من الحوار الذى دار سوى أخر الكلمات.

- قال عمرو: لماذا تركتي الغرقة؟

- قالت: عندما تأخر أمجد أخبرتهم سأذهب لأتفقده، ولم أجده، ف.. ف.. فظننت أنه جاء ليتحدث معك ولهذا جئت إلى هنا، ولكني قررت العودة وألا أزعجكم ولكني أسقطت الزهرية بدون قصد.

- قال لها أمجد: لا بأس سأزيل تلك المزهرية المحطمة أولا ثم نعود إلى غرفة الجلوس سويا.

وأمسك بقطعة وحنان قطعة ولكن جُرحت يدها، غضب أمجد منها وقال: لا تلمسي شيء، وأحضر عمرو لاصقة وأخذها منه أمجد ووضعها على جرحها وبعد الانتهاء نزلوا إلى السلم.

أغلق عمرو غرفة هاشم ونزل خلفهم ليعود إلى غرفته ونظرته توحي بالغيرة وظل يفكر، هل تلك اللعبة التي بدأها مع تلك الفتاة أصبحت حقيقة؟ هل هو الآن يحب حنان أم أنه إحساس بالشفقة لأنه استغل سذاجتها؟ لا هذا ليس وقتاً لتلك التفاهات الآن وعليه التفكير في تلك الأحداث المخيفة. 

 

وفى أثناء ذلك دار حديثٌ بين ساندي وآسر بغرفة الجلوس.. 

- ساندي أتعلمين أني حزنت لما حدث لفريال، فهي لم تصدق حبى لها. 

- نعم يا آسر، أنا أيضا أتعجب كيف أحببت امرأة مثلها؟

- لأني لم أراها كما ترونها، بل كانت في داخلها وحيدة بائسة تهدف لتحطيم الجميع لتعويض ذلك الحطام بداخلها، كما أنها لا تثق بأحد فقد خدعها الكثير من أجل ثرائها وأنا لا ألومها على ما فعلت بي، ربما لو كنت في مثل ثرائها لصدقتني وتغيرت.

- يبدو أن قلبك مازال حزين عليها يا آسر.

- لست وحدي المفطور قلبه، فلا تحاولي إخفاء حزنك على مقتل هاشم، فجميعنا كنا نعلم بحبك له مهما حاولتِ إخفاء ذلك.

- ما هذا الكلام أنا لم أحبه قط، ولكني كنت بحاجه لمساعدته في البداية.

- لا تخجلي من ذلك فإننا بمفردنا.

ثم غيرت ساندي الموضوع قائلة:

- أين ذهب الجميع؟ ألم يخبرنا عمرو أن نجتمع سوياً؟

- قال آسر: ربما حنان وأمجد يتحدثا، أرجو أن يعود ذلك الثنائي، على الأقل تكتمل قصة حب واحدة..

فدخلا أمجد وحنان الغرفة ثم قال آسر:

- ما رأيكم أني سأقوم بتحضير كوباً من القهوة مع الكعك المحلى؛ هلا تتفضلين معي يا ساندي.

 وابتسم لها وكأنها علامة يقصد بها ترك أمجد وحنان بمفردهم فربما لم ينهوا كلامهم.

ونظر أمجد لآسر نظرة توحي بفهم مقصده ولكن قالت حنان:

- لا، بل سأذهب أنا وساندي، لا ترهق نفسك يا آسر فهذا عملنا نحن

فعبث وجه آسر وأمجد وقالت ساندي في داخلها لم أرى فتاة ساذجة مثلها 

ثم عاد عمرو إلى غرفة الجلوس وقال:

- أين ساندي وحنان؟

- قال آسر: يعدون الكعك والقهوة.

- قال: حسناً، ستأتي الشرطة غدا بسبب أن الموج عالياً اليوم، فاستعدوا للتحقيق وعليكم الالتزام بغرفكم، وعندما يعودان اخبراهم بذلك.

وعاد إلى غرفته وبعد دقائق دق باب غرفته وكانت ساندي تحمل القهوة ليأخذ كوبه وحنان تحمل الكعك ليأخذ قطعته، فشكرهم وأكد على أن الشرطة ستأتي في الغد ثم عادوا إلى غرفة الجلوس.

