المرآه الملعونة - الجزء الثاني

- اريد ان يترك لؤي خطيبته.

- "يتم الان تحقيق الامنية الثانية".

ذهبت مريهان إلى غرفتها لتنام وهى منتظرة الغد بفارغ الصبر..

 

في صباح اليوم التالي ذهبت إلى العمل، وفور دخول مكتبها طلبت من السكرتيرة حضور لؤي إلى مكتبها لمراجعة تقرير امس، طرق لؤي المكتب قبل دخوله:

- لقد أخبرتني السكرتيرة ان آتى لمناقشة التقرير.

- نعم، هناك نقاط غير واضحه، ولكن لحظه هل نسيت ان ترتدى خاتم الخطبة اليوم؟

- لا لقد انفصلت عنها.

- كيف هذا؟ ألم تخبرني انها خطبه بعد قصة حب طويله؟

- نعم ولكن امس بعد ان التقينا قررنا ان نتناول العشاء بأحد المطاعم، ولكن بالمطعم قابلنا صديق دراستنا القديم وجلس معنا على الطاولة وبدأ يحكى عن انه ورث عمته واصبح ثرى بعد ان كان يستلف منى ومن أي شخص، وأوصلني بعد ان اوصل مخطوبتي وبعد ساعتين من ذلك تفاجأت بمكالمه منها انها تريد الانفصال، ظللت اسألها عن ذلك القرار المفاجئ، أخبرتني انه بسبب صديقنا لأنه اتصل بها وطلبها للزواج، فقررت التخلي عنى والموافقة ونسيت حبنا.

- يا لها من قصة حزينة هي لم تستحقك منذ البداية، وهى ليست اخر من بالكون ستقابل غدا افضل منها.

- أنا لا اريدها ولا اريد غيرها، لقد اغلقت ذلك الموضوع؛ والان ماذا تريدي توضيحه بالأوراق 

- سأطلب لنا فنجانا من القهوة اولا وبعد ذلك نبدأ بالمراجعة. 

 

وعند انتهاء دوام العمل انتظرت مريهان ان يأتي إليها لؤي ليعرض عليها ايصالها ولكنها حزنت عندما وجدت مكتبه فارغ، يبدو انه ذهب بمفرده فور انتهاء العمل..

عادت مريهان الشقة وهى تحمل دجاجه فهي فكرت في امنيتها الثالثة وهى ان يحبها لؤي، وضعت الدماء وتركت الغرفة مدة ساعة، ثم دخلت الغرفة لتمني الأمنية الثالثة:

- لماذا تتغير الرسمة التي على الجدار؟

- "لا تسألي عن تلك الرسومات والان من حقك الامنية الثالثة"

- اريد ان يحبني لؤي.

- "يتم الان تحقيق الامنية الثالثة".

 

وبعد لحظات جاءت مكالمه إلى هاتف مريهان وكان المتصل لؤي:

- أعتذر عن ذهابي قبل ان اذهب إلى مكتبك.

- أتفهم هذا، ربما لأنك حزين الان.

- ولكن ربما كنت قاسي المعاملة بعض الشيء.

- لا لم تكن كذلك.

- في الحقيقة وددت ان اسمع صوتك الان، ولا اعلم السبب.

- لا بأس، ربما انت بحاجه إلى صديق بجوارك تلك الفترة.

- نعم، ولكن هل ستقبلين ان نكون اصدقاء؟

- هذا شيئا يسعدني، ولكن ذلك خارج نطاق العمل.

- هذا شيئا يسعدني ايضا.

 

في صباح اليوم التالي ذهبت مريهان إلى العمل وهى شديدة السعادة، وانتظرت اعتراف لؤي بحبه كما طلبت من المرآه، وبالفعل اعترف لها لؤي ولكن كان هناك عائق لم يكن بالحسبان..

- مريهان اعلم انك المديرة، ولكن اعذرِ لي جرأتي، أريد أن اعترف لكِ انى احبك.

- لؤي نحن نعرف بعضنا البعض منذ فترة قصيرة.

