ما هي أيام العرب؟
أيام العرب عبارة عن وقعات، ومعارك، وغارات، وحروب، دارت بين العرب أنفسهم، أو بين العرب والفرس، وذلك في العصر الجاهلي، وقد تناقل المؤرخون والرواة، أحداثها وقصصها، مع ما رافقها من قصائد شعرية، ومن هذه المعارك ما دار، بين قبائل العرب، كالذي وقع بين القحطانيين والعدنانيين، أو بين القحطانيين أنفسهم، أو بين العدنانيين أنفسهم، ومنها ما دار، بين الفرس والعرب، وتشير المصادر إلى صعوبة حصر أيام العرب، في عدد معلوم لكثرتها، وقد أشار بعضها، إلى ألف وسبعمائة يوم، وبعضها إلى ألف ومائتي يوم، وبعضها إلى خمسة وسبعين يوماً.
تسمية أيام العرب
لقد سميت أيام العرب، بشيء بارز، اتصل بهذه الحروب والمعارك، مثل حرب البسوس، التي سميت باسم البسوس، وهي خالة جساس بن مرة، صاحبة الناقة، التي كانت سبباً في هذه المعركة، ومثل حرب داحس والغبراء، فهما اسمان لفرسين، كانا سبب هذه المعركة، ومثل يوم ذي قار، وهو اسم المكان، الذي جرت فيه المعركة، ويقع بين واسط والكوفة، وقد جرى تسمية المعارك العربية والإسلامية، فيما بعد، على نفس المنوال، مثل غزوة بدر، وغزوة أحد.
مدة أيام العرب
تقع الغارات في أيام العرب -غالباً- في يوم واحد، وقليلاً ما استمرت الحروب، أكثر من ذلك، ولكن هناك بعض الأيام، استمرت معاركها عشرات الأعوام، مثل أيام البسوس، وأيام داحس والغبراء، وقد اشتملت هذه المعارك، على عدة أيام قتالية مشهورة، تخللتها فترات متفاوتة من الترقب، ويعني اليوم النهار دون الليل، إذ كان العرب يتوقفون، عن القتال في الليل، ويعاودون الاقتتال صباح اليوم التالي، وكان من عادة العرب في الجاهلية، الإغارة في الصباح الباكر، وقليلاً ما كانت المعارك، تنشب في الليل، وكان الصريخ يصيح: (يا سوء صباحاه)، ليعلم قومه بزحف الأعداء نحوهم، وهي أشهر صرخات أيام العرب.
قيمة أيام العرب
لم تكن أيام العرب، وثائق عسكرية، تتحدث عن حروب أو معارك، وتصور أياماً قتالية دامية، ولكنها كانت تحمل رسائل أدبية، ومحتوى درامي، ووظيفة ملحمية، بما اشتملت عليه، من روايات متناقلة، وسير الأبطال والفرسان، التي تمثل جانباً مهماً، في بنية الشخصية العربية الجاهلية، ويرى بعض الباحثين، أنه لا يجوز للمؤرخ المحقق، أن يعتمد على أيام العرب، كمصدر من مصادر التاريخ الجاهلي، ذلك لأن وقائعها، يعتريها الظن والشك، حسب وجه نظرهم، بسبب تناقل رواياتها بالمشافهة، ثم أن لبعض الرواة هوى، يدفعهم إلى تفضيل بعض القبائل المتنازعة، على باقي القبائل الأخرى، بحكم الانتماء العصبي، ولكن هؤلاء الباحثين -في الوقت نفسه- لم ينكروا الفائدة التاريخية لأيام العرب، والتي تشير إلى طبيعة العلاقات، التي كانت قائمة آنذاك، بين العرب أنفسهم، من ناحية، وبين العرب والفرس، من ناحية أخرى.
أشهر أيام العرب
من أشهر أيام العرب، هي:
- حرب البسوس
دارت حرب البسوس، بين العدنانيين فيما بينهم، وتحديداً بين بكر وتغلب، وقد استمرت هذه الحرب أربعين سنة، كان سببها أن كليب بن ربيعة، من تغلب، رمى بالنبل ناقة البسوس بنت منقذ، وهي خالة جساس بن مرة، من بكر، وكان كليب بن ربيعة، زوجاً لجليلة أخت جساس بن مرة، فاستجارت البسوس بجساس، وقتل جساس كليباً، فقامت حرب البسوس، التي أنهكت القبائل العربية، وعندما جلست نساء تغلب، في مأتم كليب، طلبن أن تخرج جليلة، أخت القاتل من المأتم، فخرجت وهي باكية، وقد قال المهلهل أخو كليب، في وصف هذه الحرب: "قد فنى الحيان، وثكلت الأمهات، وتيتم الأولاد، دموع لا تنقطع، وأجساد لا تدفن"، وعندما سئم الحيان الحرب، تداعوا للصلح ووقف القتال، فاصطلحوا فيما بينهم، والجدير بالذكر، أن حرب البسوس، اشتملت على عدة أيام، منها يوم النهي، ويوم الذنائب، ويوم عنيزة، ويوم تحلاق اللمم، ويوم واردات، ويوم القصيبات.
- حرب داحس والغبراء
دارت حرب داحس والغبراء، بين العدنانيين فيما بينهم، وتحديداً بين عبس وذبيان، وقد استمرت هذه الحرب أربعين سنة، وداحس والغبراء هما فرسان، كانت داحس ملكاً لقيس بن زهير، من عبس، أما الغبراء فكانت ملكاً لحذيفة بن بدر، من ذبيان، وقد أقيم سباق بين الفرسين، وكان السبق لداحس، فرس قيس بن زهير، ولكن رجلاً من ذبيان، لطمه فشغله، فأضاع عليه السبق، ليبدأ الصراع الذي طال أمده وامتد، وهلك فيه عدد كبير من الناس، والمتاع، والحيوان، ولما كثرت الحروب، وكادت القبيلتان تفنيان، تداعى هرم بن سنان، والحارث بن عوف، لعقد الصلح بين قبيلتي عبس وذبيان، وتحمل الرجلان ديات القتلى، ووضعت الحرب أوزارها، والجدير بالذكر، أن حرب داحس والغبراء، اشتملت على عدة أيام، منها يوم الرقم، ويوم حوزة الأول، ويوم حوزة الثاني، ويوم اللوى، ويوم المريقب، ويوم اليعمرية.
- حرب ذي قار
دارب حرب ذي قار، بين العرب والفرس، وذو قار موضع بين واسط والكوفة، على مشارف الصحراء، ووقفت قبائل من العرب، إلى جانب الفرس، مثل قبيلة تغلب، وقبيلة إياد، أما الجيش العربي، فكان يتكون من قبائل عديدة، مثل قبيلة ربيعة، وقبيلة بكر، وقبيلة بني عجل، وقبيلة بني شيبان، وقد انهزم الفرس وحلفاؤهم هزيمة نكراء، ونكصوا على أعقابهم، وتبعتهم قبيلة بكر، تقتل وتضرب بقية يومهم، ولم تلتفت للأسرى، أو الغنائم، فحققت بذلك نصراً عظيماً، ويعد هذا اليوم، من مفاخر التاريخ العربي، إذ أنه أول يوم، يهزم فيه العرب الفرس.
المراجع
- الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.
- الموسوعة الإسلامية العامة، محمود حمدي زقزوق، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، 2003.
You must be logged in to post a comment.