رواية عودة الضحية (الفصل الثالث)

 بعد التحقيق مع كبير الصيادين، اخبرنا بانه احد الصيادين الجدد المحيطين بذلك النهر عثر على شخصٍ ملقى بالماء وانقذه وقد كان مصابا برصاصة وكانت هذه الحادثة منذ سنه، وتطابق مواصفات ذلك الشخص مع مواصفات باسم، وحسب اقوال كبير الصيادين لم ينقله ذلك الصياد إلى المشفى ولكن اخذه إلى منزله وقام بعلاجه وبعد ان افاق ذلك الشخص كان فاقدا للذاكرة، كما انه لم يكن يحمل ما يفيد بهويته وعمل معه بالصيد ثم اختفى فجأة منذ عدة اسابيع ورحل دون رجعه وكان ذلك منذ شهر ونصف.

وبعد ان انهى ادهم التقرير قال في نفسه: يبدو ان صورة خطوبة اروى وساهر التي كانت بالجريدة ساعدته وعادت إليه الذاكرة وبدأ بإرسال تلك الرسائل.

 

عادت نيفين إلى القصر في المساء، واقامت بالغرفة المجاورة لغرفة اروى، لم تستطع اروى النوم من حزنها على فراق ساهر ومازالت بانتظار ظهور باسم وهى محتفظة بمسدس اسفل وسادتها.

 

وعند منتصف الليل طرقت نيفين باب غرفة اروى وقالت:

- اروى هل ما زلتِ مستيقظة؟ إن غرفتك مضاءة.

- نعم ادخلي يا نيفين، فانا لم انم بعد.

- اعلم انها ليلة طويلة عليكِ، ولكن أنتِ قوية وستتجاوزين الامر يوما ما كما فعلت انا عندما مات باسم.

- باسم لم يمت، لمَ لا تصدقين ما اقول؟

- اهدئي، اهدئي لقد كنت اظن انه مازال على قيد الحياة ولكني كنت مخطئة.

- أنتِ تقولين هذا الان لأنك تخشي ان يكون الفاعل، ولكن اذا ظهر عليكِ حمايتي وان تمنعيه من قتلي.

- بالتأكيد، ولكن اذا ظهر؛ ما رأيك ان احضر لكِ عصير الليمون؟

- هذا لطفا منكِ.

- لا عليك، نحن صديقتان. 

 

عادت نيفين مرة اخرى إلى غرفة اروى ومعها كأسا من العصير، امسكت اروى الكأس وشربته على مره واحده، ثم شكرت نيفين على هذا مره اخرى، وتركت نيفين لها علبة بها حبوب منومه وقالت لها:

- ربما تلك الحبوب تفييدك لتقصّر ليلك الطويل.

- كم أنتِ رقيقه، من الجيد وجودك برفقتي.

- سأتركك الان وعليك محاولة النوم.

- حسنا.

وكانت اروى تقول في نفسها: سأقتلك بعد ان اقتل حبيبك باسم لانتقم لحبيبي ساهر.

وكانت نيفين تقول في نفسها: يا لها مثيرة للشفقة.

 

وفى الصباح ذهبت نيفين إلى غرفة اروى، دخلت الغرفة بدون طرق أزاحت ستائر الغرفة وفتحت النافذة لتدخل الشمس إلى الغرفة وقالت:

- هيا استيقظي يا اروى انه يوما مشرق.

- اروى..  اروى.. استيقظي عزيزتي.

ثم صرخت صرخة عالية وجاء على اثارها الخدم، وكانت علبة المنوم مفتوحة على الارض وفارغه واروى قاطعه للنفس، وظلت نيفين تقول: لمَ فعلتي هذا يا اروى؟ كنتِ ستنسيه يوما ما وتبدئين حياتك من جديد.

