كان يجلس في الحديقة الجانبية المطلة على اوجه المدينة، وهناك كثير من الصخب الصامت القاتل خيم على المكان طاقات وصدى غريب .
هنا اطفال متلونين من كل صوب بصراخهم وتصرفاتهم الطفولية البريئة تشع في كل جانب، وعلى حافة الطريق الاخر طفل يبدو علية بالسابعة من عمره رث الثياب منتصب القامة يقف على نهاية الرصيف ممسك بعامود الانارة الخشبي ، ينظر متأمل الحياة ، ودهشة بعيناة الصغيرتين المتوجلتين الخاشعتين ، تنسدل منهم الحركات بالفتح والضم والكسر ، بكل لغات العالم ، كما تنسدل امواج الخليج لتختلج وله على ذالك المشهد المفعم بارادة الحياة ، لا اعرف ما كان يخبئ في هذه الساعة بين حنايا الروح المتعبة الملهمة باشراقة الظهيرة بوتيرة البؤساء .
فجأة رجل قد تجاوز العقد السابع من مقتبل العمر يقترب بخطاً هادئة دافئة واثقة من ذالك الطفل ويربت على رأسه كما تربت الشمس في الصباح على الدنيا معلنة يوم جديد ،
باشعتها الدافئه تستيقظ من سباتها الطويل لتمتزج مع رائحة الطبيعة محملقة محملة للدنيا الحياة يالا روعة المشهد فلقد شهدت علية الارض والماء والسماء وخطت خيوط الشمس المنبعثة المستشرقة من الفضاء روائح نسائمية عليلة الخطى لتخطو مسرعة الى مالا نهاية نحو امجاد تلطخت وكلها فرح يواسي حزن البشر.
نظر الرجل ذو المعطف العتيق ذكرني بمعطف الفقراء بوجهه المتجعد الممتد كتجاعيد اوراق الخريف المنهمكة بشحوب إلى السماء شاهق شهق الكد بشكله الغريب المريب بلحظات تاريخية تسجل مشهد من مشاهد وتأوهات الإنسانية .
للحظة وهو منهمك بين زحمة الحياه بتوجل ، مد يده التي تشبة العود اليابس إلى جيبه ليخرج علبة سجائر ويشعل السيجار وهو يبتعد بعيدا كل البعد عن المكان ، ليقترب إلى الحديقة ويجلس على مقعداً عشبي ، كنت أنظر إلية بخلسة عفوية وهو يستنشق رائحة الدخان المنبعث من اعماق صدره وكأنما تخرج من انفاسه براثيم صوت القدر كلفائف من حمم بركان تصدع من طول انتظار ، فلقد حان الوقت لتنفجر وتَخرج وتُخرج ما في صميم الأسفل من قوة أزلية .
هنا وعند هبات الريح وقف ذاك العاجوز الطاعن بالسن من شدة إلى شدة ينظر ألى كل اتجاهات الحياة معلن معبر عما يجوب في خاطره ما تبقى من شظايا قذائف الدنيا المنسدله برتابة ، كانت الايماءات تتحدث في هاذه اللحظة الجياشة الكم الهائل من مدونات التعبير بلا حراك .
يا الاهي ! يالها من لحظات كتبت سطور وجع الحياة بما متزجت من اهات متوجله ، لا اعلم من اي مكان اندثرت بين حبائل الصور التي صورت واقع نعيشه لحظة بلحظة ليمضي العمر كما تمضي طيور السماء ممتطية مبتعدة محلقة عاليا باجنحتها مزينه السماء والأرض بما رحبت خاشعة ساجدة لله باثوابها الخرقاء الغبراء كناسكة عذراء
You must be logged in to post a comment.