على هذه الشاكلة كان عام الأول ثانوي كله -باستثناء مادّة الكيمياء- كان ذلك العام سهلاً، دون تعب، ولم يكن له طعم، حتى إن طالبنا هذا لم يشعر فيه أنه طالب أصلاً، كان ذلك الهدوء الذي أحاط بعام الأول ثانوي كان كالهدوء الذي يسبق العاصفة، فقد كان الطالب على موعد مع سنة التوجيهي.
في آخر عام الأول ثانوي أُعلنت نتائج التوجيهي للطلاب الأكبر منه سِنّاً في مدرسته، كانت النتائج التي حصل عليها الطلاب مُذهلة، أحدهم كان معدّله سبعاً وتسعين في فصله الأول، انخفض ‘لى ستٍّ وتسعين في فصله الثاني، وطلاب آخرون رسبوا، وآخرون رسبوا، فأحسّ الطالب أنه أقرب إلى التوجيهي.
خلال عام الأول ثانوي كان لطالبنا عدّة محاولات لدراسة بعض موادّ التوجيهي، منها الفيزياء، حاول أن يدرسها وحده، وبائت محاولته بالفشل، ثم حاول دراسة مادّة الرياضيات، فلم يستوعب منها شيئاً، كان معتمداً على نفسه فقط.
الآن انتهى عام الأول ثانوي، وهو في بداية عطللة الصيف التي تسبق التوجيهي، في ذلك الوقت ظلّت تلحّ عليه أمّه أن يأخذ دوراتٍ في مراكز قريبة من مكان السكن في العاصمة، وهو رافض ذلك. في النهاية استطاعت أمه أن تقنعه بضرورة البدء بالمراكز والدورات تحضيراً لسنة التوجيهي، فوافق. ذهب إلى أحد المراكز القريبة بعد السؤال عنه جيّداً، وسجّل فيه قبل وقت التسجيل الأصلي بفترة طويلة.
إلى الآن لم يشعر الطالب أنه توجيهي، بدأ الدوام في المركز، صار يداوم ويأخذ دروساً في المواد، ثمّ صار يُضغط في الوقت، ثم صار المركز يؤثّر على حرّيته، فلم يعُد قادراً على زيارة أقاربه، فغداً يكون عنده حصّة، وهناك حصّة أخرى، كلّ هذا عِلما أنه لا يدرس في البيت بعد المركز إلا قليلاً، واستمرّ هذا الحال حتى بدأ دوام المدارس الفعلي، فارتحلت العائلة إلى السكن الوظيفي خارج العاصمة.
يُتبَع...
You must be logged in to post a comment.