رواية ظننته لن يعود (الفصل الثالث)

آتى وقت الرحلة وكان هذا أفضل وقت لتصفية الذهن وتحديد ما أهدفها التي تحتاج التركيز عليها، وعندما ذهبت للرحلة ألتف الجميع معا وقاموا بلعب لعبة الصراحة، فسألت إحداهن شمس وهي قد غارت من تعاليها وأرادت إحراجها فهي تعلم من أبيها ومن أمها فقالت لها: 

- ما اسم أمك؟ 

صمتت قليلا وقالت مترددة وكأنها لا تعلم أي الاسمين تختار ثم قالت:

- اسمها نادية.

- ولمَ في شهادة ميلادك تُسمى رجاء؟ هل أنتِ ماهرة بالكذب وراء وجهك الملائكي؟ فقد رأيتها عند تقديم أوراقنا قبل الدراسة، ألست محقة؟

لم تعلم بماذا ترد عليها فلم تكن ترغب أن تخبرهم أنها تعيش مع زوجة أبيها فلن يدرك أحد كم هي حنونة وكأمها، فغادرت ووجدت نفسها تركض سريعا دون أن تعلم أين متجهها، غضب طارق ووبخ تلك الفتاة وركض ورائها حتى يعتذر منها ولكنه بحث في كل مكان ولم يجدها، عاد للجميع وأخبرهم أنه لم يجدها وأن يبحث الشباب كل منهم في اتجاه، عاد الجميع بعد فترة من الوقت وجميعهم لم يجدوها إلا طارق عزم على أن يجدها وظل يبحث ويتعمق إلى أن حلّ المساء وشعر بالقلق عليها في الظلمة، وظل ينادي شمس، شمس، حتى سمع صوت باكي يقول أنا هنا، وجدها أخيرا وقال لها:

- كيف ابتعدتِ كل هذه المسافة؟ ماذا لو لم نستطع إيجادك؟

- ركضت قليلا دون أن أشعر حتى لحقني أحد الكلاب وحاول إخافتي فركضت هربا منه حتى وجدت نفسي لا أعلم أين أنا أو كيف أعود.

- حسنا اهدئي، اهدئي فأنتِ بخير الآن.

- حمدا لله، شكرا لك.

- لا عليك، انتظريني هنا قليلا.

ذهب وأحضر بعض العصائر والمثلجات وشوكولاتة لعلها تصبح أفضل، وقام بتقديمهم لها، شعرت بتحسن وبدأوا في تناول الحلوى وشكرته وظلوا يتحدثون، ثم قالت له:

- هيا بنا نعود، أعتقد علينا الرحيل فقد تأخر الوقت.

- حقا؟ لم أشعر بالوقت، حسنا هيا.

أخبرت شمس طارق أن يمشوا وهناك مسافة بينهم فهي تخشى فعل ما يغضب الله، تفهم طارق رغبتها رغم شخصيته المستهترة قليلا، وبعد أن تمشوا قليلا توقفت شمس دون أن يشعر طارق، حينما شعر بانها ليست بجانبه نظر خلفه وجدها تربط حذائها فألحق بها وقال لها:

- لا يجب أن تنحني هكذا، استقيمي وأنا من سيربط حذائك، هيا اجلسي.

حاولت أن تمنعه ولكنّه أصر خوفا عليها، وبعد أن انتهى نظر في عينيها وهي تنظر إليه حتى شعرت بازدياد ضربات قلبها وأدارت عينيها بعيدا، فقال طارق:

- لقد أحكمت ربطها، هيا نكمل طريقنا.

وبعد عودتها نظرت شمس إلى طارق من بعيد وضعت يديها على قلبها وقالت: هل أحببته حقا؟ أم مجرد انجراف مشاعر؟ مهما كان يجب أن ابتعد...

بعد انتهاء الرحلة عادت شمس لمنزلها وحاولت التفكير مجددا وتجميع أفكارها طيلة الليل حتى توصلت إلى إيقاف هذه المشاعر المُهلكة كما وصفتها أمي...

 في اليوم التالي أقبل عليها طارق وحاول محادثتها مجددا بعد أن كان قد قرر البُعد عنها ولكن فوجئ بكلمها له، قالت شمس:

- أعلم أنني شخصية غريبة وبالكاد أجمع افكاري، حاول أن تتفهم مقصدي.

