المؤرخون العرب

التأريخ لغة                    

جاء في بعض معاجم وقواميس العربية، مثل معجم اللغة العربية المعاصر، والمعجم الوسيط، ومعجم الرائد، ومعجم الغني الزاهر، ومعجم لسان العرب، التأريخ بـ(الهمزة)، مصدر من (أرَّخ) بلغة قيس، وهو اللفظ الشائع عند العرب، أما التوريخ فهو مصدر من (ورَّخ) بلغة تميم، وهو لفظ لم يستخدمه كاتب قط، وأرَّخ، يؤرِّخ، تأريخاً، فهو مؤرِّخ، والمفعول مؤرَّخ، ويعني تعريف الوقت، والغاية أيضاً، فتاريخ الشيء هو وقته وغايته.       

التأريخ اصطلاحاً              

التأريخ يعني الحقبة، أو الزمن، وعندما ترد لفظة التأريخ، فإنما يراد بها أمران، الأمر الأول: هو التأريخ العام، أي: تسجيل أهم الحوادث وتدوينها، عاماً بعد عام، بمعنى أن تكون الأخبار، مرتبة بحسب العصور، أما الأمر الثاني: فهو تحديد بداية الأخبار الخاصة، في عصر من العصور، وحصر الأزمات وحسابها، وتحديد زمن وقوع الأحداث تحديداً دقيقاً.

الفَرْق  

يفرق العلماء بين لفظي التأريخ بـ(بالهمزة) والتاريخ بـ(تسهيل الهمزة)، فالتأريخ بـ(الهمزة)، هو عملية توثيق وتسجيل الأحداث، عبر الزمان عن طريق المؤرِّخ المتخصص، وتنحصر وظيفة المؤرِّخ في تقييم الأحداث، وإظهارها للوجود، وجمع مواد التاريخ وتصنيفها، وترتيبها، وتحليلها، ومن ثم نشرها، أما التاريخ بـ(تسهيل الهمزة)، فهو فن يعنى بدراسة الماضي لإفادة الحاضر، وعلم من العلوم الاجتماعية، يهتم بنقل الأحداث الاجتماعية والسياسية، كما يعمل على تعديل سلوك الإنسان، لأنه يقوم على التحقيق، والنظر، والتأمل، ويعتبر ضرورة حضارية، من أجل فهم العلاقات الاجتماعية، بالإضافة إلى أنه أداة، تستخدم للكشف عن الصراعات الخارجية، ومن جانب آخر، هو علم يتعلق بالزمان والمكان، وبكل ما فيه من وقائع، وأحداث، وأخبار، فالفرق بين (التأريخ) و(التاريخ) واضح وجلي، وزبدة القول، أن (التاريخ) هو دراسة الأحداث، أما (التأريخ) فهو تدوينها، لكن يجب العلم أن فهم (التاريخ) متعلق بـ(التأريخ)، والمقصد أنه لا يستطيع أي إنسان، تعلم الماضي، ودراسة الحاضر، من دون (تأريخ التاريخ).

البداية          

كان العرب في الجاهلية، لغلبة الأمية عليهم، يتذاكرون أحداثهم وأيامهم بالمشافهة، على هيئة أشعار، وقصائد، وأخبار متفرقة، وكانوا يوقتون بالأهلة، والنجوم، ويكبسون الشهور تارة، وينسئونها تارة أخرى، إلحاقاً للسنة القمرية، بالنسبة للسنة الشمسية، وكانوا يبنون التأريخ، على الليالي دون الأيام، وهذا بخلاف العجم، الذين كانوا يبنون التأريخ، على الأيام دون الليالي، وظل العرب يؤرخون بالوقائع المشهورة، والأحداث العظام، مثل بناء الكعبة، وعام الفيل ونحوهما، حتى جاء الإسلام، فقام الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بوضع التاريخ الهجري، وهو أول المحرم من السنة التي وقع فيها، هجرة رسول الله ﷺ، من مكة إلى المدينة، ومضى الأمر على ذلك، إلى يومنا هذا.      

