لم يكن الأمر هينا

وما الحال إلا من سيء لأسوء وما يزيد ذلك إلا أنقباض الروح والنفس، لاشيء يكتمل وقد فاض الكيل.

إلى متى سوف أبقى على هذه الحال فالتقولي يا مذكرتي الصغيرة، فهذا المكان لا توجد فيه راحه إلا أنتِ ولا ولا مودة إلا بوجودكِ فأنتِ تحتضني خيباتي وأحلامي فالتقولي لي ماذا أفعل؟؟

فقد ضاق صدري وشغرتُ بأن غيوم السماء قد تكاثفت فوقي فبعضها رمادي وبعضها أسود داكن تحمل بين جزيئاتها قطيرات من المطر المليء بالبلورات الباردة، ما أجملها عندما تساقطت على جبهتي شعرتُ بأملٍ كبيرٍ وراحة أبدية، فأنا أحب رائحة المطر وعبق الندى وشذى الياسمين الذي يحيط بي، ما أعظمك يا خالقي!

فيض الأمل يحتضنني من كل مكان ويكأنه ينتشلني من بين شتات العقل والسواد الذي يتملكني إلى طريقٍ مضيء يشع فيه السعادة وأيضًا هذا دليل على أن الشتاء بدأ يلبس الأيام والشهور بمطره ورائحته، ما أجمله من فصل!

فقدومه كانت بداية خير لحياتي وبداية تغيير جذريّ لموازين عالمي الذي أنشأته بنفسي، سعيتُ لأرتب أموري وأخرج من البلد وأسافر حيث الريح تأخذني ولعلّ وعسى انطلق لانشر عالمي الجميل، فأنا مهوسٌ بالحواسيب والتكنولوجيا والتطورات الحديثة التي ارتقت بي عن هذا الوجود السوداوي الذي لا مجال فيه لأن ترفع رأسك فشهاداتي المتقدمة العالمية أهلتني إلى أن أقلع بأجنحتي نحو المستقبل الزاهر إلا أنها كسرت قبل أن تصل إلى أهدافها المتراكمه عليها جميع الأمال والطموحات، لقد سافرتُ، أجل سافرتُ والروح معلقة بأشياء كثيرة ليس لها نهايه.

وصلت إلى ذلك المكان في تلك المعمورة لأبدأ في تحقيق مسيرتي المهنية.

في كل مساء ترتدي السماء ثوبها المليء بالنجوم اللامعه والغيوم تحتضنها وأنا انظر بتعجب كبير لذلك الأعجاز الكوني فالخالق قادرٌ على كل شيء، لوهلة نجم بالسماء يلمع يتسلل بين تلك القطب فتسائلت بيني وبين نفسي أهذا شهاب أم جرم سماوي أم فكدت أنطقها وإذ شعرت بهزت أرضية ويكأني جسمي ينتفض فهذا صاروخ أرضي، ففي كل مره يقذف صاروخ على منطقة وقد جاء وقتنا، وقد دمرت المعمورة واشتعلت النار الحارقة وتوهجت وبدأتْ تأكل كل شيء وانفجار تلوى الاخر وأصوات تتعالى من كل مكان لقد سقط عليهم صواريخ فضائية.

يا الله خذ بيدهم، ما هذا؟

وإذ بمشيئت الرحمن تساقط قطرات كثيفة محملة بأرواح الشباب والفتيات والأطفال والنساء وكبار السن، فقد رحمهم الله من عنده وانزل السكنية عليهم وفي صباح اليوم التالي ذهبت إلى الشوارع لأرى ماذا حدث فليلة الأمس كانت مليئة بالخوف والدعاء والمناجاة، فأبدلت السماء الزرقاء برمادية ذات رائحة معبقة بدم الشهداء، فكنت أرى ذلك وراء شاشة ملونه ولم اشعر بما يحدث لكن قلبي بكى دما على ما رأيته جثث هنا وهناك والدماء تسيل منهم، صوت أباء وأمهات تسمع من جميع الجهات فقد صابني الفضول لأرى جميع الأماكن وأساعد الناس والأرواح الملقية على الارض وأثناء السير وصلت الى المكان التي كدتُ أن أحقق فيه حلمي ولكنني صدمت بما رأته عيني، أحلامي التي حلقت بها إلى أعالي الفضاء قد أصبحت حطام، فلم تساعدني قواي على الوقوف على قدامي فنهرتُ أرضًا، تساقطت أنفاسي رويدًا فقد دمرتْ جميع طموحاتي ومرَّ على هذا العذاب خمسة سنوات بين القهر والمشقة والحزن وبين الأمل والتردد وسقف أحلامي الذي رفعته انهار على رأسي، تشتت أفكاري وتبعثرت أيامي التي سهرتُ بها أخطط فلا أعلم انني كنتُ أخطط لأوهام وأهداف مبعثرة لا يوجد لها أثر.

فأيامي أصبحت يتيمه بالية فاشلة لا يوجد فيها إلا حسرات بالقلب لكن أعلمي يا مذكرتي إنني سوف ابدأ من جديد فما خاب من اعتمد على الله وتوكل عليه.

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ١:٥٩ ص - Kawthar hasan
About Author