كنتُ أقيم بقرب شاطئ "شاطئ الأسرار" هذا شاطئ مليء بالأسرار الاشخاص، أحبُ أن استمتع لصوت الفراغ الناعم فيه، كان يسكن بقربي جارٌ ، يجلسُ في منزلهُ بمفرده دون أن يغادرُ إلى أي مكان يجلسُ على شاطئ كل يوم لساعات طويله ويلقي الحجارة في شاطئ . ذهبت ذات يوم وجلست بجواره وسألته: عن سبب جلوسه كل هذه ساعاتِ طويلة بقرب شاطئ ؟ فقال لي: إني أهرب من همومي وإلقيها على شاطئ نهر كي تتلاشى ولا تعود وأنا اعزفُ الموسيقى الهادئة . اشعرُ أن هذا التفكير كلاسيكي ...
سألتهُ: ما هذا الشعور الغريب لديك
فقال لي: إنني أشعر نفسي كالصخرة الكبيرة التي لا نفع ولا فائدة منها . كان يرددُ جملةً كلُ دقيقةً "ليتني استطيع رسم حياتي بقلمي الخاص..، ومن ثم يبدأ التحدثُ عن بعض الناس، قال لي: لا أدري كيف أولئك البشر لا يستعطون كتمان ما في قلوبهم، وبنسبه لي لا استطيع تكلمُ عن أحزاني وهمومي، اتعجب حقاً! من كلامة وتركته وعدت إلى بيتي. وفي اليوم التالي ذهبت إليه كي لا يشعر بالوحدة ، لا اُشفقَ عليه لكنه شخص طيب القلب لا يستحق ما يحصل له . جلست بجانبه وبدأ يتحدث عن يوم سيء حصل معهُ ؛فقال لي: نمت يومها على منتصف شاطئ ، ليتني لم أستيقظ... يومها كنت أنامُ بعمقاً وراحة وحين استيقظت شعرتُ بضيف من جلوسي بوحدي، لا أعلم معنى الهدود من شهور المقلقة التي جرت مع رياح، أتصلتُ بصديق قديم لدي لنلتقي
قال لي: بدهشه من أتصالي وسخريه مني على حالتي الآن: إنني حصلتُ على منصب كبير وانا مشغول الآن سنلتقي لاحقاً ان كان لدي متسعٌ من الوقت .
حينَ قال لي هذه الكلمات لم أنطقُ بحرفاً واحداً، كان أسلوبه بغاية الاستهزائية، وتكبر.
قال لي جاري من كلام محمود درويش: نتغير بلا مقدمات واضحة نتغير بلا سبب في وسع طائر عابر أن ينتشلنا من هاوية حين يجعل منقاره خيط الأفق وفي وسع طائر زائر أن يهتل علينا التراب .
فقال: بوقتها ذهبت لشاطئ وجلستُ أعزف الموسيقى الجميلة ، ومن الآن لم يعد لي رغبة بأي صديق سوى صديقي الوفي وهو شاطئ الهادئ "شاطئ الأسرار" ...هذا لغزي مع شاطئ يا جاري ، انه صديقي الوفي حيث ألقي أسراري فيه بدلاً من اصدقائي المزيفون والمخادعون.
You must be logged in to post a comment.