وبعد حفر ساعات حول الشجرة لم يجدوا أي شيء وباتت خيبات الأمل على فاتن، وقالت:
- الآن أظن أنكم لا تصدقوني.
- فقالت سهيلة: إذن ربما كان حلما كما ظنّ حسن.
- فقالت فاتن: اقسم لكم أن هناك جثه.
وبكت وجرت مسرعة داخل المنزل، ونظر حسن إلى سهيلة وقال:
- أشعر بالحزن تجاهها، من داخلي أصدقها ولكن ليس هناك دليل.
- وأنا أيضا أشعر مثلك، ولكن دعك من هذا الآن علينا إرجاع كل شيء كما كان.
- بالتأكيد.
وعندما بدأ ليرجع كل شيء قال:
- لحظة، لحظة انظري إلى هذا.
- ما هذا؟
- إنها قطعة من عظمة.
- هل هذا يعنى...؟
- يبدو أنها لم تكن تحلم.
- يا للمصيبة فقد حكيت كل شيء إلى فريد وزوجته، وطلبت منهم أن يتركونا نحفر لتتأكد فاتن من أنها تحلم، ومعنى تلك العظمة أنه كان هناك جثة، إذن فقد قتل حقا فريد وربما يتخلص مني.
- لا، لا اهدئي هو أخرج الهيكل ولم يتوقع أن تجدي تلك العظمة، إذن يظن الآن هو وزوجته أنك تأكدتِ أن فاتن تتوهم، أليس كذلك؟
- نعم، أنت محق.
- إذن التزمي الهدوء، وعندما يعودان أخبريهم أن فاتن مصدومة لأنها لم تجد الجثة.
- حسنا.
- من الجيد أن هناك متسعا من الوقت لترتيب بعض الاشياء.
- وما هي تلك الأشياء.
- سأخبرك الآن، وهناك طلب أخر لحماية فاتن عليكِ أن تقومي به لحمايتها.
- نعم، ما هو؟
فابتسم حسن ونظر نظرة ماكرة...
دخلت سهيلة إلى غرفة فاتن وكانت فاتن منهارة بالبكاء وقالت سهيلة:
- أنا أصدقك فقد وجدنا عظمة وهناك احتمال أن هناك جثة بالفعل، ولكن علينا أن نبقي الأمر سرا بيننا، وفي المساء سنتبادل غرفنا، ولكن هذا سر.
مسحت فاتن دموعها وقالت:
- كما أخبرتكم إذن، ولكن لمَ سنبدل الغرف؟
- لأن حسن يريد التحدث إليكِ في المساء، وشرفة غرفتي هي القريبة من الشجرة.
- حسنا إذن.
ورحلت سهيلة وقالت: يا لبراءة تلك الفتاة، فقد صدقت كذبتي.
عاد فريد إلى المنزل في المساء وقال:
- أهلا بكِ يا سهيلة، ماذا حدث؟
- كما توقعنا، حفرنا ولم تجد الجثة وربما تعرضت إلى صدمة، فهي بغرفتها وأغلقت الباب ولا تريد الخروج.
- هذا جيد أنها وأخيرا عرفت الحقيقة، ربما أيام وتعود إلى الواقع، وربما تلك الصدمة تعجل بشفائها.
- نعم، أظن ذلك.
- لا أريد تناول العشاء الآن، سأنتظر عودة زوجتي، ما رأيك بشرب كأسٍ من العصير؟
- هذا جيد، سأذهب لتحضيره.
- لا داعي، احضري فقط كأسين فقد أحضرته معي.
صب فريد العصير ثم قال:
- ما رأيك أن تأخذي الكأسين واحدة لكِ، والأخرى تقدميها إلى عزيزتي فاتن، ربما هذا يشعرها بتحسن وأنا سأجري الآن اتصالا لأطمئن على زوجتي ولأعلم متى ستعود.
- كم أنت رجلا حنون بفاتن، وزوجا طيبا مع زوجتك.
ورحلت سهيلة وبدت نظرات الانتصار على وجه فريد..
دخلت نجوى إلى المنزل فقال فريد:
- كنت سأتصل بكِ الآن.
- أنا شعرت أنك ستتصل، لذلك وصلت على الفور.
- الخطة تسير كما خططنا، ولكن عليكِ التخلص من تلك الزجاجة فبها منوم، وأرسلت سهيلة بالعصير لها ولفاتن، والآن الاثنتان غارقتان في النوم.
