مذكرات مغترب ..

(1)

يا مدينتي الفاتنة .. إنني لا أنسى ذلك اللقاء الذي جمعني بك ذات ليلة ظلماء كنتُ فيها محمّلة بأطنان من الأشواق .. عادت الإبتسامة إلى روحي من جديد عند رؤيتي لتوهجك في تلك الليلة حالكة الظلام .. 

ذلك البريق الذي غاب عنّي لسنوات عجاف ..

كنت أسرف في التنفس كالمسعور .. و كأن حبال من النار قد أزيلت عن عنقي و أعتقتني من هلاك طاغٍ يدوس عليّ ..

أما أنتِ فكنتي غارقة في منام لطيف .. هلّا أحدثكم عن جمال محبوبتي النائمة ؟ 

عن ذلك السكون الجذاب الذي يلفّها .. تلك الأغاني السحرية الصادرة من شجيراتها المتمايلة طرباً مع أنسام السعادة .. أنسام الوطن .

...........

يا تلك الليالي .. فلتحنّي .. فلتعودي .. ألم تحركك أطنان المناداة ؟

مناداتي .. لا مناداة عتاب .. بل هي مناداة شوق خالص قد استولى على كياني و أسَر أركاني .

يا سماءاً حسناء أتأمل نجومها بكلّ هيام .. فاتنة يليق بها سوادها .. مكسوّة بلالئ يسحر الأنفس بريقها .. هي ليال لا بأس أن تطول بل ليال لا أرغب بانقضائها .. أتمنى لو لا تعترض هذه الحكاية الشيقة نهاية تعكّر صفوها ، لأنها ليالٍ تعانقني إلى أن أغفو و أنا بين يديها الحنونتين ، هي سماء تنير عتمتها فؤادي ، و أفتتن بثباتها و سكونها و يبقى قلبي معلّقاً بين نجومها .

أما عن ابتسامة تلك السماء .. هلال يحييني من على متنها في الأعالي .

و ذات ليلة من ليالي الوطن الممتلئة بالعواطف الجيّاشة .. اختلفت حينها طقوسها فباتت أكثر تميزاً ..

لقد حلّ زائر بِسَمائي ! 

زائر لم يُطِل و ألقى تحيته ثم أسرع في الرحيل .. تساءلت حينها عمّا كانت تخبئه تلك الثواني العاجلة .. عن قصص و روايات تختبأ خلف ضيف أحاط به الغموض من كل صوب ..

و ما زلت أبحث عن إجابة شافية لتلك التساؤلات المتطفلة حتى الآن .

و لا أزال أدعو الله أن يمنحني في هذا العمر الضئيل بضع ليال أخرى أشاهد فيها سماءك من أرضك و أتنفس هواءك ، ليال أقتل فيها همي و أتمتع بمراقبة هدوءك .

يا مدينتي الفاتنة .

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ١:٥٩ ص - Kawthar hasan
About Author

كاتبة محتوى و صاحبة مدونة صمت الضمير .. أحب العبث بالقلم أحياناً .. و أقدّر هذه اللغة العظيمة لأبعد مدى ..