|فُراق..|
بعدَ أن قررا الفراق، أخذَ كلٌّ منهما طريقاً ،وكلاهما ادّعَ الكبرياءَ وكأنّ لا مشاعرَ لهما
آخر نظرات بينهما كانت عبارة عن مزيجٍ من الانكسارِ مع كبرياء تحتَ مسمى القوة..
هي عادت إلى منزلها وسرعانَ ما ألقَتِ بنفسها على سريرها والدموعُ انهمرت من عيناها
وهو ذهبَ للمُرْجِ مكانَ التقائِهما للمرةِ الأولى وأخذَ يحتسي الخمرَ. والسجائرَ واحدةً تلوَ الأُخرى
كانتِ ليلةً تعصُفُها رياحُ الفراقِ،والشوقِ مع مزيجٍ من الذكرياتِ الأليمةِ التي اجتاحت،قلبا هذان الشابان
بعد أيامٍ من الفراقِ ..
مازالَ الحزنُ يكلِّلُ قلبها ويعتنقُ روحها فما كانَ بوِسعِها أن تبوحَ بحالِها المكسورة لأحدٍ، فبدأت الكتابة
لعلّها الملجأُ الوحيد لتفريغِ ما بأعماقِها
فكتبت :
فراقُ مَنْ نحبُ جرحٌ لا يُشفى ،فَمِنَ الصَّعبِ أن تُفارِقَ روحاً كانت جزءً منكَ، دونَ ألمٍ
ذَهَبْتَ أنتَ ولمْ يبقى لي منَ الحياةِ شيءٍ حتّى روحي سلبْتَها مِنّي، مِنْ دونِكَ أنا محطّمة، من دونِكَ جَفّتْ دموعي
فَمِنَ الصّعبِ أنْ تَبحث عن دموعٍ في عينيكَ ولم تجِدها فيحترقُ قلبكَ ليُصبِحَ رماداً، يُؤسِفُني أنني فارقتُكَ لعلّيَ فقط استمعتُ لكَ
ألقيتُ اللّوم عليكَ دونَ الإنصاتِ لكَ وكأنّ الكبرياءَ سينفعُني صدّقني أنني أموتُ ببطءٍ ، أشعرُ وكأنّ سمٌّ يتغلغلُ بجسدي.
توقفَت عنِ الكتابةِ ودخلَتْ بحالةٍ من الضّحِكِ الهيستيرِيِّ والبكاءِ ;
لقد اضطرَبَت حالتُها أكثر فأكثر وكأنّها أُصيبت بانفصامٍ، تجلسُ وحيدةً بغُرفتِها الصغيرة والستائرُ مغلقةٌ والنُّورُ خافت
عيناها منتفختان وجهها شاحب،
بينما هو، أصبحَ شخصٌ لا يُحسَدُ على حالِهِ المأساويةُ ذو لحيةٍ كبيرة تغطّي معظمُ وجههِ ،وعيناهُ حمراوتان كما لو أنّهُ لم ينَم من أيامٍ ولاتفارقُهُ السجائرُ والكحولُ
حياته خلال هذه الفترةِ الوجيزة أشبهُ بعجوزٍ وحيد اختطفت الحياة منه أبنائهُ، بائسٌ علائم التعبِ
والخمول ترتسمُ على جسدِهِ ، عدى وجهه الداكن ،
سيطرَ الأرقُ والشوقُ على كلٍّ منهما …
مازال شغفُ الحبِّ يعتنقُ روحيهما ..
أيُعقَلُ أن ينتصرَ الكبرياءُ أمامَ الحبِّ
أيُعقَلُ أن ينخرَ الشوقُ قلبَ المحبين.
نتلذّذُ بعذابِ أنفُسِنا لأشياء لاينبغي أن نعدّها أشياء
هكذا أختارا الفراقَ في لحظةِ غضبٍ وتهوّر...
كلُ ما كانا يسعيانِ إليهِ حينها فقط تنفيذ ماراودَ عقلاهُما..
الفراق ليس اختيارنا.. وإنّما أمرٌ محتومٌ علينا..
يأتينا في حين غفلة، دون سابقِ إنذار،
هكذا الفراق، يحطّم فؤادنا دون رحمة
ولا ينبغي علينا سِوى الخضوع للـأمر الواقع
ليس بِوِسعنا أن نختار عمّن نتخلّى.. وبمن نحتفظ
فجميعنا، موعودون بالغياب، العاجل أم الآجل.
يأتينا، دون السماح لنا بالوداع،
حين يفارقنا من نحب دون الإفصاح عن السبب
يغادرون لأسباب مجهولة، يلطمون الفؤاد،
يمزّقون الروح، يشوّهون ذاكرتنا
ومع ذلك، نتشبّث بهم بأظفار ذاكرتنا وأسنانها
إلى متى..
سنبقى كأطفال ندهس فؤادنا بلا عمدٍ
كي نثير شفقةِ الراحلون المتعمدون أذيتنا
إلى متى..
ونحن نرسم بمخيلاتنا.،
أن النّهايات دائماً جميلة ولصالحنا نحن
إلى متى..
والبراءة لا تزال تعتنق أرواحنا
إلى متى ..
سنبقى كما نحن
نكادُ نخسر أنفسنا ،بغيّة الحفاظ على أشخاصنا
لماذا قررنا دخول متاهة الفراق، لماذا أحببنا كُلُّ ذاكَ الحب لهم
رغماً عنّا سنقفُ خاضعين أمام عظمة الفراق لا يمكننا تغيير أقدارنا
فهي محتومة علينا منذ أن احتضنتنا الحياة،
أتظنُّون أن، الحبّ يردّ الفراق..!
ألا تعلمون أنّ الدافع الرئيسي للفراق يكمن بالحب، أظنّكم لا تعلمون
كلّ من فارقني كنت أأمن به وأقدّسه تقديساً يجعلني ادّعي من ينم به بالكافر
ومع كل هذا الحب والتعلق يذهب وكأنّ قلبهُ مُثقل بالبرودة..
أتعلمون أنّ ما أسكبُهُ من حروف بكلمات، وما أرصفهُ من كلمات في جمل
ليس سوى أداةٌ ابوحُ بها، كي أعتُقُ
قليلاً من الهموم التي اعتنقتني،
|حنين فراس حسن|
سوريا...
You must be logged in to post a comment.