سر الكيس ذو الشريط الأحمر وحُسن النوايا

سر الكيس ذو الشريط الأحمر وحُسن النوايا

قال الله في كتابه العظيم "إنّ الله لا يغيِّر ما بِقوم حتى يغيّروا مَا بأنفسهم" نبدأ الحكاية بقوله سبحانه وتعالى، حتى نرى المعجزة الربانية والجدية الإيمانية، وسرعة جزاء و قصاص الله، وكيف يكون الله خير الشاهدين، ومن خلال هذه الحكاية القصيرة سنجد حسن النوايا وسوء النوايا وحكم الله لا تتاجر بالنوايا فرب الكون لك بالمرصاد، إقرأ حتى النهاية فهناك مفاجأة.

في يوم من الأيام وفي موعد بيع بذور الزراعة، كان أحد المزارعين لا يملك المال حتى يشتري بذرة حتى يزرع أرضه، وكان قد سمع برجل صالح في القدس يقرض المال لأي شخص كان دون فوائد، فقرر السفر إليه، وذهب إليه في اليوم التالي وطرق بابه وروى حكايته وطلب 100 قطعة ذهبية، ودون تردد أخرج الصالح المال من خزنته بكيس يشبه الصرة المعصوبة بشريط أحمر لامع وناولها للمزارع، ثم قال الفلاح: ألن تكاتبني؟ ألن تحضر الشهود؟ قال الصالح: لا، لن أفعل! إن الله خير الشاهدين بيننا.

وهكذا جازى الله الفلاح على حسن نيته بسهولة حصوله على المال، وخرج بالنية السليمة حيث وعد بشراء البذور والزراعة والحصاد وارجاع الدين فور الحصاد لأصحابه، وهو في طريق العودة للمنزل وسوس له الشيطان بأن يتصرف بالمال كما يشاء حيث أن الرجل لا يعرفه ولا اسمه ولا عنوانه، فأخرج دينار ذهبي من الصرة وأغلقها بالعصبة الحمراء من جديد، ثم اشترى الطعام بجزء من الدينار، وترك الباقي في جيبه.

جلس الفلاح تحت ظل شجرة حتى يتناول طعامه ووضع الكيس ذو الشريط الأحمر بجانبه، وبدأ بتناول طعامه إذ بغراب يأتي من بعيد باتجاه الشريط الأحمر اللامع يظنه قطعة لحم، ونهش صرة المال وخطفها وذهب عالياً في سماء القرية، وهكذا جازى رب الكون الفلاح بجند من جنوده عندما تغيرت نيته إلى السوء وخسر ماله، وبقي معه فقط باقي الدينار الأول، وبكى ورمى وجهه على التراب وندم أشد الندم على فعلته، وقال يا رب أن تعلم صدق نيتي وسهلت أموري، وعندما علمت سوء نيتي جازيتني، لذلك يارب أنت الشاهد على ما أقول سأشتري بما تبقى من الدينار بذور الزراعة، وسوف أرجع المال في وقته كما وعدت الرجل الصالح فسامحني يا الله.

اشترى الفلاح البذور وزرعها وأنبتت السنابل حبوب مضاعفة وحماها الله من الحشرات بقدرته، وحصد سنابله وباع الثلثين منها ب 200 دينار، وحفظ ثلث الزرع كبذور للعام المقبل، ثم جهز نفسه للسفر حتى يرجع المال لصاحبه وهنا كانت المفاجأة عندما طرق باب الرجل الصالح حضنه الرجل وهو يبكي ويعانقه بشدة ويقول الحمدلله على سلامتك، ظننتك في عداد الأموات لا أصدق عيني!

استغرب الفلاح من هذا الترحيب الحار وقال له: يا أخي لقد جئت في موعدي ولم أتأخر لِمَ كل هذا الترحيب والقلق؟ فقال له الرجل الصالح: بعد ذهابك بساعات قليلة خرجت زوجتي تنشر الغسيل، ووجدت غراب يحلق فوق سطوحنا وسقط من قدميه كيس معصوب بشريط أحمر لامع، وأحضرته لي فعرفته إنه كيسي، ولم ينقص إلا دينارًا واحدًا فقط، فظننتك قد تعرضت للسرقة والقتل من قطاع الطرق، ولا أعرف كيف عثر الغراب على الكيس؟

أخبر الفلاح الرجل الصالح بقصته كاملة وأعطاه كيس الدين وقال هذا سداد الدين المتفق عليه، فرفضها الرجل الصالح وقال: أنا مالي عندي ولم ينقص سوا دينار، وأرجع له كيسه وأعطاه الكيس ذو العصبة الحمراء الذي أرجعه الغراب، وقال: هذا هدية مني لك على سلامتك وأمانتك و وفائك، وهكذا عاد الفلاح ومعه 199 قطعة ذهبية، جزاء الله له على صدق نيته.