جاءت الشرطة وتم التحقيق بالأمر وانتهى الامر على انها انتحار، ولكن كان للمحقق ادهم رأيا اخر ولكنه اخفى ذلك الرأي ليطمئن الفاعل ويخرج من جُحره، فبحسب نظرته لن تقدم اروى على الانتحار لان فكره الانتقام كانت مستحوذة عليها، كما لم يجبرها احد على تناول تلك الحبوب، فاذا كان باسم لقتلته، وهذا ما يشير إليه ذلك المسدس الذى وُجد اسفل وسادتها، اذن لم يتبقى سوى نيفين التي اقامت بالقصر تلك الليلة هي من قامت بخدعها لتناول تلك الحبوب، فربما خلف وجه نيفين البريء وهدوئها الشر المطلق.

 

وبعد فترة من مراقبة نيفين سرا من قبل المحقق ادهم، وبعد ان اطمأنت نيفين من ان الامر انتهى، وصل اخر تقرير للمحقق ادهم وكان مضمونه ان نيفين بقيت تتردد على منزل وتجلس به قليلا ثم ترحل كل يوم أحد بانتظام، وبعد جمع البيانات تم اثبات انها مُستأجرة ذلك المنزل ولا يسكنه أحد ولا أحد يعرف لماذا تبقى بمفردها به، كما أنها في كل مره تذهب ومعها حقيبة سوداء وتخرج بدونها.

وملاحظة بنهاية التقرير:

هناك عدة محاولات منها لشراء ذلك المنزل من صاحبه، وكان مكتوبا ايضا عنوان ذلك المنزل.

وبعد ان انهى التقرير قال ادهم: هذا يجعلنا نقترب من النهاية، فهذا المنزل الدليل الذى كنت ابحث عنه.

 

وفى يوم الاحد التالي ذهبت نيفين إلى ذلك المنزل كما هي معتادة ومعها حقيبة سوداء وفور دخولها إلى المنزل طرق احدهم الباب، وعندما فتحت رأت امامها المحقق ادهم.

- آنستي مرحبا بك.

- كيف وصلت إلى هنا؟

- هل هذا سؤال يُسأل إلى محقق!! السؤال الطبيعي لماذا جئت؟

- هل تظن ان باسم مختبئ هنا؟ انت مخطئ.

تفقد ادهم الحقيبة السوداء وكان بها الكثير من الطعام المعلب، ثم خرج باسم من احدى الغرف بالشقة وقال إلى ادهم:

- كيف عرفت انى مختبئ هنا؟

- في الحقيقة وصلتني معلومات تفيد بان احد الصيادين قد وجد منذ سنه شخصا بالنهر فانقذه، وعندما افاق ذلك الشخص كان فاقدا للذاكرة لذلك تبناه ذلك الصياد، لذلك علمت انك لم تمُت في تلك الحادثة وعندما عادت ذاكرتك اول من توجت إليه هي نيفين واخبرتها بحقيقة ما حدث، ومحاولة التخلص منك من قبل ساهر، ثم بدأت ترسل رسائل التهديد بمساعدة نيفين.

- كنت انتظر ان يقعا في خطأ عند علمهم بأني ما زلت حيا، واعثر على دليل لتسليمه إلى الشرطة، ولكن اتعلم كيف اكتشفت الامر؟

- كيف؟

- لقد وجدت لوحة سيارة بها نفس ارقام السيارة التي دهست سعيد ولم تكن مسجلة لذلك لم يتم التعرف على الفاعل؛ اتعلم اين وجدتها؟ 

- ربما بمنزل ساهر.

- نعم عندما ذهبتُ إليه لأعزمه على خطبتي انا ونيفين، وعلمت حينها ان حادثة سعيد كانت مدبرة ولذلك تخلص ساهر منه، فقال لي ساهر انه قام بالتخلص من سعيد ليرتبط بمنال، واكتشفت اروى بطريقة ما ان ساهر هو الذى دهس سعيد، فتخلصت بعد ذلك من منال واخبرته انها فعلت ذلك بمنال لحمايته وان منال علمت بالحقيقة، ولكنى اظنها كاذبه وفعلت ذلك لترتبط بساهر، خدعني ساهر حينها وأخبرني انه نادم ويريد الاعتراف إلى الشرطة وفى الطريق اطلق عليّ الرصاصة وقام برمي السيارة بالنهر، وعندما عادت إليّ الذاكرة اختفيت هنا بذلك المنزل الذى استأجرته لي نيفين وكان ما ينقصني هو الدليل لأبلغ الشرطة.

