بدأت الخيوط تتشابك وتتعقد في حياة ريما عندما توظفت فتاة جديدة لديهم في القسم، لم يكن من المألوف أو المحبب لها وجود أشخاص يلمع نجمهم على نورها فيغطيها ويلفت الإنتباه نحو غيرها.
تواجدت بين زملاء كانت أبرز صفاتهم الضعف والرضوخ مما ساعدها وجعل التميز والتقدم في عملها شيء سهل لا يستحق العناء، لذا عمّ السلام والوئام في العام الأول لعدم مواجهة أحد منهم لها أو الوقوف عقبة أمام سعيها المتجدد بالسيطرة.
كانت الموظفة الجديدة كقنبلة من السعادة والنشاط والمتعة تتنقل بين كراسي الموظفين بخفة وتطير من طاولة لأخرى لتضع بصمتها في قلب كل منهم، ساحرة طيبة مليئة بالحب قهرت ريما وجعلتها تحترق للإنتقام واسترداد حقها المكتسب .
ريما تتربص لتلك الموظفة وراء مكتبها ، تراقبها وتحفظ تحركاتها وتدرس فريستها التي ستنقض عليها يوماً ما لتسيطر وتمنع تفوقها الذي تراه تمرداً.
دبرت مكيدة وشيدت حول زميلتها شباك الإتهام، اختلقت أخطاء وكشفت _كما تدعي_ تقصيراً في عملها كان سيؤدي لخسائر فادحة.
لم تشفع لتلك الضحية دموعها قرباناً لنجاتها من ما هو أعظم، يبدو أن حظها العاثر ألقى بها في عقل من لا يرحم ولا يقبل المشاركة، ففي وجودهم إما أن تكون ضعيفاً فتنجو وتعيش بسلام؛ أو أنك تتمرد وتكن قويّاً ليتم التضحية بك بدم بارد .
اتهامات ومواقف صغيرة، هدفت بها ريما تحقيق مرادها بشكل مقنع، لم تكن تريد لفت الإنتباه لما تفعل من تلفيق مصائد في طريق من تنافسها، رغم إنتباه الفئة الضعيفة وصمتهم خوفاً من تلقي ذات العقاب وما لا يحمد عقباه.
دقيقة صمت على روح الصدق الذي تم إقامة مراسم دفنه ظهراً بتوقيت الغاية التي لا تبررها وسيلة .
الآن رغبة جارفة بالتفوق تحوم فوق رأس ريما، تم طرد زميلتها وعاد الفضل والمدح لها، ولم يمس موقعها العملي برئاسة قسمها أي تهديد، سهولة بالغة في التحدي جعلتها تثق بقدراتها وتطمع بالمزيد وإن كانت وهمية وبنيت على زيف .
توجهت نظراتها لمنصب أكبر تضع فيه أقدامها بثبات، مكانة أفضل ونفوذ يضرب بالسوط كل من يتجرأ على مجرد المقارنة بها.
تهديدات وتحركات منزوية أقنعت فيها باقي القسم لإقالة الرئيس المسؤول عنها، تحركات إنسيابية تتلوى بين أضيق المواقف لتكمل طريقها دون ترك أثر، إشاعات ملغومة تنفجر فجأة في أوقات متفرقة ، ملفات بقوائم مغلوطة ونتائج غير مقنعة تم تعديل الأساسية ليتم الحصول على هذه المحرّفة وإرسالها إلى الرئيس والذي بدوره انطلت عليه الخطة ورأى في ريما صدقاً قزحياً بألوان توحي بالثقة، لتصل بعد ذلك للمنصب بكل رشاقة ودون بذل جهد أو وقت .
لم يعلم ذلك الرئيس الأكبر بنتائج ما زرعته ريما من فتن وكذب، إلا بعد حصولها على منصبه هو الأخير.
كانت تتردد صدى الهمسات والشكاوي حول ريما التي صعدت سلماً بجثث الآخرين وطمعها، ربما ستسقط إذا ما استخدموا طرقها المعبدة على أراضيهم الخضراء، ربما سترى ما جعلت غيرها يراه، لكن بعيون الشعب وتمردهم على حاكمهم الظالم .
طموح متنكر يتواجد في حفلاتهم بشكل مقنع، كذبات تحتفل بنصر مؤقت، بناء آيل للسقوط على أرض رملية متحركة، كلها أوهام رُسمت غيوماً في سماء حياتها غير مبالية بقدوم المطر والرعد الذي سيعكر صفو غيومها المؤقتة، لتعود الأجواء صافية مجدداً بغيوم بيضاء أكثر صدقاً.
You must be logged in to post a comment.