جفرا أغنية التراث، فمن تكون جفرا؟
جفرا هي يالربع، أغنية شهيرة من التراث الفلسطيني، يتغنى بها الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وحملوها معهم إلى كل أقطار العالم، تحمل بين كلماتها مزيجًا من قصتين معًا، فما حقيقة قصة جفرا؟ ولماذا يتغنى الجميع بها؟
تحمل أغنية جفرا قصتين معًا، وهما جفرا الشهيدة، وجفرا التراث، وتعتبر جفرا التراث هي الأقدم، بينما جفرا الشهيدة هي القصة ذات التأثير الأكبر، وذلك لأنّ قصة جفرا التراث تحتوي على التكرار، وهي تحكي عن قصة حب من طرف واحد، وأغنية جفرا الشهيدة باللغة العربية الفصحى، بينما أغنية جفرا التراث فهي باللهجة الفلسطينية.
وتختلف كلمات أغنية جفرا بين الشعب الفلسطيني، لكن دون حدوث تغيير في كل من "جفرا"، واللحن، وقد ارتبطت أغاني جفرا بالمناسبات في دولة فلسطين سواء كانت مناسبات اجتماعية أو وطنية.
أحد أبرز الناشطين في الحفاظ على التراث الفلسطيني، وهو الدكتور ثائر الغضبان، رجل فلسطيني من قرية كويكات من عكا شمال فلسطيني، وقد لجأ أهله لدولة لبنان بعد حدوث النكبة الفلسطينية، وهو رجل أعمال ناجح، وحريص في الحفاظ على التراث الفلسطيني فهو يعتبره أحد أشكال النضال والتمسك بالهوية الفلسطينية.
يقول الدكتور ثائر الغضبان: "عرف الفلسطينيون أغنية "جفرا" عام 1935م من خلال الشاعر أحمد عزيزي علي الحسن ابن قرية كويكات، قضاء مدينة عكا الفلسطينية، حيث أطلق على حبيبته التي تزوجها فيما بعد لقب "جفرا" وكان يتغنى بها وبجمالها بعد أن تم الانفصال".
وتابع: "قصة "جفرا" هي كباقي القصص التي حدثت مع أبناء القرى الفلسطينية، حيث كان الشاعر أحمد عزيز الحسن شابًّا وسيمًا ويملك صوتًا جميلًا، أحب ابنة عمه رفيقة نايف الحسن وهي وحيدة أهلها ووافقوا على الزواج بها، وكما هي العادة في فلسطين بعد أسبوع من الزواج تقوم العروس بزيارة أهلها وهذه الزيارة تعرف بـ "ردّة الإجر" وعند المساء طلبت والدة العروس أن تبقى في بيت أهلها وقد وافق أحمد عزيز على أن يصطحبها في اليوم الثاني، لكن في اليوم الثاني رفضت والدتها أن تعود مع العريس وطلبت منه أن تنام عندها، وافق العريس لأنّه يعلم حب الأم لوحيدتها، وفي اليوم الثالث عاد ليأخذها رفضت الوالدة وحصل شجار بين العريس ووالد العروس أدّى إلى إصابة العريس في رأسه، وعندها تدخل كبار القرية لحل الإشكال، إلّا أنّ والدة العروس وجهت إليهم كلامًا غير لائق، عندها فرضوا على الشاعر أحمد عزيز أن يطلقها".
وأكمل الغضبان حديثه حول قصة "جفرا": "رغم ذلك بقي أحمد عزيز يحب رفيقة وصار يقول شعرًا وغزلًا يعبر فيه عن مدى حبه لها إلّا أنّه اختار اسم "جفرا" بدلًا من اسمها خوفًا من أن تعرف العائلة أنّه ما زال يحبها، ولكن أهل القرية كانوا يعرفون أنه يقصه بكلامه رفيقة التي أحبها".
وقد قام الشاعر الفلسطيني أحمد عزيز بتأليف كتابه الأول تحت عنوان "جفرا"، وفيه وضع قصائد غزل وقصائد عتب، بالإضافة لأغاني الدبكة، التي أصبحت جميعها مشهورة للغناء في الأعراس الشعبية في كافة قرى دولة فلسطين.
وقد انتشرت أغاني "جفرا" في كافة المناطق الفلسطينية خاصة في شمالها، وقد كانت "جفرا" تُغنى بمواويل الغزل من الرجال ومن النساء في الأعراس، وقد جاء شعراء فلسطين يتنافسون مع الشاعر أحمد عزيز في الغناء لأوقات طويلة.
لكن حدوث النكبة الفلسطينية ترك أثرًا واضحًا في شعر الشاعر الفلسطيني أحمد عزيز، فقد أًصبح يتغنى بالوطن الأرض، ويذكر الأجداد في أنحاء فلسطين، كما قد غنى للثورة وأبطالها.
كما أنّه قد ألّف كتابًا آخرًا منتشر في كافة المدن الفلسطينية والدول المجاورة لها، وقد أصبح الشاعر الفلسطيني أحمد عزيز علي الحسن يلقب بـ"راعي الجفرا".
You must be logged in to post a comment.