سأصعد لأتخلص من فاتن، أما أنتِ اذهبي بعيد وتخلصي من الزجاجة، ولا تقلقي فهناك زجاجة عصير مماثلة بسيارتي بدون منوم.
- ماكر وتحسب حساب كل خطوة كما عرفتك، ولكن كل هذا العناء بسبب عنادك مع الطبيب النفسي هاني، فقد عشنا براحة مدة عشر سنوات بسبب مساعدته لنا.
لا لزوم إلى ذلك الكلام، فخطتنا ناجحة ولا تشوبها شائبة وهذا وقتها المناسب.
- نعم أعلم هذا، وإلا كنت سأدفع انا إلى هاني لإطالة حبسها بالمشفى، ولا تنسى أني سأفتتح قناة قريبا وأحتاج تمويل.
- أموالي كلها ملكا لكِ عزيزتي، والآن اسرعي لننهى بقايا جريمتنا.
- على الفور عزيزي.
ثم اخذت الزجاجة ورحلت بالسيارة، وصعد فريد ليشنق فاتن، طرق الباب ولم يسمع صوت ففتح الباب ووجد فاتن غارقة في النوم وعليها الغطاء، فأمسك بالحبل ولفه حول رقبتها وأثناء ضغطه جاءته ضربة من خلف فوقع فريد فاقد الوعي، وكانت تلك الضربة من حسن المخبأ داخل الدولاب ، وسهيلة تقول له: كاد أن يخنقني حقا لولا ضربتك.
وكان هناك تصوير بما حدث من خلال جهاز تسجيل لما حدث المثبت فوق الدولاب، وهناك تسجيل صوتي من المسجل الذي وضعه حسن بالمكتب.
جاءت الشرطة وقال حسن إلى الضابط وكان ابن عمه:
- تلك الأدوات التي أخذتها منك ساعدتني، فجهاز التسجيل دليل على محاولة فريد قتل فاتن، والتسجيل الصوتي يوضح أن هناك جريمة سابقة وأن الطبيب النفسي شريكهم.
وتم القبض على الطبيب النفسي هاني واعترف بكل شيء، أنه منذ عشر سنوات جاء فريد ونجوى طبيبة التجميل سابقا وصديقة مقربة لهاتي ومعهما طفلة عمرها عشر سنوات، وقال فريد: إنها مجنونة وعليه حبسها بالمشفى، وقالت نجوى: وهذا مقابل مبلغ كبيرا من المال، ولكن شك هاني بالأمر قليلا وبعد الكشف عن قواها العقلية وجدها عاقلة ولا تردد سوى شيئا واحد خارج عن الواقع وهو أن عمها قتل شخصا ودفنه بالحديقة، ثم ذهب هاني إلى فريد ونجوى وأخبرهم بحقيقة الأمر، وهنا اضطرت نجوى بإخباره بالحقيقة وأن هناك جثة حقا، فطلب هاني مبلغا أكبر، وبعد مرور عام من ذلك تعثر هاني في بعض النقود لأن لديه إدمان البورصة، فقال هاني إلى فريد:
- أملك منزلا كبيرا، ما رأيك أن تقوم بشرائه ودفن الجثة هناك؟
- هذه فكرة جيدة.
- وما رأيك بزراعة شجرة مكانها؟
- يا لك من متعاون يا سيد هاني
- كل شيء بمقابله يا سيد فريد.
وبالفعل تم نقل الجثة وتغير مكانها، ولكن لا يعرف هاني أي شيء عن الجثة، وبعد أن سمع فريد وزوجته اعتراف هاني
وبعد أن تم إخراج الجثة من منزل هاني السابق، فقالت نجوى:
- أنا بريئة، إن فريد قتل شخصا ما، وخشيت أن يقتلني أيضا لذلك التزمت الصمت.
