التحكم في أعراض القلق اليومية عن طريق تدوينها
تعتبر كتابة اليوميات وتدوينها أحد أهم وسائل التعبير عن الذات وفهم المشاعر، كما أنّ ذلك يساعد الفرد على التعلم من الأخطاء والأحداث المؤلمة.
ومن الضروري على الجميع معرفة أن الفرد هو من يسمح للماضي أن يتحكم به ويسيطر على مشاعره وحياته ومستقبله، وهو وحده من يمكن التخلص من الأفكار السيئة والذكريات السلبية التي تسيطر على الواقع وتسبب الشعور المستمر بالقلق والتوتر.
لكن قراءة اليوميات والمشاعر السلبية تترك أثرًا سيئًا في بعض الأوقات، لذلك يجب الانتباه لعدة أمور عند تدوين اليوميات، وذلك لتجنب تكرار المشاعر السلبية ذاتها.
لماذا يجب كتابة اليوميات؟
تعتبر الكتابة بشكل يومي من المهمات الصعبة على الدماغ من أجل معالجة الأفكار، لكنها تساعد الشخص على التخلص من الضغوطات اليومية، ومعرفة الأسباب الحقيقة للعواطف، وكيفية السيطرة عليها بشكل صحيح، ويعتبر التعبير عن العواطف وكتابتها من أسباب تحسن الأوضاع النفسية لمرضى اضطراب الاكتئاب الحاد.
وتدوين اليوميات بشكل مستمر يترك آثارًا إيجابية على الصحة الجسدية، مثل: النوم بشكل أفضل، والتئام الجروع بشكل أسرع. وقد ثبت خلال بحث قام به أساتذة علم النفس في جامعة تكساس أنّ القيام بكتابة الواطف الذاتية له دور في تعزيز قدرة الجهاز المناعي عند المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية مثل متلازمة القولون العصبي، الربو، أمراض القلب والسرطان، الذئبة.
كما قد قامت المجلة الطبية الأمريكية بنشر دراسة تثبت أنّ كتابة اليوميات لمدة 4 شهور متواصلة حول تجارب الحياة السلبية أو حتى الجداول اليومية من شأنها أن تساعد مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي على العلاج بشكل تام وعدم الإصابة مرة أخرى.
بينما هناك أبحاث أخرى أثبتت أن ترك الأفكار السلبية في الداخل من شأنه أن يضر بوظيفة الجهاز المناعي للجسم، ويعتبر المزاج السيء أحد أسباب سوء حالة المصابين بأمراض القلب والسرطانات المختلفة واضطرابات الجهاز التنفسي.
وقد قام باحثون في كلية الطب في ولاية بنسلفانيا بتجنيد 70 فرد بالغ يعانون من أوضاع طبية متنوعة، تسبب تشخصيهم بشكل سلبي في تراجع الصحة العقلية لديهم.
وقد قام المرضى بكتابة يومياتهم لمدة 12 أسبوع متواصل، وبواقع 25 دقيقة بشكل يومي، وقد لوحظ تحسن الصحة البدنية لديهم، كما قد انخفضت نسبة الاكتئاب لديهم بما يبلغ 44%.
فيما يلي عدة قواعد تساعد على تدوين اليوميات:
- البحث عن المساحة الخاصة، وهذا لا يعني أن تكون المساحة مكانًا لا يمكن لأحد الوصول إليه، بل هذا يعني وجود مساحة داخل العقل دون وجود أي تشتيت فيها، ومن الممكن أن تكون هذه المساحة عبارة عن وقت محدد خلال الصباح، أو خلال طريق العودة إلى المنزل، أو عبارة عن حالة شعورية معينة. وفيما يتعلق بوقت الجلسات فقد ثبت أنّ دقيقتين إلى خمس دقائق من الممكن أن تكون كافية للتعبير عن الذات، ولجعل تدوين اليوميات عادة يومية.
- استخدام الأدوات الخاصة، ثبت أنّ التحدث إلى جهاز التسجيل يترك لدى الفرد آثارًا صحية إيجابية مشابهة لآثار تدوين الكتابة، ومن الممكن الاستعانة بالرسم أو التعبير بالألوان، أو حتى استخدام قصاصات من المجلات القديمة من أجل التعبير عن الحالة الشعورية، فبغض النظر عن الأدوات الخاصة فهي لها دور كبير في التعبير عن الذات.