- انا حقا متعجب.. كيف حدث هذا بتلك السرعة؟ ولكنى حقا صادق، لقد تسرعت في الاعتراف بحبى ولكن هناك عائق واحد فقط، فقد رفض عمى مساعدتي بترتيبات الزواج لان مخطوبتي السابقة ابنت احد اقرباء زوجته، ولكنى انتظر ان يهدأ ويفهم الحقيقة وبعد ذلك سأتقدم لكِ.

- انا حقا متفاجئة بقولك ذلك الكلام، سأفكر واخبرك برأيي. 

 

وكان لؤي ينتظر ان يوصلها لشقتها، ولكنها اوقفته لشراء دجاجه..

- لماذا قمتي بشرائها دون ذبحها؟

- لأني اجيد الطبخ واحب ان اذبحها بنفسي.

- ولمَ هذا العناء؟

- انه التعود.

- حسنا دعيني احملها عندك.

- موافقه ولكن سأحمل حقيبتك.

- شكرا لك لإيصالي، ان شقتي بالطابق الثاني.

- تفضلي، سأرحل الان. 

 

صعدت مريهان منتظره ان تقدم الأضحية لتتحقق امنيتها الرابعة، وبدأت بتقديم دماء الأضحية وكانت جاهزة لتمنى الأمنية، وفى تلك الاثناء ادرك لؤي انه نسي يأخذ حقيبته من مريهان فقرر العودة إليها، سمعت مريهان دقات طرق الباب قبل النطق بتمني الامنية، ذهبت لترى من الطارق وكان لؤي، فتحت مريهان الباب دون تفكير

- اعتذر عن قدومي فجأة.

- لا تقول هذا انت لست غريب.

- لقد نسيت حقيبتي معك.

- نعم لقد تركتها بغرفتي سأحضرها لك، تفضل بالدخول.

- شكرا لكِ. 

 

دخل لؤي الشقة ولاحظ الجدار المهدوم والفضول دفعه للنظر لما وراء الجدار، فوجد جدار الغرفة من الداخل مليئة برسومات من الدماء، وتذكر امر تلك الدجاجة، ودار في ذهنه ألف سؤال هل هذا سحر؟ ام ماذا؟ 

وكانت مريهان ممسكه بالحقيبة وهى واقفه خلفه وتقول في نفسها لقد كُشف أمرى...

- مريهان! ما هذا؟

- انها قصة طويلة، سأحيكها لك.

وبدأت مريهان بذكر كل التفاصيل منذ امنيتها الاولى التي تحققت بدون قصد او علم منها والمرآه السحرية والامنيات والأضحية، لم يصدقها لؤي حتى جعلته يرى ذلك بنفسه عند تمنيها الامنية الرابعة، فوقفت امام المرآه وقالت:

- اتمنى ان يرث لؤي عمه الثرى.

ورأى لؤي الكلمات التي ظهرت على المرآه!!

- "يتم الان تحقيق الامنية الرابعة".

وقف لؤي مصدوما لا يستطيع الحراك، حتى جاءته مكالمه هاتفيها مضمونها، ان عمه قد مات للتو، خرج لؤي من تلك الغرفة وجلس بإحدى الكراسي الموضوعة بالصالة.

ذهبت مريهان إلى المطبخ لتحضير كأسا من عصير الليمون، ترك العصير ولم ينطق بكلمة ورحل، ولم يُجب على أي اتصال من اتصالات مريهان.

 لم يذهب لؤي إلى العمل في اليوم التالي بل كان بمنزل عمه لمراسم الجنازة والدفن، وفى نهاية اليوم جلس المحامي مع لؤى ليخبره ان عمه علم سبب الخلاف الذى تسبب في فسخ الخطبة وشعر بالذنب تجاهه لأنه حمله نتيجة ذلك دون ان يبحث خلف السبب الحقيقي، وكتب وصية بنقل كل الميراث لك؛ لم يتفاجأ لؤي بما يحدث. 

لقد عادت مريهان من العمل وهى تقول في نفسها لقد مرت ثلاثة ايام ولم يحاول لؤي الاتصال، وبالنهاية قررت تقديم اضحية امنيتها الرابعة فربما تتمنى الامنية الاخيرة مسامحة لؤي وعودته إليها، ولكن قبل انتهاء مرور الساعة وقبل ان تستهلك امنيتها الاخيرة دق باب شقتها..

- لؤي، كنت انتظر عودتك.

