التقويم الهجري

التقويم لغة

جاء في بعض المعاجم العربية، مثل المعجم الوسيط، ومعجم اللغة العربية المعاصر، ومعجم الرائد، ومعجم لسان العرب، ومعجم القاموس المحيط، التقويم مصدر قوم، وهو حساب الزمن، بالسنين، والشهور، والأيام، والجمع تقاويم.

التقويم اصطلاحاً

التقويم Calendar في علم الفلك هو نظام تقسيم الزمن، إلى وحدات، مثل السنين، والشهور، والأسابيع، والأيام، وقد اتخذت شعوب كثيرة، من وحدات السنة، والشهر، واليوم، أساساً لوضع تقاويم خاصة بهم، نذكر على سبيل المثال، التقويم المصري، والتقويم الفارسي، والتقويم اليوناني، والتقويم اليهودي، والتقويم الهندي وغيرها، وتختلف التقاويم، في خصائصها الدقيقة، ويمكننا إجمالها، في نوعين: النوع الأول: التقويم القمري، ويقوم على دوران القمر حول الأرض، والنوع الثاني: التقويم الشمسي، ويقوم على دوران الأرض حول الشمس، ويعتبر التقويمان الهجري والميلادي، خير مثالين لهذين النوعين.

قبل التقويم

لم يكن للعرب في الجاهلية، مبدأ موحد وثابت، يؤرخون به، حيث كانوا يؤرخون ببعض الأحداث العظيمة، مثل تأريخ بناء الكعبة، في زمن سيدنا إبراهيم، وسيدنا إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، سنة 1855 ق.م، ورئاسة عمرو بن لحي، سنة 260م، ووفاة العظماء، مثل كعب بن لؤي، سنة 60م، وعام الغدر، وعام الفيل، والأخير هو أشهرها، سنة 571م، وحرب الفجار، التي وقعت في الأشهر الحرم، سنة 585م، وتجديد الكعبة، سنة 605م، وحرب البسوس، وحرب داحس والغبراء، وحرب الأوس والخزرج، إلا أن بعد مبعث رسول الله ﷺ، أطلق المسلمون أسماء أبرز الحوادث، على السنوات، التي وقعت فيها، فقد سميت السنوات، على النحو التالي:

السنة الأولى: سنة الإذن.

الحدث البارز: الإذن بالهجرة، من مكة المكرمة، إلى المدينة المنورة.

السنة الثانية: سنة الأمر.

الحدث البارز: الأمر بقتال المشركين.

السنة الثالثة: سنة التمحيص.

الحدث البارز: تكفير الذنوب بعد غزوة أحد.

السنة الرابعة: سنة الترفئة.

الحدث البارز: جمع الشمل والاتفاق، من رفأ بين القوم، إذا أصلح بينهم.

السنة الخامسة: سنة الزلزال.

الحدث البارز: ابتلاء المؤمنين وزلزالهم، في غزوة الأحزاب (الخندق).

السنة السادسة: سنة الاستئناس.

الحدث البارز: نزول الآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{27}﴾ [النور:27].

السنة السابعة: سنة الاستغلاب.

الحدث البارز: فتح خيبر، والانتصار على اليهود.

السنة الثامنة: سنة الاستواء.

الحدث البارز: فتح مكة.

السنة التاسعة: سنة البراءة، وتسمى أيضاً سنة الوفود.

الحدث البارز: براءة الله ورسوله ﷺ، من المشركين، في الحج الأكبر، أو البراءة من المتخلفين عن الجهاد في غزوة تبوك، بالإضافة إلى قدوم وفود العرب، لإعلان إسلامهم.

السنة العاشرة: سنة الوداع.

الحدث البارز: حجة الوداع.

قصة التقويم

ظل المسلمون يسمون السنوات، بأسماء أشهر الأحداث، كما ذكرنا آنفاً، ففي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اشتهرت بعض السنوات بأحداثها، مثل عام الطاعون، وعام الرمادة، إلا أنه في السنة الثالثة من خلافة الفاروق رضي الله عنه، أرسل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه رسالة، إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال فيها: "إنه يأتينا من أمير المؤمنين كتب، فلا ندري على أي نعمل، وقد قرأنا كتاباً محله شعبان، فلا ندري أهو الذي نحن فيه أم الماضي؟"، فاجتمع أكابر الصحابة رضي الله عنهم، وتداولوا هذا الأمر، وكان ذلك في عام 17هـ، واتفقوا على أن يكون التأريخ، ابتداءً من هجرة رسول الله ﷺ، من مكة إلى المدينة، وأن يكون شهر محرم، هو مبتدأ التأريخ، والجدير بالذكر أن الهجرة حدثت في عام 622م، وفق التقويم الميلادي (الجريجوري)، وهو تقويم شمسي.

نظام التقويم

يتخذ التقويم الهجري من رؤية الهلال، بداية للشهر الهجري، ويبدأ اليوم في التقويم الهجري، بغروب الشمس، وينتهي بالغروب التالي، ويتم تقسيم الزمن في التقويم الهجري، إلى دورات مدتها 30 سنة، في كل دورة تبقى 19 سنة، مكونة من 354 يوماً، كما هو المعتاد في العام، بينما يضاف يوم واحد، لكل سنة من السنوات الإحدى عشر الباقية، وتعتمد السنة الهجرية على القمر، وفيها 12 شهراً، طول الواحد منها 29، أو 30 يوماً، وهذه الشهور هي: (المحرم، وصفر، وربيع الأول، وربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة)، وقد زاد الاهتمام -في القرن العشرين- بطرق وأساليب الرصد، لذلك من أجل تعيين مدارات القمر والكواكب، وأصبح بالإمكان تحديد لحظة ميلاد الهلال، وبشكل دقيق، وذلك عن طريق، حل المعادلات الرياضية، لمداره حول الأرض، ومدار الأرض الظاهري حول الشمس، وقد بلغت هذه الحسابات من الدقة الفائقة، ما جعلها تصلح للتحديد المسبق، لمواقع الأقمار والكواكب، وضمان الوصول الآمن إليها في الفضاء، بعد رحلات شاقة وطويلة، قد تستغرق سنين عديدة، وقد حفز ذلك بعض البلاد الإسلامية، للاستغناء كلية عن رؤية الهلال، والاكتفاء فقط بالحسابات الفلكية، وفي اليوم التاسع والعشرين، من كل شهر هجري، وحسب نتائج الرؤية، يتم الإعلان عن دخول الشهر الهجري الجديد، في اليوم التالي، أو اليوم الذي يليه.

المصنفات التراثية

من أبرز المصنفات التراثية، في موضوع التقاويم، هي:

الأثار الباقية عن القرون الخالية، والقانون المسعودي: لأبي الريحان، محمد بن أحمد البيروني.

الشماريخ في علم التاريخ: لأبي الفضل، جلال الدين بن عبد الرحمن السيوطي.

المخصص: لأبي الحسن، علي بن إسماعيل، المعروف بـ(ابن سيده المرسي).

نهاية الأرب في فنون الأدب: لشهاب الدين، أحمد بن عبد الوهاب النويري.

صبح الأعشى في صناعة الإنشا: لأبي العباس، أحمد بن علي القلقشندي.

مروج الذهب: لأبي الحسن، علي بن الحسين المسعودي.

الأزمنة والأمكنة: لأبي علي، أحمد بن محمد المرزوقي.

المراجع

الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.

الموسوعة الإسلامية العامة، محمود حمدي زقزوق، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، 2003.