لستُ أنتِ

عاجل:انتحار امرأة بالقاء نفسها من الطابق الثالث (٢١/٤/٢٠٠٥)

بثقل وكسل فتحت عينيها على صوت المنبه،نهضت من فراشها الدافئ لتذهب لعملها الذي تحبه فهي محامية ذكيه ومجتهدة وهذا ما يهم السيدة سعاد مديرة المكتب.

  قالت في نفسها بتأتأة:اليوم هو عيد ميلادي ال٢٣، لم تكن جمانة لتهتم بعيد ميلادها او عمرها او مظهرها بتلك الملابس البالية التي تفوح منها رائحة العفن وشعرها الذي لم يدخله المشط منذ أيام بل اسابيع ،لم يكن لديها أي اهتمام غير اثبات نفسها في عملها.

وقفت أمام المرآة ووضعت دبوس شعر طفولي كان قد اهداها اياه والدها عندما كانت في السابعة من عمرها ،ربما هو الهدية الاولى والأخيرة التي تلقتها في حياتها،نظرت لمرآتها فرأت وجها شاحبا يكاد يخلو من الحياة،شعر منكوش ومتشابك لدرجة مخيفة.

جمانة شابة بعمر الزهور لم تعش طفولتها كأي فتاة عادية،فقد كانت أمها تعاني من مرض نفسي خطير وقد اشتد مرضها بعد ان انجبت طفلة سمراء نحيلة الوجه بشعة كما كانت تصفها دائما،فقد كانت تريد ان تنجب صبيا يحمل اسم زوجها وعائلته الغنية،كبرت الطفلة ولم يكن لديها صديق ولا حبيب غير الكتاب، فرغم صغر سنها الا انها كانت متعلقة بالقراءة وشغوفة بالكتب حتى انها لم تترك مجلة او جريدة في المنزل الا وقرأتها،ربما هي محبة للقراءة وربما هو هروب من حالة التهميش والاحتقار التي كانت تعيشها،فوالدتها لم تترك فرصة ولو صغيرة لتعنيفها وإذلالها وتجويعها رغم انها طفلة.

والد جمانة رجل اعمال غني بالوراثة كان يقضي اغلب وقته في العمل ليحافظ على ثروة والده وأجداده،فكان من الصدف القليلة ان يرى ابنته او يتكلم معها الى أن حدث ما قلب كافة الموازين !!

في يوم ما اشتدت الحالة النفسية لدى الأم وقامت بضرب الصغيرة الى أن فقدت وعيها، وضعتها في سريرها وانتظرت بجانبها لحين استيقاظها، استيقظت الصغيرة على ألم شديد في جسدها ثم نظرت الى امها بعيون باكية متسائلة باي ذنب ضربت  وما الذي اقترفته لتعاني هذا الألم ولكنها لم تسمع الإجابة التي كانت تنتظرها بل قالت لها امها وهي تناظرها باشمئزاز وكأنها قذارة اذا لا تريدين الموت !!

استمر هذا الحال بجمانة الصغيرة ذات السبع سنوات والجسم النحيل الى أن كانت تلعب في من الأيام بينما يشاهد والدها تلفاز ويتابع احوال البورصة فانتبه لابنته والندبات الزرقاء على معصمها النحيل وعندما سألها عن السبب رفعت سبابتها وأشارت الى امها وقالت:م م ما م ماما،فقد كانت الفتاة قد بدأت تعاني من التأتأة بسبب الترهيب والتعذيب الذي تعيشه ،استشاط الزوج غضبا واصر بالسؤال على زوجته واعترفت انها تقوم يوميا بتعذيب الطفلة المسكينة.

   لم يعد الزوج يذهب لعمله الا قليلا وظل يلازم المنزل باستمرار لحماية ابنته وقام باخذ زوجته للطبيب الذي أكد على خطورة الوضع النفسي لديها.

   في ذلك اليوم اضطر الزوج لمغادرة المنزل لاجراء بعض الأعمال المتعلقة بالشركة،فاستغلت زوجته ذلك وسحبت الطفلة الى سطح المنزل وقيدت يديها الضعيفتين بالحبل وقالت لها:ستكونين أنا، ثم رمت بنفسها من الطابق الثالث. نعم لقد انتحرت امام عين ابنتها.

  استجمعت جمانة قواها وهي لا تزالةواقفة أمام مرآتها انتزعت دبوس الشعر ودسته في حقيبتها وخلعت معطف والدتها البالي الذي ترتديه كل يوم بل وترتدي جميع ملابسها الممزقة العفنة وقالت: ال ال اليوم أولد من من جديد . لن أكون أنتِ

عيادة الدكتور أحمد (طبيب نفسي) ٢٩/١١/٢٠٢٠

دق دق دق: تفضلي آنسة جمانة 

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author