- لقد تحققت الأمنية وورثت عمى، ولكن كيف هذا؟!

- كما قلت لك انها مرآه مسحورة، والان تبقى لي اخر أمنيه.

- وماذا سيحدث بعد ذلك؟

- لا اعلم، ربما تختفى تلك المرآه.

- دعيني اسألها بعض الأسئلة. 

- تفضل.

دخل الاثنان الغرفة

- مريهان ألا تلاحظين ان تلك الرسومات تشبهني؟

- نعم لاحظت ان ملامحك تظهر شيئا فشيئا، ربما لأني افكر بك وان ارسم دون ان ألحظ، ولكن لا يهم ذلك الان فلتسأل المرآه.

فسأل لؤي المرآه..

- هل استطيع ان اطلب منك امنيات لتحقيقها بعد ان تتمنى مريهان الأمنية الأخيرة؟

- "نعم في حالة موت مريهان، فانا لا انتقل لمالك اخر الا بعد موت المالك الحالي"

توترت مريهان بعد سماعها هذا ثم سألت المرآه..

- وماذا سيحدث بعد ان اتمنى الامنية الاخيرة؟

- "تلك الرسومات ستتجسد في شكل اقرب شخصا إلى قلبك، وهو الاضحية الحقيقة الذى سيبتلعه ثعباني".

- أيعنى هذا ان.. ان.. لؤي سيموت؟

- "نعم في حالة طلبك لأخر امنية فتلك هي اضحية الامنية الاخيرة، اقرب انسانا إلى قلبك"

قال لؤي إلى مريهان 

- لا تتمنى الامنية الاخيرة!

- كنت سأتمنى ان تسامحني وتعود إليّ.

- لقد سامحتك، والان أنتِ لست بحاجه إلى تلك المرآه، علينا ان نتخلص منها.

- ربما علينا اعادة بناء ذلك الجدار.

- حسنا سأحضر الادوات غدا بسيارتي الجديدة.

 

وفى الصباح احضر لؤي الطوب الاحمر والاسمنت والجبس وبدأ بإغلاق تلك الفتحة بالجدار، وتنهدت مريهان وهى تقول:

- اخيرا انتهى ذلك الكابوس.

- نعم يا عزيزتي، هيا بنا لنحتفل، سنذهب بسيارتي إلى اشهر مطعم بالمدينة. 

- يا له من احتفال هيا بنا.

واثناء سيرهم لاحظت مريهان ان لؤي يسلك طرقا فرعيه..

- لمَ لا تسير من الطريق الرئيسي؟ انه اقصر.

- نعم اقصر، ولكنه مزدحم.

- هل هذا خوفا على سيارتك لأنها جديدة؟

ثم توقف فجأة وقال لها:

- والان وبعد ان اغلقنا الغرفة لن تستطيعي ان تتمنى اخر امنية، ولكنى الان استطيع ان اخنقك واصبح المالك الجديد لتلك المرآه.

وكان يقول تلك الكلمات وهو يلف حول رقبة مريهان حبل وظل يضغط على رقبتها 

وفجأة تحول ذلك الحبل إلى ثعبان وقام بالتهام لؤي، وقالت مريهان:

- لقد تمنيت الامنية الخامسة وهى ان اتنازل عن المرآه، والان تخلصت منك بسبب تلك الامنية الاخيرة ومنها ايضا في آن واحد، وعليا العودة الى المنزل لأرمي تلك المرآه بعيدا عنى..

وعند صعودها اهتز المنزل بشدة وحاول الفرار من بالمنزل وهو يسقط، وعندما افاقت وجدت نفسها داخل مشفى

وقال لها الطبيب: من أنتِ؟؟

قالت: انا مريهان، كنت ابحث عن شقة صغيرة لشرائها وهذا اخر ما اذكره.

 

وفى تلك الاثناء كان هناك عمال لإزالة البناء المهدوم، وقال احدهم إلى الاخر:

- جلال، انظر ماذا وجدت تحت الأنقاض؟

- انها مرآه عجيب، انها لم تتحطم.

- سآخذها لنفسي انها حقا جميلة، كم اتمنى لو ان اجد ذهبا ايضا وسط الأنقاض...

كُتب بالدماء على المرآه:

- "يتم الان تحقيق الامنية الاولى"...

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author