رواية ظننته لن يعود (الفصل الخامس)

- كنت أحب فتاة اسمها رجاء عندما كانت في العشرين من عمرها كانت ساحرة الجمال وكان يحلم بالزواج منها جميع شباب الحي ولكنني فقط من استطاع أن يكسب قلبها منذ صغرنا، رجاء تركت التعليم بعد أن حصلت على الشهادة الاعدادية فكانت ترى جمالها وجاذبيتها لن يجعلها تحتاج للتعليم في شيء، أما أنا أكملت دراستي وتوظفت بشركة الحسابات، وشعرت أنها لم تصبح تناسبني، كنت وقتها شاب في الخامسة والعشرين من عمري، وأهتم بمظهري الخارجي كثيرا، كنت طموح ودائما أسعى لتحسين وضعي ومكانتي، لأنني كنت أمقت كثيرا بيئتي البسيطة ولا أشعر بالنعم من حولي، أردت تسهيل أمور ترقيتي سريعا بدأت أتحرى معلومات عن مديري بالعمل، وجدت ما كنت أبحث عنه، سعاد ابنة مديري حمدي، وكانت وقتها بعمر السادسة والعشرين وقد خُطبت منذ ثلاثة أعوام ولكن توفى خاطبها بسبب إصابته بمرض أدى لوفاته، ورفضت الكثير من الخاطبين حزنا على فقدنها حبيبها وخاطبها السابق، وكانت هذه فرصتي ذهبية لذلك كنت أتتبع خطوات سعاد ابنة مديري في النادي والمطاعم وبدأت بلفت انتباهها بصوتي ونظراتي وعطري المميز، حتى نجحت في لفت انتباها هي وصديقتها ونحن في أحد المطاعم.

ثم تذكر منير يوم كان بأحد المطاعم  وكان بالقرب منهم دون أن يلاحظوه وسمع حوارها مع صديقتها فايزة وهي تقول:

- ألم تلاحظي هذا الشاب؟

- نعم، هو من كان بالنادي المرة السابقة، فصوته وعطره مميزين.

- بالفعل، فصوته عالي قليلا.

- كما أن نظراته لا تفارق طاولتنا، ألم تلاحظي؟

- أتقصدين أنه ينظر إليكِ؟

- ربما، لا أعلم بالتحديد ولكن ينظر تجاهنا، هل أتعرف عليه؟

- ماذا تقولين؟ بالتأكيد لا، ليس من الأدب.

- حسنا، ولمَ تسأليني عنه إذن؟

- فقط، لأتأكد من إحساسي.

- إذن لا تهتمي وهيا ننهي الطعام ونذهب.

ثم أكمل حديثه إلى نبيل وقال:

- شعرت أن هذا الوقت المناسب لإظهار نفسي وقبل رحيلهم حاولت أن أتحدث إليهم وأخبرهم أنه قد رآهم صدفة بالنادي وكذلك بالمطعم فأراد أن يتعرف عليهن، وبعد أن تعمدت ذكر وظيفتي بالشركة حتى تخبره سعاد أن والدها مدير هذه الشركة وهذا ادعى للتقرب منها أكثر وسهولة كسب قلبها وتزوجها، ثم قابلت رجاء وكانت تنتظر أن أتقدم لها بعد توظيفي ولكن..، ولكن عندما حدثتني عن الزواج….

عاد وتذكر منير الحديث الذي دار بينهم وقتها، حينما قالت له رجاء:

- أنا سعيدة لتوظيفك كثيرا يا منير وأخيرا تستطيع التقدم لخطبتي.

- اسمعيني جيدا يا رجاء، لقد قابلتك اليوم لأخبرك أن تنسي أمر زواجنا.

- ل.. لماذا؟

- نحن فقراء وإن تزوجنا سيعاني أبنائنا وسنظل تعساء ولكن إن تزوجت من ثري وأنا تزوجت من بنت ثري ستتحسن ظروفنا وحظنا وسنعيش سعداء.

- هل تخبرني ذلك الآن؟ نحن نتقابل ونتواعد الحب منذ أكثر من خمسة أعوام!

- هذا لأني كنت شاب صغير وغير ناضج والآن كبرت وأدركت مساوئ زواجنا هذا.

- هذه غلطتي، ظننت أنك تحبيني ولن تخلف وعدك معي.

- أنا بالفعل أحبك ولكن الحب وحده لا يكفي. 

- يكفي هذا، إن أحببتني لما فكرت بالمال! سأذهب ولكن أعدك بأنني سأنتقم منك لخداعي والتسلية معي طيلة هذه المدة.