فغضب فريد من كلامها وقال:
- علي وعلى أعدائي، فأنا لست فريد، سأحكي لكم القصة منذ البداية، نجوى كانت زوجة فريد الثري الحقيقي وأنا كنت أعمل خادم بمنزلهم واسمى الحقيقي شلبي، وعندما بدأ يشعر فريد أنها تزوجته من أجل أمواله قرر أن ينفصل عنها، وعندما أخبرها بأمر الطلاق وأنه قرار نهائي طعنته دون أن تشعر وسقط جثة هامدة، فساعدتها في التخلص من الجثة فقد شوهنا الوجه ورمينا الجثة بالنيل، وقامت هي بعملية تجميل ووضعت وجه فريد بوجهي، خاصةً وأنا نفس البنية تقريبا، وبدأت عيشة الثراء، أما هي أخفت جريمتها
ثم جاءت فاتن لتعيش معانا بعد وفاة أمها وهي عمرها تسع سنوات، فهي لم يبقى لها أحد بعد وفاة أمها أما والدها فقد ظن الجميع أنه مات بالخارج منذ سنوات وبقيت معنا عام إلى أن جاء والدها من الخارج والحقيقة هو لم يمت كما ظننا، فقد توقف عن إرسال الرسائل لأنه تعرض للحبس سنوات بسبب مشكلة سياسية بالخارج، وعندما رأيته أمامي بغرفة مكتبي بالمنزل لم أتعرف عليه لأني لم أره من قبل، نظرت إليه نظرة سريعة عندما دخل المكتب وكنت حينها أوقع بعض الأوراق وعدت بنظري إلى الأوراق ولم أكترث له كعلامة أني مشغول كي يقول ما يريد ويرحل مسرعا، سألته فقط من أنت وماذا تريد؟ كذب حينها وقال إنه صحفي وجاء ليكتب عني وعن شركتي، ظل يسألني بعض الأسئلة وكنت غافلا عما يحدث، وبالنهاية سألني من أنت وأين أخي الحقيقي، فقلت له أخي مرحبا بعودتك، ظنناك ميتا لذلك لم أتعرف عليك، رد بغضب أين أخي؟ فسألته لما يقول هذا؟ فأخبرني قائلا:
أخي لا يكتب بيده اليمنى وأنت منذ لحظة دخولي المكتب كنت توقع الأوراق بيدك اليمن.
فضحكت وقلت لقد تعلمت الكتابة بيدي اليمنى هذا طبيعي، فاجأني رده عندما قال: هذا طبيعي لأي شخص إلا أخي لأن لديه كسر في اصبع يده اليمنى، لذلك تعود على الكتابة بيده اليسرى، كما أن أخي لا يضع عطر قوى الرائحة لأنه مصاب بحساسية، فصمت وأدركت أن أمري قد كُشف.
لم أشعر بنفسي حينها فالجريمة ستكشف وبدون أن أشعر أخرجت المسدس وأطلقت النار، وظننت بهذا أن السر سيدفن معه، جاءت زوجتي عند سماعها صوت إطلاق النار وتعرفت عليه على الفور وحكيت لها ما حدث، فحملته معي وقمنا بدفنه بالحديقة، فقد كنا نشعر بارتباك وقتها ونفكر، من يعلم بقدومه؟ وهل رآه أحد؟
لم نجد طريقة سوى دفنه وانتظرنا نرى هل أحد علم بعودته؟ ولكن بدأت المشكلة عندما جاءت مدرسة الإخصائية الاجتماعية بمدرسة فاتن وقالت أن فاتن تقول أنها رأتني وأنا أقتل شخصا ما، عندها أقنعت المدرسة أنها مريضة بسبب فقدان أهلها، وأني سأعالجها قريبا، وبالفعل عاشت بالمشفى وعشت أنا الثري، ولكن ثمن ذلك لم أستطع أن أنجب أطفالا فإن فريد الحقيقي عقيم، لذلك كان الثمن أن أبقى بدون ابناء، والآن كل شيء ذهب المال، والثراء، والشهرة، وبالنهاية سيزج بي إلى السجن.
- قال الضابط: تقصد إلى حبل المشنقة.
- قالت نجوى: يا مجنون أوقعت بنا.
- فقال فريد: كنت أنوي التخلص منك على اية حال بالنهاية.
وانتهت تلك القضية، وبعد ذلك استلمت فاتن ميراث عمها بصفتها الوريثة الشرعية، ولم تنسى حسن الذي كان يصدقها وسهيلة الممرضة، وبقيت سهيلة صديقة فاتن المقربة ومديرة المنزل.
وبعد مرور عام تزوجت فاتن من حسن الذي أحبته لأنه صدقها وأنقذها مما كانت تمر به ، وبعد عام أخر انجبت فاتن بنتا اسمتها سهيلة.
You must be logged in to post a comment.