الحياة مليئة بالمفاجآت و التقلبات، تحتاج منا الحياة غالبا إلى الصبر و العمل و عدم اليأس، فقط التفاؤل و المزيد من العمل و السعي للتغيير و عمل الخير حتى لو كان بسيطا.
كنا نعيش في بيت من الصفيح في قرية تكاد تكون فيها الخدمات الأساسية معدومة؛ والدي كان يعمل بأجر زهيد في مجال الطوبار و رغم صعوبة الأيام إلا أنها كانت تمضي.
أصيب والدي في حادث خلال عودته من العمل؛ و منعته أصابته من مواصلة العمل لفترة طويلة و تأزمت الأمور كثيرا في بيتنا، لم يكن في مقدورنا توفير الطعام و أبسط الاحتياجات، و في نفس الوقت كنا من المتعففين و عندنا عزة نفس، و لحسن حظنا فقد كانت أمي تملك موهبة التطريز و نسج الملابس من الصوف و بدأت في هذا العمل لتأمين مصروف يومنا و طعامنا.
في يوم من الأيام، دق بابنا رجل يبدو عليه التعب و الإرهاق و طلب من والدي أن يرتاح عندنا قليلا؛ فقد تعطلت سيارته و سرقت نقوده فأكرمه أبي بما هو موجود عندنا و قدم له الطعام و سمح له بالنوم و الراحة و بعد أن إستيقظ، أعطاه أبي مبلغ بسيط من المال و كان كل ما باعته أمي من مطرزات لهذا اليوم، لم يأبه والدي أو أمي بالمال بقدر حرصهم على إغاثة المحتاج و إكرام الضيف.
غادر ضيفنا بعد أن شكر أبي كثيرا على حسن المعاملة رغم ضيق الحال. وبعد مرور أسبوع على هذه الحادثة، تفاجأنا بنفس الرجل ولكن هذه المرة بهندام أفضل و ملابس جديدة و بسيارة حديثة.
استقبله أبي بسعادة و حب بنفس استقبال المرة الماضية، و بعد شرب الضيافة، قدم الرجل علبة مغلفة كهدية لوالدي على حسن معاملته للرجل رغم عدم معرفته به رفض أبي في البداية هذه الهدية و قال له أنه عمل بأصله و بالواجب، و لكن الرجل أصر عليه فقبل أبي الهدية.
بعد مغادرة الرجل فتح أبي العلبة و كان فيها مفاتيح لبيت جديد و ورقة كتب فيها عنوان البيت و أنه هدية لنا و وظيفة لوالدي مريحة له و في مكتب مريح.
بكينا كثيرا في ذلك اليوم، لم نتصور يوما أن هذا هو رد الجميل و لكن كنا متأكدين أن جزاء الإحسان هو إحسان أيضا و أن المواقف ديون و ترد لأصحابها.
You must be logged in to post a comment.