الموضوع        

لقد راعى المؤرخون العرب في تأريخهم، صدق الرواية لأنفسهم، ولغيرهم من الأمم الأخرى، وكانت أغلب مصنفاتهم، تدور حول تاريخ الإسلام، وتاريخ البلدان التي فتحوها، وتاريخ المدن والأقطار، مثل مكة، والمدينة، وبغداد، ودمشق، والأندلس، والمغرب، ومصر، وقد قام المؤرخون بدراسة كافة مظاهر الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والسياسية، في الماضي والحاضر، على حد سواء، وذلك لاستخلاص العبر والدروس منها، وعكفوا على إعداد سجلات لهذه الأحداث، وهي معروفة بكتب التاريخ، حيث ترك القدماء العديد من الآثار، بما في ذلك القصص الشعبية، والأعمال الفنية، والتقاليد، والمخلفات الأثرية، وغيرها من المدونات، والتي تعتبر مادة دسمة للمؤرخين، ويدرس معظم المؤرخين الماضي بشكل رئيسي، في ضوء ما هو مدون، في الوثائق المكتوبة، لذا فإن التاريخ أصبح مقصوراً، على الأحداث الإنسانية، وذلك منذ تطور الكتابة، قبل نحو خمسة آلاف سنة مضت، وهدف المؤرخين من تركيزهم على الماضي، هو من أجل فهم آلية التفكير، والعمل لدى الناس، في مختلف الحقب والأزمنة، بينما يبحث الآخرون، عن العبر المستفادة من تلك الأعمال والأفكار، لتكون موجها للقرارات والسياسات المعاصرة، ويختلف المؤرخون في آرائهم حول دروس التاريخ، لذا نقرأ لهم تفسيرات عديدة ومختلفة للماضي.  

المصنفات    

من أبرز المؤرخين العرب والمسلمين، في التراث الإسلامي، وأشهر مصنفاتهم:

  • أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي (283-346 هـ/896-957م)، ومصنفه (مروج الذهب).
  • أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (224-310 هـ/839-923م)، ومصنفه (تاريخ الرسل والملوك).
  • أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون (732-808 هـ/1332-1406م)، ومصنفه (مقدمة ابن خلدون).
  • عبد الرحمن بن حسن الجبرتي (1167-1240هـ/1753-1822م)، ومصنفه (عجائب الآثار في التراجم والأخبار).

ومن أبرز المؤرخين العرب والمسلمين، في العصر الحديث، وأشهر مصنفاتهم:

  • محمد كرد علي (1293-1372هـ/1876-1953م)، ومصنفه (الإسلام والحضارة العربية).
  • عبد المنعم ماجد (1339-1419هـ/1921-1999م)، ومصنفه (التاريخ السياسي للدول العربية).  
  • أحمد شلبي (1333-1421هـ/1915-2000م)، ومصنفه (موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية).        

ومن الجدير بالذكر، أن لفظة (التأريخ) وردت كعنوان، لمصنفات تاريخية كثيرة، منها:

  • (تأريخ بغداد)، لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (392-463هـ/1002-1071م).
  • (تكملة تأريخ الطبري)، لأبي الحسن محمد بن عبد الملك الهمذاني (463-521هـ/1071-1127م).
  • (تأريخ الحكماء)، لأبي الحسن علي بن يوسف القفطي (568-646هـ/1172-1248م).        

المراجع         

  • الموسوعة الإسلامية العامة، محمود حمدي زقزوق، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، 2003.                                            
  • الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.    

 

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments
حمزة - مارس ١٩, ٢٠٢٣, ٤:١٥ م - Add Reply

موضوع جيد بالنسبة لمحبي التطلع عن تاريخ العرب

You must be logged in to post a comment.

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يوليو ٢٠, ٢٠٢٢, ١٢:٤٧ م - مايكل جرجس جابر اسكندر
ديسمبر ٩, ٢٠٢١, ١٢:٤١ م - إيمان خالد الأخرس
أكتوبر ١٠, ٢٠٢١, ٩:١٠ ص - DR Ahmed Zaki
أغسطس ٣٠, ٢٠٢١, ١٠:٤٥ م - أسامة إسلام
About Author