- هل تشعرين أن تقربي منك ما زال غير مرغوب؟

- لا، ليس بالضبط ولكن أشعر أنه خطر.

- خطر!! كيف؟

- أخشى أن يكون حراما.

- نحن زملاء ونستطيع التحدث كزملاء، ما حرمانيه ذلك مادام كلامنا كلام يخلو من المشاعر.

- ربما لا يخلو، وإن خلا الآن لن يخلو فيما بعد.

- حسنا، سأكتفي بالسؤال عن حالك فقط.

- أرجوك يا طارق افهمني، مهما كان حديثنا حديث طبيعي ولكن أخشى أن يقودنا إلى حديث ليس من حقنا.

- لمَ كل هذا التعقيد؟

- أنا آسفة، هذا ليس سهل علي ولكن سأحاول كثيرا.

- كما تشائين.

تركها طارق وهو لا يفهمها ولكن قرر نسيانها وتركها فهي من وجهة نظره معقدة قليلا، كلما حاول التعرف على غيرها لا يشعر مع أحد ما شعر به مع شمس، فقرر أن يذهب لوالده ويخبره برغبته في التقدم لزميلة جامعية، ولكن أبيه أخبره بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية، فذهب إلى أبيها وأخبره بمشاعره تجاه شمس وأنه ينتظر الانتهاء من الدراسة ليتقدم إليها، شعر عادل أنه شخص ثقة وأخبر شمس بما حدث، فرحت شمس وشعرت أن الله سيكافئ صبرها على ترك ذنب التقرب إليه.

وبمرور الأعوام وهم في أخر سنة دراسية وقعت محفظة طارق ولا يستطيع العودة منزله فذهب إلى كلية أخيه نبيل ليعيره بعض المال للعودة للمنزل، فأعطاه نبيل المال وقال له:

- متى ستنتهي من محاضراتك اليوم؟

- أعتقد في الساعة الرابعة والنصف.

- وأنا سأنتهي في الرابعة، حسنا سأمر عليك وأنتظرك لنعود المنزل سويا.

- أخي عبقري الجامعة ولا يتركها إلا بوقت متأخر يوميا سيتنازل ويتركها باكرا لأجلي!

ضحك نبيل وقال له:

- إن لم يعجبك سألغي عرضي.

- لا، لا، لا أمزح معك أخي، وأريد أيضا أن ترى محبوبتي والتي ستصبح خطيبتي قريبا.

- هل أخي اللعوب سيخطب حقا؟

- بالتأكيد لم أرى في حياتي فتاة مثل شمس، هي ليست كغيرها.

- وفقك الله يا أخي.

- ماذا عنك؟ ألن تريني محبوبتك بالكلية تنوي الزواج بها؟

- بالتأكيد هيّا تعالى معي لتراها.

أخذه نبيل إلى معمل كبير بالجامعة وقال له:

- هذه محبوبتي الرائعة.

- أين هي؟ لا يوجد أحد بالمعمل!

- إنه المعمل نفسه.

- كم أنت بائس! هل ستقضي عمرك مع هذا المعمل.

- هو وقت سعادتي الحقيقي، لا تهتهم لذلك، اذهب وانتظرني هيا.

- حسنا.

ذهب نبيل لكلية أخية وعند خروج أخيه من المحاضرة نظر طارق إليه وركض تجاهه، لفت نظر شمس ابتسامة طارق وهو يركض ولا تعلم لمن؟ وشعرت بشيء من الغيرة، وظلت تراقبه حتى وجدته ذهب لشاب ويبدو أنه أخيه، نظرت إليه وكذلك أخبر طارق أخيه نبيل عن حبيبته شمس وشاور عليها، نظر كل منهم إلى الأخر وشعر كل منهم بانجذاب تجاه الأخر، ولم يستطع أيا منهم أن يدير عينيه عن الأخر...

قالت شمس في نفسها: ما هذا هل أنا أحب اثنان معا؟! لماذا أطيل النظر بأخيه هكذا؟ أنا لا أفهم شيئا.

سأل نبيل أخيه عن شمس وقال:

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author
Aya
Aya