فقال منير إلى نبيل: 

- عندما حدثتني عن الزواج أخبرتها بكل قسوة أنني سأتزوج غيرها وأن تتزوج غيري، فوعدتني بالانتقام ولم أهتم لها، ويوم ولادة زوجتي سعاد تعجبت من حوزتي طفلين بدل طفل ولم أكن أعلم أيهم ابني وسمعت بخبر اختطاف طفل وعلمت أن هذا الطفل المخطوف أحد الطفلين وربما لم يستطيعوا التفريق أيهم ابني أو ابن الأخر- كان وقتها لم يكتشف تحليل الحامض النووي - وقلت في نفسي:  ربما ما أخذه ابني، لا يوجد ما يحل الأمر؛ فقررت ألا أخبر أحد أن الطفل المتغيب بحوزتي، وعند عودتي المنزل وجدت رسالة دون ذكر أسماء فقط مكتوب بها " هذا انتقامي الذي عاهدتك عليه، لن تعلم من هو ابنك"

قال نبيل وهو لا يصدق:

- ظننت أنك زوج أمي وتزوجتها وأنا معها،  إذن من أبي وأمي؟  

- رجاء هي من تعلم، أنا حقا لا أعلم.

- هل رجاء التي تتحدث عنها هي رجاء والدة شمس؟

- نعم هي.

- إذن الطفل الذي خُطف وذكرته رجاء هو أنا؟

- نعم ولهذا رفضت زواج طارق بشمس لأنني ظننت أنه ربما يكون أخيها.

- إذن طارق ليس أخيها ولكن أنا، لهذا شعرت بالألفة تجاها لأنها أختي.

- يبدو كذلك.

- هل عدم زواجك منها يجعل من قلبها جحيم؟ تفرق أم من ابنها وتجعلك لا تعلم من ابنك؟ كيف أحببت امرأة كهذه؟ 

- لا تظلمها يا بُني أنا من جعلها وحش.

- لا مبرر للجحود فمن يفعل ذلك لم يعرف قلبه الرحمة.

- لقد أخطائنا سويا لم يكن خطأها وحدها.

- يجب أن نذهب إلى هناك نخبرهم  أني ابنهم المفقود. 

- هل ستتركنا يا ابني؟ هل ستترك أمك سعاد؟ لم أفرق بينكم أو أشعر أن أحد منكم ليس ابني، لمَ ترغب في الرحيل؟

- لن أترك أمي سعاد فهي لا ذنب لها في كل هذا ولكن ماذا عن أمي التي أنجبتني؟ وأبي الذي حُرم مني، يجب أن أعوضهم فقدي كل هذا العمر.

طلب منير زيارة عادل مرة أخرى دون ذكر السبب فرحب عادل وحدد معه ميعاد، وعندما علمت شمس ظنت أن نبيل سيتقدم لها وهي ما زلت لم تحسم أمر مشاعرها بعد، أما رجاء تسألت ماذا يريد منير؟ هل بالفعل سيتقدم نبيل؟ المشكلة نفسها سواء طارق أو نبيل، ما هذا الهراء.

جاء منير ونبيل إلى منزل عادل وقال منير:

- أعذرني سيد عادل وسيدة نادية، هناك ما سأخبركم به وأرجو أن تسامحوني.

- ماذا هناك يا سيد منير؟

- هناك أمر يريد ابني نبيل فهمه من السيدة رجاء.

نظر نبيل إلى رجاء وقال:

- لماذا فعلتي هذا؟ فرقتني عن أمي وأبي، اعترفي بفعلتك للجميع.

اندهش الجميع من كلام نبيل ثم قالت رجاء:

- كيف عرفت أنه أنت ابنهم وليس طارق؟

- تقدم العلم وظهر تحليل يثبت ذلك، وكل ما أريده أن تحكي كل شيء الآن.

قاطع عادل حديثهم وقال:

- عن ماذا تتحدثون؟ شخص ما يوضح لي الأمر.

قالت رجاء: 

- الآن حصص الحق، لقد استجاب الله دعائي وسأتطهر من ذنبي أخيرا.

قالت نادية إلى نبيل والدموع تملؤها:

- نبيل، هل أنت ابني؟ 

- أمي..

سقطت نادية وفقدت الوعي وأخذها عادل غرفتها وأعطها بعض المهدئات ثم عاد ليسمع حقيقة الأمر وسأل رجاء:

- ما علاقتك بالأمر يا رجاء؟ هيا احكي.

- جيد أن نادية لن تسمع ما سأقول، فكم هذا سيكون قاسي عليها.

كان عادل شديد الغضب وخشيت رجاء عليه من الصدمة ولكن لم تستطع تجاهل إلحاحه لمعرفة الحقيقة، ثم قالت:

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author
Aya
Aya