هالوين-عيد القديسين- مقهى "لا شيء"- الجزء 3

الهالوين-عيد القديسين

- مقهى "لا شيء"- الجزء 3

       غالب يختار العمل إلى جانب الدراسة على الرغم أنه يعيش في عائلة وضعها ميسور الحال, اليوم الخميس, حيث يتواجد مبكرا جدا في المقهى, وصل في الساعة السابعة صباحا تماما, ارتدى مريول العمل, فتح نوافذ المقهى, و اختار اليوم أن يستمع لصوت الشارع و المارة و بضع عصافير بدلا من الموسيقى الهادئة المعتاد عليها. يبدو غالب اليوم في مزاج غير مستقر و هو نفسه يجهل السبب, يسأل نفسه لماذا؟ لقد أنهيت امتحاناتي وسلمت أبحاثي البارحة و أنا متأكد أني فعلتها بشكل ممتاز! لم يقف عند ترددات مزاجه كثيرا و بدأ ينظف التنظيف الذي لا يقبل هو نفسه بأقل منه درجة. هتف محموله: أهلا صخر, هل تحلم بي منذ الصباح يا ابن عمي؟ سأاله مازحا. قال له صخر, و أخيرا العبقري خاصتنا سيحضر الليلة لا تتأخر, هناك الكثير لنتحدث عنه. قال غالب: و أخيرا سنسهر مع علي و يبدو أنه أنهى التطبيق الذي يعمل عليه. نعم يبدو كذلك, لذلك اليو موعدنا الساعة السابعة مساء  في مكاننا المعهود. لكن انتظر غالب... لا تخبر وردة, يبدو أنها متحمسة لتجمعنا نحن الخمسة معا للتحدث بيوم الهالوين الذي سنقضيه في نزل السكانيتي, و بدا لي أن علي يريد التحدث بشيء خاص. حسنا حسنا أجاب غالب. 

اعتادت صاحبة المقهى أن تشارك حبها للتحف و النوادر مع مكانها الذي تستثمر فيه وقتها و جهدها. إنها تأتي كل خميس بكيسها القماشي الذي يحوي في جوفه النوادر, و تضعه أمام غالب ليبدآا بتنظيف التحف و ترتيبها على الرفوف. على الرغم من أنها تسمي المقهى "مقهى لا شيء" إلا أن اسمه لا يشبه محتواه فهو مليء بالنوادر كما أن طاقم العمل هناك المكون من العديد من الشباب و الشابات و الشيف المحترف المسن هو طاقما مبتكرا, لا يتردد بتجربة وصفات جديدة بشكل متجدد و مشاركتها مع صاحبة المكان و إضافتها لقائمة الطعام الغنية التي ينبهر بها روّاد المقهى. لماذا إذن "مقهى لا شيء"؟ و هو اسم غريب على المارّة و زوار المقهى القادمين لأول مرة فقط. هل تسائلتم يوما أعزائي القراء لماذا تتلاشى الغرابة مع التكرار؟ هل يبدو لكم ذلك حزينا و مستغلّا للعقل البشري؟ لماذا ما نستغربه أول مرة نعتاد عليه بعد ثلاث مرات أو أكثر؟ هل يروض التكرار فضولنا؟ أم أنه يجعلنا نستسلم عن طرح الأسئلة الصحيحة حتى لو لم نحصل على إجابات حقيقية؟ 

تفاجأ غالب بزيارة علي الباكرة كثيرا فلقد تواجد الساعة الثامنة إلا ربع في المقهى, رحب به و قال: ابن عمي العبقري, اعتذر عن تقديم الشاي بالهال خاصتك قبل ساعة على أقل تقدير, كما تعلم إنه يوم الخميس و قد جاءت حيفا بكيس النوادر خاصتها. لم يبد علي أي ممناعة و أخبر غالب: لا عليك, أنا سأجلس على الطاولة في الزاوية هناك قرب المدفأة, أكمل عملك. و شرع علي بالعمل على حاسوبه الشخصي و الذي كان من سرعة أصابعه عليه تكاد ترى ظلا متحركا فوق لوحة تحكمه. أما غالب - المغلوب على أمره يوم الخميس هذا-, استهل عمله مع حيفا بإخراج تحفة تلو الأخرى و تنظيفها بحذر و بطريقة خاصة لا يقوم بها غير غالب. انضم إليه علي و عرض عليه المساعدة, ماذا لديكم هنا في هذا الكيس الكتوم؟ سحبت حيفا يدها من الكيس قائلة: هذا, و كان كتابا هم غالب بأخذه من يدها, كتاب ذو غلاف لم يسبق لأحد أن رأى مثله, حمله و نظر بعينين وديعتين إلى حيفا سائلا: هل أستطيع... و قبل أن يكمل طلبه أجابت حيفا بالقبول: نعم تستطيع استعارته قبل أن نضعه على رفوف كتب "لا شيء". عنوان الكتاب هو " موسم الحصاد في عيد الأموات". منذ الوهلة الأولى: أبدى عليّا اهتماما بخامة غلاف الكتاب و قال: ملمسه! إنه يشبه مكعبات القش بعد الحصاد. 

بعد يوم عمل شاق غادر غالب المقهى و تذكر اصطحاب الكتاب في اللحظة الأخيرة, و عندما اقترب من حديقة الجد و الجدة, رحبت به رائحة الحطب القادمة من الغرفة التي بنوها ثلاثتهم: صخر و علي و غالب في عطلهم الصيفية السابقة حتى أصبح مقر تجمعهم المفضل: غرفة بسيطة خلف الحديقة. انبعثت ضجة الأصدقاء بدخول غالب على صخر و علي, بدأت الأحاديث غير المكتملة و السريعة من كل جانب على أطراف النار التي كانوا يحضرون عليها شواء اللحم و الخضار. و بعد أن هدأوا قليلا: بدأ صخر محادثة أكثر جدية: مبروك يا علي, انتهيت من تطبيقك ها؟ أجاب الآخر: نستطيع القول هذا, لكن لم أطلقه بعد. أنتم تعلمون أنه تطبيق هدفه مساعدة الأشخاص الذين لا يستطيعون إنجاز مهامهم اليومية, يستطيعون تنزيل التطبيق, و سيكون من الجهة الأخرى متطوعون يجيبون يقدمون الخدمة التي يستطيعون. إلا أنني الان في مرحلة التجربة... و هنا بدا متوترا!. غالب: ماذا إذن, ههل هناك شيئا يعيقك؟ أجاب علي: أرجوك يا غالب, إن كان هذا واحدا من مقالبك اعترف. غالب: عن ماذا تتحدث؟ قل بوضوح. قاطعهما صخر: ما الذي يجري هنا؟ قال علي: البارحة و بينما أنا أجرب التطبيق, عملت مكالمة تجريبية مع شخص من ذوي الإعاقة البصرية, لكن من أجاب على المكالمة هو لا أحد! لكن وصلتني رسالة: غدا في مقهى لا شيء , لا تتأخر و تعال باكرا جدا. سأل غالب باستغراب؟ و لهذا قدمت باكرا جدا جدا؟ يا إلهي!

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author