 

وفى منتصف الليل ذهب القاتل إلى غرفة هاشم وما إن دخل حتى أضاء عمرو الغرفة قائلا:

- هذه شريحة الاتصال ذات الرقم المجهول الذي اتصل بهاشم ليوضعه في موضع الاشتباه وعليه بصماتك يا ساندي؛ هل كنتِ تظنين أني نائماً تحت تأثير المنوم مثل الباقية؟ فخُدعتك كانت مكشوفة فلم أتناول شيء وكنت بانتظارك.

- قالت ساندي: لولا غباء هاشم لما قُتل، فقد كنت أحبه وكان يحبني، لولا أختك التي حطمت حياتي، تركني من أجل أموالها، وتحول الحب بداخلي إلى كراهية وانتقام.

طلبت رقمه ووضعت الهاتف بغرفتي وخرجت لفك الحبل وعدت لغرفتي مسرعة، فلم أجد الهاتف ولكني كنت مجبرة على العودة للمسرح كي لا يثير غيابي الشك، وعندما انتهى التحقيق ولم يظهر ذاك الدليل، ظننت أنه سارق أو طفل عبث بأشيائي، إلى أن واجهني هاشم في الباخرة وقال لي: 

o احذري فذلك الشخص الأخ غير الشقيق لفريال.

o فقلت له: ولما عليا الحذر؟

o قال: أنا أعلم كل شيء، فالدليل الذي أردتِ إدانتي به وهو عدم وجودي وقت الحادث كان الدليل على معرفتي بأنك الفاعلة؛ فعندما لم أسمع شيء أغلقت المكالمة وعاودت الاتصال مرتين، وتوقعي ماذا حدث؟ سمعت رنة بجواري مرتين، فوجدت الهاتف بغرفتك وسمعت الضجة فأخذت الهاتف وتحركت مسرعاً.

ولذلك ما شعرت به لم يكن دواراً للبحر وكان أثر للصدمة وعندما أخذت الحبوب المنومة من آسر جاءتني تلك الفكرة، ولكن كيف وجدتها؟ أين أخفاها؟

- قال عمرو: لقد خدعتُك، إنها شريحة الاتصال الخاصة بي والشريحة الأصلية بأمان، ولأنك لم تجديها في المرة السابقة توقعت بحثك عنها مرة أخرى، وهذا بعد أن وضعتي لنا منوم.

ثم بدت ساندي منهارة ومستسلمة وفجاءة حاولت الانقضاض عليه وخنقه وحاول عمرو مقاومتها حتى أمسك أمجد يدها.

- قالت: كيف استيقظت؟

- قال: لأني لم أتناول القهوة، فقد سكبتها، فقد كنت أعلم منذ البداية بأنك من قتلتي فريال وأنك من قتلتي هاشم؛ فأنتِ لا تعلمين أن هاشم حكى لي ما حدث، وأنه يشعر بالذنب لأنه تركك وأنه السبب فيما فعلتي، وأعلم بقصة تلك الشريحة فأراد هاشم مني التخلص من الهاتف، ولكنى احتفظت بتلك الشريحة، وأن السبب الذي منعني من قول الحقيقة هو حب هاشم وشعوره بالذنب تجاهك؛ والآن عليكِ أن تستسلمي.

وقام عمرو بتقيدها حتى يسلمها للشرطة.

 

وفى الصباح استيقظ الجميع وقام أمجد وعمرو بشرح ما حدث، ثم طلب أمجد من حنان التحدث بمفردهما وقال:

- أتعلمين يا حنان أني سمعت بدون قصد الحوار الذي دار بينك وبين عمرو بخصوص فريال؟ وعندها فقط فهمت سبب تركك لي، أعتقد أنكِ لا تحبينني ولذلك نفذت رغبتك بالانفصال، وأريدك أن تعلمي شيئين، الأول أن تلك الفتاة كذبت عليكِ لتوقع بيننا، فلم أكترث لها وربما هذا ما أغاظها، الثاني أنكِ حقا فتاة حمقاء وساذجة، والثالث أني كنت ومازالت أحبك..

- قالت حنان: ولكن قولت ثلاث أشياء وليس شيئين فقط كما قلت.

- قال أمجد: أعتذر ونكتفي فقط بأول شيئين.

ضحكت حنان وقالت: كنت أمزح معك؛ أتعلم أني كنت أشعر بشيء تجاه عمرو ولم أكن أعلم السبب، ولكن الآن أدركت أني ما زلت أحبك.

 

ونظر عمرو لها من بعيد وقال يبدو حقا أحببتها...

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author