- تحديد مسار، أي تحديد السبب من كتابة اليوميات وتدوينها، ومن الضروري أن يكون سببًا إيجابيًّا ومفيدًا للصحة النفسية، ومن الضروري سؤال النفس الأسئلة التالية باستمرار مع تحديد الإجابة: "هل تكتب من أجل تسجيل حالة مزاجية فقط؟"، "هل تكتب من أجل تنظيم وتحديد مهام الغد فقط؟"، "هل تكتب من أجل تفريغ عقلك؟"، "هل تكتب من أجل فهم موقف سلبي وأسبابه؟"، كل هذه الأسئلة ستساعدك على تحديد الهدف من تدوين اليوميات والتخلص من المشاعر السلبية مع مرور الوقت.
- تخفيف الضغط، من الضروري الكتابة عمّا تشعر به، وهو أمر مختلف من يومي لآخر، فمن الممكن الكتابة عن المشاعر المتعلقة بحدث ما، وفي حال الشعور بالانزعاج من كتابة التفاصيل فمن الممكن الانتقال من كتابة فكرة واضحة إلى سرد الأسئلة.
- أفكار لبدء التدوين، من الممكن التحديق في ورقة فارغة، والقيام على حث النفس على استرجاع الأيام الصعبة يعتبر أمرًا كافيًا من أجل التراجع، ويمكن الاستعانة بالبداية باقتراحات علماء النفس، ومنها: كتابة شيء واحد عرفته عن نفسك خلال الأسبوع، كتابة خمسة أمور تتمنى أن تحققها بشكل يومي، كتابة قائمة تحتوي أشياء تساعدك على تحسين مزاجك في أوقات الحزن، كتابة خمسة أمور أنت ممتنٌّ لها اليوم، كتابة خمسة مشاعر مررت بها خلال اليوم، كتابة 5 كلمات تصف بها شخصيتك.
- مصارحة النفس، من الضروري أن تكون صريحًا عند كتابة يومياتك ومشاعرك، والابتعاد عن الانفعال والغضب خلال الكتابة، كما يجب عدم الكذب على أنفسنا وتقبل الواقع وتصديقه كما هو، حينها سنرى الحياة والأمور كافة بالمنظور الصحيح لها وليس بالمنظور الشخصي.
- الاستعانة بالآخرين، من الممكن طباعة قائمة تحتوي على المشاعر الإنسانية، أو الاستعانة بتصميم دفاتر خاصة لليوميات في حال عدم القدرة على تسمية المشاعر وتحديدها.
- التفكير بشكل عميق، من الضروري التفكير خلال التعبير عن المشاعر، وذلك من أجل الحصول على النتائج المطلوبة من تدوين اليوميات، فمن يقوم بكتابة مشاعره بشكل يومي بالطريقة ذاتها لا يمكن لحالتها النفسية أن تتحسن أو تتغير، لذلك فمن الأفضل القيام بتغيير اللغة، والاستعانة بالمنطق بالسؤال عن كل من: السبب، النتيجة، العبر المستفادة.
- عدم قراءة الأحداث المؤلمة التي حدثت في الماضي، فهذا من أكبر الأخطاء التي تترك أثرًا سيئًا في النفس، ذلك لأنّ إعادة النظر إلى لحظات اندفاع المشاعر الجريحة والعنيفة من لها أثر سلبي في حال الالتقاء بما يريد الشخص نسيانه.
ومن الضروري جدًّا عدم استرجاع الأحداث السيئة التي حدثت في الماضي، وخاصة الصدمات منها، بل يجب خلال تدوين اليوميات التركيز على الدروس المستفادة من المواقف والمشكلات اليومية، فهذا يساعد العقل على تنمية الجوانب الإيجابية من الأحداث والتفاصيل المؤلمة، لكن في حال مواجهة صعوبة في التصرف مع الماضي الصادم والأحداث الأليمة يمكن اللجوء لمساعدة الطبيب النفسي واستشارته.
You must be logged in to post a comment.