"أنا" هي قضيتي الأولى

لستُ - ولن أكون - حاملَ قضايا أممية أو عالمية، بل القضيّة التي أُعَمِّدها رقم (1) مستنزفة كل اهتمامي وعنايتي هي أن لا يكون لسوايَ يد على حياتي أو موتي. ألا يبدو هذا النوع من القضايا مهمّاً إذن؟ بلى قد، أو لنقل إنها مهمّة جداً لكنها لا تقوى على إخراجي من دائرة ذاتي ومن ثمّ دفعي ضمن مسارات كفاحية نضالية.

إبراز الشالات والمطاليب الثورية .. حمل اللافتات والأشخاص .. الهتاف مع الجموع بما يمكن أن يذيب الحنجرة مستهدفاً سياسات الحكومات  : (أتذكر جيداً أنني لم أفعل أي شيءً من ذلك)، بل يشغلني جداً ما يدور داخل فضائي الجسدي والفكري أما بالنسبة لنشرات الأخبار والصحف والجرائد والمواقع الإخبارية فتبدو وسيلة للتثقيف أو التسلية أحياناً لا أكثر.

 

إحدى انعكاسات هذا التموقع المفرط داخل الأنا هو أن يتم تصنيفك في خانة المتوحّدين الأنانيّين، وكأن ما يقوله حاملو ذلك النوع من القضايا يعبّر عن نكران للذّات وترفّع عن حظ النفس من أجل ما يرسلونه من انفعالات شعورية أو لفظية تجاه سلسلة من المشاهد اللاإنسانية استقبلتها حواسهم. كل ما يقومون به آنذاك هو أن ينفعلوا وأن يصرفوا كثيراً من الدّموع والابتهال لأبيهم الذي في السّماء ثم ينخرطون في حلقة حوارية حول التوصيف الأليق لما يحدث!

 

لكن هؤلاء "الغيريين" الذين يداومون بشبق على مشاهدة الجزيرة والبي بي سي والعربية لا يقدّمون للضّحايا سوى الدّموع والابتهال، وينتهي بهم الحال بعد ذلك إلى أن يتعاطوا مع مشهد كوميدي بنفس الزّخم الشعوري الذي كانوا يتعاطون به مع المشاهد المأساوية قبل دقائق!!

 

وبينما يزحف العالم نحو الهاوية بسبب خطاياه - كما يقول رجالات الدين - .. أو لأسباب أخرى - كما يصرح المحللون - سأظل مشحوناً بنفس المُنى والأحلام التي لا تبارح قارئي الصحف ومشاهدي النشرات الأخبارية، لكن أجدني أهتمّ بأسماء الكتب ومؤلفيها أكثر من اهتمامي بتعداد الضّحايا.

 

حتماً سأرد يدي إلى جيبي

وحنجرتي لن أهتف بها بل سوف أغني.

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٤ ص - عبد الفتاح الطيب
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٨ ص - jimina
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٥ ص - شهد بركات
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:١٤ م - Amani
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١:٠٨ م - soha
أبريل ١٢, ٢٠٢٢, ٢:٠٠ ص - Zm23138244
About Author