ثم نظر ادهم إلى نيفين وسألها:

- لماذا جئتِ يا نيفين إلي للبحث عن باسم؟

- لأني علمت ان اروى ذهبت إليك من خلال مراقبتي لها، ولا اعلم بماذا اخبرتك وحدثتك عن الامر منتظرة ان تبدأ بسرد ما حدث معها ولكنك كنت ذكيا وتكتمت عن الامر.

- هكذا الامر اذن، ولكن بما انكم تنتظرون الدليل كيف انتهى الامر بمقتلهم؟

فأجابه باسم وقال:

- بعد ان سمعت انا ونيفين حديث ساهر واروى وتخطيطهم بمقتل نيفين قررت ان انتقم منهم بنفسي.

- وكيف علمتم بتخطيطهم؟

أجابته نيفين وقالت:

- عند زيارتي لهم تركت جهاز تصنت صغير اسفل الطاولة وبعد رحيلي سمعتهم يخططون لمقتلي وأخبرت باسم بالأمر.

فقال باسم:

- لذلك بادرت انا بمقتل ساهر.

ثم قالت نيفين:

- واروى ساعدتني كثيرا وسهلت علي امر قتلها.

قال ادهم:

- لماذا لم تقدموا ذلك التسجيل إلى الشرطة وشرح ما حدث؟

أجابه باسم:

- لم أستطع مسامحتهم على مقتل سعيد ومنال ومحاولة قتلي. 

- لا ما افقدك صوابك هو تفكيرهم بمقتل نيفين.

- نعم كما انهم يستحقون ما حدث لهم.

صمت ادهم قليلا وكان ادهم يقول في نفسه: ربما هذه اول مره استخدم روح القانون، فهذا الفتى محق انهم يستحقون ما حدث لهم، كما انه مر بالكثير من الصعاب، اعلم انه قاتل ساهر ولكن هذا يعتبر دفاعا عن مقتل نيفين، ونيفين سممت اروى ولكن هذا لان اروى كانت تنوى قتل باسم ولن اتغافل على جريمة الماضي التي مر بها باسم، ربما عليّ ان اتركه يبدأ من جديد، فليس على المرء ان يفعل الصواب دائما لكونه صوابا، فالنار التي تستخدم لإشعال الحريق تستخدم ايضا لإضاءة المكان المظلم، ربما علينا وضع قانون يختلف باختلاف المواقف للتعامل مع تلك الغابة التي نعيش بها. 

ثم قال ادهم: هناك مشكلة تواجهنِ وهو انى لست املك دليل إدانة، حتى اتهام اروى لك يا باسم بقضية مقتل ساهر كان بدون دليل، لذلك يبدو انى سأترككم ولكن اعلموا اذا فعلتم أي شيء خطأ سأكون اول من يقدمكم إلى القضاء، واتمنى لكم حياة سعيدة، تحياتي.

 

رحل ادهم وهو يقول في نفسه: هل حقا تركت مجرما للتو ولم اسلمه إلى القضاء، نظرتي كشرطي اختلفت كليا عن نظرتي كمحقق خاص، لا يهم ايهم الصواب ولكن المهم ان يكون الاصح، لست نادما على قراري، ولأول مره اتفهم معنى كلمة روح القانون؛ وتوجه ادهم إلى مكتبه مباشرا وامسك بالجرائد وامامه فنجانا من القهوة منتظراً قدوم العميل الجديد.

وبعد مرور عام وصلته برقية وكانت من باسم ونيفين، وكان مكتوبا بها: "لقد انجبنا توأم اسميناهما ادهم وسعيد"

بدأ ادهم بكتابة رسالة: "مبارك لكما واتمنى سماعي دوما اخبارا سعيدة منكما"

وكان التوقيع: روح القانون

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author