كثير من الجميع يتحدث عن وجوب ولزومية احداث التغيير لاستشعار السعادة في الحياة، وكأن السعادة تُكتسب في عدم الاستقرار.. مع جهد المحاولات المرهقة والجادة للوصول الى السعادة، لم يطرأ اي تغيير يذكر.
رئتان مليئتان بالدخان، ليالٍ مع أفكار سوداوية تكاد لا تنتهي، عيون مليئة بالترقب والخوف من قساوة المستقبل، وقت ثقيل يمضي مع امنيات انها كانت هنا، انها كانت حقيقة!
صداع يكاد يذيب خلايا دماغك، الشعور بالخوف من كل شيء، كل خطوة، ومن الخوف نفسه.
أن قراراتنا تتأثّر بسلسلة لا مُتناهية من السببيّة، هذا يعني أن الحتمية حقّ، وأننا لا نملك إرادة حرّة.
ولو كان العكس صحيحاً، فهذا يعني اللاحتمية، ولا بد أن أفعالَنا عشوائية -وهي فكرةٌ تُنافي الإرادة الحرة.
وعلى الجانب الآخر، فالمؤمنون بالإرادة الحرة يقدمون مبدأ التوافُق والذي يعني أن الإرادة الحرة متوافقة منطقياً مع النظرة الحتميّة للكون.
لكن ماذا لو كان العقل هو القاضي والمدان في نفس الوقت؟ ماذا لو أمكننا هدم القيم الإخلاقية عن طريق محاكمتها عقلياً؟ قد تبدو اموراً ميتافيزيقية بحتة ومعرضة للهجوم ولو كانت بالنية فقط وليس هجوماً عملياً تطبيقياً وحقيقياً، فالنية في استثناءات كثيرة قد تكون غالبية، تُكون قيمة العمل تنسب الى قيمة النية الموجوبة عليها والحاقئها بالسببية وبالنتائج.. فلا يمكنك حقاً محاكمة عقلك، بل ستأخذ التحيز التام تجاه الجاني وهو "عقلك".
بالتالي ستدور في دوائر اجتماعية مؤرقة مليئة بالتناقضات واستعطاف الذات على الوجود الذي لم يكن لك ان تختاره، محاولاً ايجاد مغزى من وجودك وخلق الية دفاع لاستمرار وجوديتك باقل المآسي والخيبات.
ستسمر محاولاتك البائسة لفهم حقيقة ذاتك والتعايش معها، وعندما تفشل، والفشل هنا حتمي.. ستعتاد على فعل ما كانت تفعله البشرية منذ بدء النشأة، التعايش مع آلامها.
ستموت كثير من المرات فقط لتحيى حياة تكون مهيئة لميتة أخيرة تسعى لتكون مريحة ..
ولكن مهلا، هل يوجد راحة في الوجود؟
You must be logged in to post a comment.