قصة نسيم الرعد

اتصلت أميرة فجرا بصديقتها شيماء لتخبرها أن نتيجة الثانوية العامة ظهرت الكترونيا وأنها تستطيع أن تعرف مجموعها الآن، قالت أميرة:

- شيماء لقد ظهرت النتيجة وحصلت على ٧٧% وماذا عنك؟

- هل ظهرت النتيجة؟ لقد غفوت قلقا لعدم استطاعتي الانتظار.

- هيا اذهبي أقرب مكان به أجهزة الحاسوب واطلبي نتيجتك برقم الجلوس.

- حسنا بالتأكيد.

ذهبت شيماء ووالدها لتسأل عن نتيجتها وكان مجموعها ٨٦% ورغم أنها توقعت أكثر إلا أنها في حالة رضا بهذا المجموع فيكفي أنه سيساعدها لتحقيق حلمها بالالتحاق بكلية الآداب قسم انجليزي، عادت شيماء المنزل وعم المنزل الفرح والغناء والمرح.

شيماء فتاة تبلغ من العمر السابعة عشر، طويلة ورفيعة وعيونها عسلي فاتح وبشرتها خمرية، وشعرها طويل وناعم ولونه أسود، وكانت لديها لدغة بحرف الراء.

في اليوم التالي بعد الزيارات والمباركات اتصلت شيماء بأميرة وسألتها عن زميلاتها بالمدرسة ثم طلبت منها الاحتفال بهذه المناسبة ومشاهدة الفيلم الأجنبي الذي يعرض بأحد المجمعات التجارية ووافقت على الفور، بعد الخروج من الفيلم المرعب والذي أحب البطلة شخص من عالم أخر وأراد أن يتخلى عن عالمه لأجلها، فقالت أميرة إلى شيماء:

- ما أجمل هذا الفيلم؟ هل أعجبك؟

- لقد أعجبني كثيرا ولكنه غير واقعي.

- وهل تريدين أن يكون حقيقة؟

- فقط اتساءل، هل من الممكن أن يحبني شخص من عالم أخر؟

ظلت أميرة تضحك بلا توقف ثم قالت:

- هل قصّر معكِ من بعالمنا؟ لا أنا أريد أن يحبني من هو بعالمي.

- أنا فقط أتخيل ماذا ولو كان هذا الفيلم حقيقي؟ كيف سيكون شعوري إن كنت أنا مكان البطلة؟

- دعكِ من هذا الكلام، المرة القادمة ندخل فيلم أكثر واقعية.

- لديك حق، فأحداث هذا الفيلم بالطبع مستحيلة.

ذهبت أميرة وخلفها شيماء حتى اصطدمت شيماء بشيء سقط من الأعلى، فنظرت للأعلى لم تجد أي أشخاص فعاودت سيرها فوجدت شخص أمامها يعتذر منها فقالت شيماء:

- ليس هناك مشكلة.

- شكرا لذوقك، اسمي نسيم الرعد وأنتِ؟

ضحكت شيماء من غرابة اسمه وقالت:

- ما هذا الاسم الغريب؟ 

نظر إليها نظرة أرعبتها وكأن عيونه باللون البرتقالي ثم تركها، فأرادت الاعتذار منه ولكن لا أثر له، فنادتها صديقتها أميرة وقالت:

- شيماء، شيماء لماذا لم تلحقي بي؟

- لقد قابلت شخص غريب، هل هناك شخص بعيون برتقالية؟

- ماذا؟

- اسمه نسيم الرعد.

- ما هذا الكلام الغريب؟ هل أصابك مكروه؟

- أقول لكِ قابلت شخص بعيون برتقالية اسمه نسيم الرعد.

ضحكت أميرة وقالت:

- هل تمزحين؟ هذا الكلام غير منطقي.

- لا أعلم هذا ما حدث.

- لا تهتمي وهيا نعد للمنزل.

- حسنا.

أدارت رأسها ونظرت في كل الاتجاهات ولم تجده فأكملت طريقها مع صديقتها، وظلت تفكر فيما حدث حتى غلبها النوم.

