و ماذا؟
عندما يقع الكاتب في عشق كتاباته ..
عندما يهيم بها ..
عندما تضحي تلك الجمل هي دواءه و هي كونه الذي يلقى فيه سكينته ..
يتحول لذلك الكائن البسيط السابح بين الكلمات ..
تزول عنه كل تعقيدات البشر الفاسدة ..
بشريّ غير البشر ..
إنسان يعيش وحيداً ..
يمشي على أسطر يمشط حروفها حتى تصل قدماه حافة نقطة .
نهاية الطريق .
فيعود إلى أرض الناس و الأكسجين من جديد ممنياً نفسه لو تختفي النقطة من دفاتر اللغات و قواميسها ..
ليزاول عشقه اليزيد و يغني :
يالِهمندس الكَلِم .. يتراقص بين أصابعه قلم .. يخط ألحانه بنغم .. هو عالمٌ بأكمله .. نعم !
كلماته ... هي سر لن تحصل عليه ..
هي شيفرة قلب ممنوع الإقتراب منه ..
هو حديث لا يقال ..
هي بضع مفردات متحررة كانت قد سئمت التخفي ..
هي صوت ضمير لم يصمت يوماً .
و صداقة جمعت بين كوب قهوة و قلم معطاء و إنسان سخي المشاعر و موعد جذّاب مع القمر في ليلة معصوبة العينين و لكنها يقظة بنسائمها الودودة ، تعمل في سكون تام على إيصال رسائل الأشواق بين الكائنات و الذكريات إلى وجهاتها المنشودة .
...............
فينهمك ذلك الكاتب المغامر في طباعة كل تلك الأكوام من المشاعر الطازجة أو تلك التي تكاد تذبل و هي حبيسة بين جدران قلب صلدة كحرّاس القصور أو السجون ..
هو ذلك الإنسان الذي اشتدّ عضده بقلمه .. و التأم جرحه بكلماته .. و جفت دموعه بحرارة أشواقه .. و ارتمت جفونه في أحضان أبيات شعرية .
في محفل خاص محرّم على كل من سواه .. نفس واحدة لكل هذا .. محارب يقول أنا لها و يمسك سلاحه الأبديّ محارباً كل تلك العادات المهترئة و شخصيات تائهة بين صفحات الروايات و قصص لا تحب الإنتهاء ، يقاتل أجساداً قد جُرِّدت من قلوبها فتخترق سهامه -حروفه- صدورهم الخاوية ..
لم يظفر يوماً بنصر رمزيّ على كل أولئك الخصوم .. و لكنه يعدّ خوضه لتلك المعارك هي نصر أكبر من الفوز على أرض المعركة ..
نصره .. كلماتٌ خالدة .
و رسائل نفيسة .
و ضمير لم يصمت يوماً .
و وجهة يصل إليها في كل مرة .
You must be logged in to post a comment.