رواية ظننته لن يعود (الفصل السادس)

كان عادل شديد الغضب وخشيت رجاء عليه من الصدمة ولكن لم تستطع تجاهل إلحاحه لمعرفة الحقيقة، ثم قالت:

- أحببت منير منذ صغري وانتظرت ليتقدم إلي فأخبرني أنه سيتزوج من ثرية وتركني، فطلبت من والدي محمد العمل لتوفير المال لتحسين ظروف معيشتنا، وفي الحقيقة كنت أسعى للبحث عن زوج ثري حتى أستطيع مضايقة منير، ووجدت إعلان عن طلب سكرتيرة تجيد القراءة والكتابة بأحد المعامل، وبعد توظيفي بفترة قصيرة بدأت في لفت انتباه عادل بالعمل، وبدأت في السؤال عنه وعلمت أنه متزوج منذ أربعة أعوام ولم ينجب وهذا سيسهل علي الأمر كثيرا، كان عادل وقتها بعمر الخامسة والثلاثين وفارق العمر كبير، جعلته يفكر بأن يتزوج مني حتى يستعيد شبابه وينجب أطفال ويعيش بسعادة، وأخبرت منير لأضايقه وعندما أخبرته لم تفلح محاولتي مضايقة منير وعنفني وأخبرني ألا أتحدث إليه مجددا، تركته وأنا منهارة من ردة فعله، واشتعلت نار الانتقام بداخلي، فقد ظننت أني سأحرق قلبه بسماعه خبر زواجي ولكنه لم يبالي أو يهتم بل أهانني وأخطأ بحقي، لم أكن أعلم كيف سأنتقم منه ولكن تعهدت لأحرق قلبه وأجعله يعيش تعيسا.

بعد زواجي وانتظار زوجي خبر حملي أخفيت عليه أمر تناولي عقاقير مانعة للحمل لأنني ما زالت منشغلة بمضايقة منير، وعندما علمت بزواجه فكنت أتتبع أخباره دائما ظلّ قلبي يحترق، ولا أعلم كيف أنتقم منه؟

بعد مرور عدة أشهر جاءت سيدة لإجراء تحليل للحمل وعندما رأيتها وقد تعرفت عليها أنها زوجة منير، شعرت بالغيرة من زوجته وعدت للمنزل وقررت أن أترك مانع الحمل، وعند عودتي المنزل سمعت خبر لم أتوقعه! لقد أخبرني زوجي عادل بحمل زوجته الأولى نادية، فقد حملت نادية وسيصبح عادل مشغولا بها ويهتم بها وهذا لم يكن في الحسبان، خشيت أن أفقد زواجي من عادل، شعرت أن كل الظروف ضدي ورغم ذلك لم يمنعني ذلك من التفكير فيما عزمت عليه وهو الانتقام!

بعد مرور أشهر علمت بحملي وقد اقتربت ولادة نادية وكذلك سعاد، وشعرت بالفرحة فالآن لم يعد زواجي مهدد بالانفصال، وبقي فقط التفكير في الانتقام من منير، علمت بالمشفى التي تتابع معها سعاد وستلد بها ومن غيرتي أخبرت زوجي أني سأتابع وألد في نفس المشفى، فأخبرني زوجي أنها بالفعل مشفى كبيرة وسيطمئن إن ولدت بها وكذلك زوجته نادية.

يوم الولادة نادية وكذلك سعاد وقد ذهبت لأرى منير في الخفاء وهو يحمل مولوده، وعلمت أن نادية وسعاد أنجبوا ذكور فخطر ببالي فكرة شيطانية لتحقق انتقامي وتعذب منير طيلة عمره، وقمت بخطف ابن نادية ووضعه بجوار ابن سعاد وإزالة أي شيء لمعرفة الطفلين وذهبت، لم أهتم بعذاب نادية فقد حزنت حزناً شديداً ولم تتحمل صدمة فقد ابنها وعندما لم تتحسن حالتها طلبت من عادل أن تذهب للعمرة لتغسل همومها وأحزانها وذنوبها ببيت الله، شعرت بالذنب وقتها وخشيت أن تدعو الله أن ينتقم مني وأردت أن أتراجع عن فعلتي ولكن كيف وأنا لا أعلم أيا منهم ابن نادية، وبعد عدة أشهر جاء ميعاد ولادتي وقد أنجبت بنت وطلب مني عادل أن أترك تسمية ابنتي لنادية، وافقت لأنني أشعر بالذنب تجهها وتركتها لتربي ابنتي لتعوضها ابنها، وأرجو من الله أن يرق قلبها وتسامحني على فعلتي.

أدرك الجميع سبب رفض منير لزيجة طارق بعد أن جاء المنزل وطلب يدها، لعدم معرفته أيا منهم أخيها، كانت شمس لا تصدق ما تسمع وأدركت هي الأخرى سر مشاعرها تجاه نبيل، لأنه أخيها وليست مشاعر حبيب، أما طارق هو حبها الحقيقي.

أما عادل لم يتحمل ما سمع وقام بتطليق رجاء دون أن تأخذ شيء معها وقال لها:

- أنتِ مجرمة تستحقين الإعدام ولكن إكراما لشمس لأنك أمها لن أبلغ الشرطة وسأكتفي بخروجك من حياتنا، اذهبي حيث جئتِ.

شعر منير بالأسى على شعلة قلبه وهي وحدها حبه الحقيقي، لم يعرف طعم السعادة التي كان يشعر بها معها في الماضي، وقرر أن يهتم لأمرها ويوفر احتياجاتها وأجر لها منزل صغير.

أخبر منير ابنه الحقيقي طارق ليعود ويحتضنه حضن أب لابنه ولأول مرة غير أي مرة سابقة، وسيزوجه من حبيبته شمس.

عندما علمت سعاد بالحقيقة لم تتحمل بُعد نبيل عنها، وطلبت من نبيل أن يأتي لزيارتها دائما وأنها ستكتفي عمرها كله بالقرب من نبيل وطارق فهي لا تشعر أن أحد منهم ليسوا ابنها، فأحبتهم ولم تعي أيا منهم ابنها ولم تكن ترغب معرفة الحقيقة مثل زوجها منير.

بعد مرور عدة أشهر ذهب منير إلى رجاء وقال:

- انتظرت اللحظة التي استعيدك بها في حياتي.

- وماذا عن المال؟

- استطاعت شراء كل ما أريد بالمال وكان كل شيء كالمسكنات سعادته لحظية وتذهب، أما ما كنت أشعر معكِ به كانت سعادة لا تنتهي وتزداد كلما فكرت بك، أنا نادم حقا.

- هل تظل تحبني بعد أن كبرت وتغيرت ملامحي وشكل جسمي وأصبحت عجوز؟

- حتى وإن أهلكك الضهر وهاجمتك التجاعيد واحتل الشيب رأسك، سيظل حبك يسري في عروقي ويُضَخ في شراييني لينبض قلبي.

- هل عدت بعد كل هذا العمر حقا؟

- إنها لعنة الحب مهما حاولت الفرار منه يعيدك إليه، فالحب هو اللعنة وفكها، ولأحل من هذه اللعنة لن أتركك ما بقيت من عمري. 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author
Aya
Aya