بعد مرور أكثر من شهر ظهرت نتيجة التنسيق ودخلت أميرة كلية التجارة أما شيماء كلية أداب قسم اللغة الانجليزية كما رغبت، وفي أثناء هذه المدة كانت شيماء تحدث لها أشياء غريبة كأنها تسمع صوت أمها تنادي عليها وعندما تجيبها تخبرها أمها أنها لم تنادي عليها، عندما تضع بعض أشياءها في مكان ثم تعاود البحث عنه ولا تجده وعندما تترك البحث تجده بالمكان الذي وضعته فيه، وأحيانا تجد الأشياء في أماكن مختلفة، تتحدث إلى أمها أو صديقتها وتشعر أنها قالت هذا الكلام من قبل، عندما تقلب قنوات التلفاز تجد هيئة شخص في شاشة التلفاز يشبه ذلك الرجل الغريب فتغلق التلفاز، تشعر بأن هناك ظل يتبعها في كل مكان وأحيانا تشعر أن هذا الظل أبطئ منها وأحيانا أطول أو اقصر ولا تعلم كيف تتخلص من هذه الأوهام، حاولت أن تحكي إلى أمها وصديقتها ولكنهم إما أن يعتقدون أنها أوهام أو أنه أمر عادي لا مشكلة فيه، لا أحد يفهمها أو يشعر بما تمر به.

في أول يوم جامعي وكانت محاضرات شيماء مختلفة عن أميرة فذهبت شيماء وحدها، ذهبت المحاضرة وبدأت الطلبة في التعرف على بعضهم البعض، فسمعت شيماء اسم نسيم الرعد فالتفتت حولها حتى تراه ولم تجده فتعجبت وقالت في نفسها: لقد سمعت اسمه للتو واسمه مميز، غير معقول شخص أخر بنفس الاسم ولكن أين هو يا تُرى؟

ظلت تتلفت يمينا ويسارا ولكن بلا جدوى، فحاولت تتناسي الأمر، ولكتها لم تحاول التعرف على أحد فهي شريدة الذهن وليس لديها الجراءة للتعرف على أحد، خرجت من المحاضرة واتصلت بصديقتها أميرة وقالت لها:

- أميرة، أنا وحيدة من دونك صديقتي.

- ألم تتعرفين على أحد؟

- لا، أشعر بالغربة في هذا المكان.

- ستعتادين الأمر، لا تقلقين.

- هل تعرفتي على  أحد؟

- نعم تعرفت على احدى الفتيات وأنتظر أن يتعرف علي الشباب؛ وضحكت عاليا.

- حسنا عزيزتي، اقضي وقتا ممتع، مع السلامة.

- انتظري، لا يجب أن يبدو عليكِ الحزن هكذا، فأنت دخلت الكلية التي ترغبينها.

- أعلم هذا ولكن... لا عليكِ فربما مع الوقت أعتاد الأمر.

- حسنا، سأنتهي من محاضراتي وآتي إليكِ.

- هذه فكرة جيدة سأنتظرك.

بعد أن أنهت الحوار شعرت بشخص يراقبها طوال الوقت فنظرت تجاهه وجدته مشغول عنها تماما، شعرت أنه ربما تتوهم الكثير من الأشياء، فتحت هاتفها وبدأت البحث عن شيء يشغلها قليلا، وبعد فترة وجيزة جاء ذلك الشاب إليها وقال:

- هل تعرفينني؟

- ماذا؟! بالطبع لا.

- إذن لماذا لم تفاريقي النظر إلي؟

ضحكت بتهكم وقالت:

- هل أنت مغرور أم ماذا؟ لم أنظر إليك بالتحديد ولكن أنظر حولي.

- حسنا ربما خُيل إلي، أعتذر إن ضايقتك.

- لا عليك.

- اسمي شريف وأنت؟

- وأنا شيماء.

- اسم جميل، تشرفت بمعرفتك.

- وأنا أيضا.

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author
Aya
Aya