لابد وأنك تعرف من هو الأعور الدجال ذلك الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيخرج في آخر الزمان ويكون علامة من علامات الساعة الكبرى وأنه سيفسد بالأرض كلها إلا مكة المكرمة والمدينة المنورة فقد حرم الله عليه دخولهما حتى ينزل عيسى ابن مريم وهو أيضا علامة كبرى لقيام الساعة فيكون مقتل الدجال ونهايته على يديه.
سنتناول هنا قصة لشخص عاش في زمن النبي عليه الصلاة والسلام واشتبه على الرسول بأنه قد يكون هو الدجال وبذلك أثيرت الظنون حوله من الصحابة ومن أهل المدينة جمعاء وقد كان يسمى "بابن صياد" فمن هو ابن صياد ولماذا أثيرت الشكوك تجاهه في ذلك؟
عندما هاجر النبي محمد عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة كان ابن صياد صغيرا في السن وكان يهوديا من يهود المدينة المنورة وقيل أيضا أنه أنصاري وأنه دخل الإسلام فيما بعد ومما عرف عنه أنه كان يمارس الدجل بين الناس وكان يصدق حينا ويكذب حينا آخر ومع استمرار حاله ذاع خبره وأصبح يعرف عنه بين الناس بأنه هو الدجال ولما ازدادت الشكوك حوله بأنه هو المسيح الدجال أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يتأكد بنفسه من ذلك فاصطحب معه عمر بن الخطاب وانطلقا إلى حيث يقيم ابن صياد وأمه.
ولما وصلا وجداه مضطجعا على الأرض ويتمتم بما هو ليس مفهوم فأخذ النبي يتخفى بين الأشجار وبدأ ينتقل مسرعا متخفيا بين الشجرة واختها حتى يقترب منه من غير أن يشعر وكان عمر الفاروق متعجبا من فعل النبي عليه الصلاة والسلام وبدأ يصغي له ولكن من غير فائدة فلم يفهم ما كان يقول وفي أثناء ذلك وإذ بأمه تخرج من بيتها فرأت ذلك وصاحت لتقول لابن صياد: (يا صافي هذا محمد) فانتفض ابن صياد وترك همهمته التي كانت، فقال النبي لعمر: "لو تركته (يعني لو لم تنبهه) لظهر لي أمره وبانت حقيقته هل هو الدجال أم لا".
فلما قام نظر إليه الرسول وسأله: أتشهد أني رسول الله؟ فرد قائلا: أشهد بأنك رسول الأميين. ثم أعاد ابن صياد توجيه السؤال للنبي فقال: أتشهد بأني رسول الله؟ فرفضه عليه السلام وقال له: آمنت بالله ورسله. ثم أضمر النبي في نفسه كلمة وكانت (الدخان) وطالب ابن صياد بأن يعرفها كونه يعمل في الدجل فقال له النبي عليه السلام: يابن صياد قد خبأت لك خبأه، فبدأ يتلعثم ويقول: "الدخ.. الدخ.. الدخ..." فرد عليه الصلاة والسلام: "أخسأ فلن تعدو قدرك !".
ومن بعد ذلك ذاع بين أهل المدينة أن النبي يشك في ابن صياد بأنه هو الدجال وقد ورد أن ابن الخطاب كان يقسم بالله أمام الرسول بأنه هو الدجال حقا ولم ينكر عليه النبي ذلك فأصبح الناس يتفادون ابن صياد ويحذرون منه.
وبعد أن مات الرسول صلى الله عليه وسلم حدث أن التقى عبدالله بن عمر بن الخطاب بابن صياد في أحد طرقات المدينة فرأى عينه وكأن بها عور، فسأله عبدالله ابن عمر عن حال عينه ومتى قد حدث لها ما حدث فما كان منه إلا أن قال: لا أدري، قمت فوجدتها هكذا ! فأجابه عبدالله: عينك في رأسك ولا تدري ما الذي صنع بها هذا؟ فأجابه ابن صياد: لو شاء الله لجعلها في عصاك! فاغتاظ منه عبدالله ابن عمر فضربه بالعصا فغضب ابن صياد وانتفخ انتفاخة غريبة ما رأى أحد مثلها قط، ثم قصد عبدالله ابن عمر بيت أخته حفصة وكانت زوج النبي عليه الصلاة والسلام فروى لها ما جرى بينه وبين ابن صياد فلامته على فعلته وأخبرته أن النبي قال بأن الدجال يخرج بعد غضبة يغضبها.
يذكر أن صافي ابن صياد فقد جميع أبناءه وبقي بلا عقل ولا ذرية وفي يوم أن وقعت معركة الحرة بين أهل المدينة المنورة والحجاج خرج للقتال مع أهل المدينة فلما أن انتهت المعركة بحثوا عنه بين الأحياء والأموات فلم يجدوه، فكانت هذه الحادثة مما زاد الشكوك حوله بأنه هو الدجال فقد اختفى ولم يعقب له خبر إلى يومنا هذا.
ورغم ذلك تضاربت أقوال العلماء فيه فمنهم من يقول أنه الدجال ومنهم من ينفي ذلك عنه ولكل واحد منهم أدلته التاريخية التي يستند إليها فالذين ينفون عنه ذلك يقولون بأنه شيطان تصور في صورة الدجال في تلك الفترة ابتلاء ً للناس واختبارًا لهم وقيل أن ابن صياد دجال من الدجاجلة وليس هو الدجال الأكبر الذي تكون بيديه فتن كثيرة ويتبعه أناس كثيرون ويعقبه نزول المهدي المنتظر وعيسى ابن مريم ومن ثم قيام الساعة. والله أعلم.
You must be logged in to post a comment.