كيف أمارس الصحافة في عصر السوشيال ميديا

إن من الملاحظ أن معظم المهتمين بمجال الصحافة عندهم تصور مبالغ فيه عن موضوع كيف يمكن للصحفي أن يمارس الصحافة في هذه الأيام. فنرى أن الكثير منهم يؤمنون بفكرة أن الصحفي لا يستطيع أن يمارس صحافته إلا إذا كان يعمل في قناة تلفزيونية أو كان كاتباً في إحدى الصحف أو يمتلك تلك الكاميرا الضخمة.

سأتناول في مقالتي نقطة كيف يمكن للصحفي أو أي إنسان مننا أن يمارس مهنة الصحافة في هذا العصر الرقمي. 

وسائل التواصل الاجتماعي قدمت الكثير من التسهيلات في حياتنا اليومية، سواء في مجال التواصل مع الآخرين أو في مجال تعلم أمور جديدة وتنمية المهارات في كثير من الجوانب، وهذه التسهيلات كان لها أيضاً تأثيرها في المجال الصحافي. سواء منها الإيجابي أو السلبي. فبالرغم من أنه جعلت من كل العالم قرية صغيرة وجعلت أي شخص في العالم قادر على الوصول إلى محتوى رقمي غير محدود إلا أنها أيضاً كانت مساحة كبيرة وحرة لنشر المغالطات والأخبار المزيفة والمحتوى الضار وما إلى ذلك.

هناك عدة أسباب لماذا يجب على كل منصة إخبارية و إعلامية أو حتى على كل صحفي أن يستخدم هذه المنصات، منصات التواصل الاجتماعي: 

أولاً: لأنه وبكل بساطة أصبحت السوشيال ميديا واجباً وليس خياراً. لأنه مهمة أي صحفي هو أن يقوم بإيصال الخبر إلى أكبر جمهور ممكن، ومن المستحيل أن يصل هذا الصحفي على أرض الواقع إلى الجمهور الواسع الذي يمكن أن يصل إليه من خلال هذه المنصات. والآن أي إنسان منا في عصر السوشال ميديا أصبح قادراً على الوصول إلى أكثر 3.80 مليار مستخدم لهذه الوسائل من خلال هذا الهاتف البسيط وبتكلفة زهيدة جداً.

ثانياً: 
من أهم الأمور التي قدمتها السوشيال ميديا لعالم الصحافة هي أنها استطاعت أن تجمع كل أشكال الصحافة بمكان واحد وسمحت للوصول إليها بشكل مجاني وسهل للغاية، فهي وفرت مساحة للصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية والتفاعلية التي ممكن أن نراها ونتفاعل معها على أي منصة من منصات التواصل الإجتماعي والتي كل شخص منا لديه مالا يقل عن حساب على واحدة منها مثل الفيسبوك أو التويتر أو الانستغرام أو اليوتيوب وغيرها. فأنت كصحفي تستطيع أن تنتج فيديوهات صحفية أو مقالات مكتوبة أو تسجيلات صوتية أو حتى محتوى صوري وتقوم بنشره على هذه المنصات بدون التقيد بنوع واحد من المحتوى. 

ثالثاً:
السرعة والآنية:
فالأخبار العاجلة لا يمكن أن يراها المشاهد على التلفاز إلا إذا صدفت أنه كان يشاهد المحطة الإخبارية المعينة التي قامت بنشر الخبر بنفس الوقت. أما منصات التواصل فقد أتاحت لمستخدميها الوصول والاطلاع على أمثال هذه الأخبار العاجلة فور حدوثها. وهناك بعض المنصات التي توفر لك حتى خدمة إيصال هذه الأخبار العاجلة لك دون الرجوع إلى هذه المنصة وتصفحها. 

رابعاً:
السوشال ميديا أصبحت مصدرا إخبارياً بحد ذاته 
صفحات التواصل الاجتماعي هذه لم تعد فقط منصات لنشر الأخبار أو أداة لإيصال الحدث للعالم بوقت سريع وقياسي، بل أصبحت أيضاً أحد مصادر العمل الصحفي باعتبار أنها نتاج الواقع والأحداث اليومية. فالصحفي حتى يكون قادر على تغطية موضوع معين لابد أن يستعرض آراء الناس عنه وعن كيف يتفاعلون معه ويكون ذلك من تصفح هذه المواقع ودراسة وتحليل آراء الناس. وأحيانا قد يكون الخبر الصحفي هو بحد ذاته حدث أو ردة فعل حصلت عالسوشيال ميديا نفسها، وأكثر هذه  الأمور ممكن أن نراها في موضوع الهاشتاغات الرائجة على منصة تويتر والتي يتفاعل معها الكثير محليأ أو عالمياً. 

أمثال هذه الهاشتاغات الرائجة قد تكون سبباً في إحداث أزمة بين دولتين أو إشعال فتيل ثورات أو تغيير قرارات عالية المستوى أو القيام بحملات تضامنية على مستوى عالمي أو حتى سبب في استقالات شخصيات رفيعة المستوى من مراكزها. 

 

خامساً وأخيراً:
هو أن هذه المنصات توفر لك قاعدة بيانات دقيقة عن جمهورك وهذا ما يساعدك في المستقبل على فهم هذا الجمهور وتقديم المحتوى الأنسب له. هذه البيانات تساعد أيضا إلى تقييم محتواك ومدى تفاعل الجمهور معه وبناء عليه تستطيع أن تقرر إن كان هناك أي تغييرات يجب أن تقوم بها أو أي أمور يجب أن تطورها وتركز عليها أكثر. 
فقد يكون الصحفي مثلا يركز دائماً على نشر المحتوى المكتوب على منصاته أكثر من المرئي إلا أن هذه البيانات تظهر تفاعل أكبر من الجمهور على المحتوى المرئي وعندها يتوجب عليه أن يقوم أولا بإعطاء أهمية للمحتوى المرئي وثانيا العمل على تطوير المحتوى الكتابي حتى يكون مناسب أكثر لجمهوره. 

كل هذه الأمور توصلنا إلى حقيقة أن السوشيال ميديا هذه الأيام لم تعد مجرد أداة للترفيه والتسلية، بل هي أصبحت أيضا ومصدر إخباري عالمي للأحداث. 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
About Author