نضرب نفسنا ثمّ نقول آه

يبدأ ذلك الشّاب عمله في عمر ال١٨ ليجاري مطالب الحياة ويطعم نفسه وغيره ،فتراه قد وصل اللّيل بالنّهار فيصرف بعض ما جنى ويكدّس ما تبقّى ليقوى به على ما هو آتٍ من أيّام لا يعرف أحد ما يمكن أن تحمل في جعبتها ،مرّ عام وإثنان وثلاثة وأكثر  من عمل متواصل لا يأس فيه ولا ملل وها هو قد وصل لعمر ال٢٧ ورأى أنّه قد جمع ما يلزمه ويكفيه ليطلب الزّواج من إحداهنّ،قد جمع ثروة كبيرةً كافية أتاحت له ميّزة التّقدّم لصاحبة النّصيب والزّواج منها ،ما جمعه طيلة كلّ السّنين التي مضت سيصرف في عام زواجه و-ليلة العمر - كما يصفها البعض ..مهرٌ وعزيمةٌ وملابس وفساتين وصالات وغيرها من أمور تضيع كلّ ما ادّخره ليومه ذاك في لمح البصر ، سيعيش كما يزعم هو وزوجته ليلة لن ينسياها وبحجّة معهودة (هذه ليلة تبقى ذكرى جميلة ولن نفرّط بها مهما كلّفنا الأمر ) ثم ماذا ؟ قد  عمّت الفرحة فعلا أجواء ليلتهم تلك ولكن سرعان ما ذهبت تلك الفرحة بعد أوّل دين أضطر الزّوج أن يأخذه من أحدهم ليقدر على إعالة أفراد بيته ، فرحة يوم واحد قد جلبت لهم أشهراً من المعاناة ..ولماذا ؟ بسبب شيء معنويّ لم يترك أيّ أثرٍ ماديّ سوى الخسارة والانكسار ..
إلى متى سنستمر على نهجنا هذا بأن نقيّد أنفسنا بأيدينا وأن نشقى بإرادة منّا ،متى ستكسر تلك العادات المعيقة فلا يغرق النّاس بعواقب  أفعالهم ؟ إلى متى ستظلّ عواطفنا هي من تحكم حياتنا لا ما يطلبه الواقع والمنطق ؟
لنتخيّل فقط أنّ المرء قد اكتفى بالإشهار والوليمة الصّغيرة ثمّ ابتدأ حياته الزّوجية ومعه من المال ما يكفيه حاضراً ومستقبلاً ، هل ينكر أحدهم أنّه بذلك سنحلّ عقدة كبيرة في أمر الزّواج ومتطلباته ؟ هل سيبقى الرّجل حينها خائفاً من عدم قدرته على  تحمّل الأعباء فيستمر في تأخير زواجه  ليصل إلى عمرٍ يشيخ فيه بقدوم أوّل ولد ؟ لا وألف لا ...
حسنا لنتخيّل الأمر بمنظور آخر ..ماذا لو جمعنا لمدة عام  كلّ التّكاليف التي أنفقت على متطلبات زواج أبناء مجتمع واحد  ووضعناها في مشفى أو مدرسة أو أيّ عمل خيريّ ..أليست الفائدة هنا أكبر وبأثر يدوم لعمرٍ وأعمار ؟
ماذا لو جمعنا ما يصرف لمدة ١٠ أعوام ؟ بدون أيّ شك سنجمع ثروة هائلة يعمّ خيرها الجميع  ..!
إنّنا نملك مفتاح الحلّ بأيدينا ،نملك الضّوء الذي سينير لنا الظّلام ،ولكن لا أعلم هل الخلل يكمن في جهلنا بأنّ الحلّ معنا ،أم نتيجة جبنٍ وخوف من كسر حاجز العادات والتّقاليد ؟
اللّهمّ هداية ..اللّهمّ فرجا ..

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments
تقوى - أبريل ١٥, ٢٠٢١, ٦:٢٠ م - Add Reply

أصبت القول .. بالفعل كلام منطقي جداً و سليم يجب على مجتمعاتنا تبنيه من بعد الآن .

You must be logged in to post a comment.

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ١:٥٩ ص - Kawthar hasan
About Author