حجر رشيد

ما هو حجر رشيد؟          

حجر رشيد Rosetta Stone، هو حجر من البازلت الأسود، اكتشفه الضابط الفرنسي بيير فرانسوا بوشار Pierre Francois Bouchard، في عام 1799م، كان هذا الضابط يعمل في سلاح المهندسين، في جيش نابليون بونابرت Napoleon Bonaparte، وعندما عثر على الحجر، كان مدفوناً إلى نصفه في الطين، بالقرب من مصب نهر النيل، في مدينة رشيد في مصر، والتي تقع على مقربة من مدينة الإسكندرية، وتم نقل حجر رشيد إلى إنجلترا، وما يزال محفوظاً، في المتحف البريطاني في لندن.     

فحوى الحجر             

يتميز حجر رشيد بكتابة محفورة، فحواها مرسوم صادر عن الكهنة، يخلد ذكرى تتويج بطليموس الخامس إبيفانيس Ptolemy V Epiphanes، ملكاً على مصر، من 203 إلى 181 ق.م، وقد نقش المرسوم بثلاثة خطوط، الخط الهيروغليفي المصري Egyptian hieroglyphs، والخط الديموطي المصري Egyptian Demotic، والخط الإغريقي Greek، حيث كتب النقش الأول بحروف الهيروغليفية المصرية، أما النقش الثاني، فقد كتب بالخط الديموطي المصري، وهو يمثل الصيغة الشعبية، للكتابة المصرية، في ذلك العهد، وكتبت نفس الرسالة، مرة أخرى بالخط الإغريقي، عند قاعدة الحجر، ويبلغ سمك حجر رشيد 28 سم، وارتفاعه 115 سم، أما عرضه، فيبلغ 70 سم، وقد فقد جزء من القسم الأعلى، والقسم الأيمن، لهذا الحجر.       

الكتابة الهيروغليفية      

الهيروغليفية Hieroglyph هي شكل من أشكال الكتابة، وصورة من صورها، تستخدم فيها الرموز التصويرية، لتمثل أصواتاً، وأفكاراً محددة، ويدل مصطلح الهيروغليفية عموماً، على الكتابة التي استخدمت، في مصر القديمة، ومع ذلك، فقد استخدمت أيضاً، الأشكال والصور في الكتابة، في حضارات قديمة أخرى، مثل قبائل الأزتك والمايا الهندية، التي عاشت في أمريكا الوسطى، وقبائل الحيثيين الذين عاشوا في تركيا، ويتم قراءة بعض النصوص الهيروغليفية، من اليمين إلى اليسار، والبعض الآخر من اليسار إلى اليمين، وذلك وفقاً، لاتجاه ونوع الحرف الهيروغليفي، كما توجد نصوص على شكل أعمدة، تقرأ من أعلى إلى أسفل، والجدير بالذكر، أنه تم استخدام الكتابة الهيروغليفية، لغرض الزخرفة والتزيين، وفي بعض الأحيان، كانت الرموز تلون بألوان بديعة، وتطلى بالذهب.   

ألفباء بسيطة      

استخدم المصريون القدماء، الكتابة الهيروغليفية، لمدة تزيد على 3000 عام، في النقوش الدينية، على النصب التذكارية والمعابد، من أجل تسجيل كلمات، وأفعال الشخصيات، والأسر الملكية، وكانوا يطلقون على كتابتهم، اسم (كلمات الإله)، وكانت النقوش تنحت، أو تنقش، من قبل رجال يتمتعون بخبرة كبيرة، يعرفون بـ(الناسخين)، وبعد انقضاء القرن الثالث الميلادي، تبنى المصريون القدماء ألفباء بسيطة، وسرعان ما فقدت المعرفة، بهذه الرموز، وأصبح معنى الحروف الهيروغليفية منسياً.

الرموز الهيروغليفية          

اقتبس المصريون القدماء، فكرة الكتابة الهيروغليفية، من السومريين، الذين كانوا يقطنون، في بلاد ما بين النهرين، حوالي عام 3000 ق.م، وضمت الكتابة الهيروغليفية، في آخر الأمر، حوالي 700 رمز، وقد تمتعت رموزها، بالأناقة والوضوح، اللذين يعتبران نموذجاً، للفن المصري القديم، وكانت رموز الكتابة التصويرية، تمثل الأفكار، تمثيلاً حرفياً، واشتملت الكتابة الهيروغليفية، على المحددات، وهي تدل على أصناف الأشياء، التي ينتمي إليها الرمز الهيروغليفي، مكتوب بجانبها، مثل رمز الماء، الذي يوضع بعد اسم نهر، أو بحيرة، وقد ساعدت هذه المحددات على توضيح، معنى الكتابة الهيروغليفية.      

الصوامت والصوائت

عندما شاعت الكتابة وانتشرت، بحث المصريون القدماء عن مادة، أفضل من الحجر، تتمتع بسهولة الكتابة، والنقل، والحفظ، فقاموا باختراع ورق البردي، وهو مادة شبيهة بالورق، مصنوعة من نبات البردي، كتبوا عليها بأقلام، صنعوها من قصب حاد، كما استخدموا أقلام ذات رؤوس معدنية، وحبراً من السخام المخلوط بالماء، واستحدث المصريون القدماء، الكتابة الهيروغليفية الصوتية، التي تسمى (الفونوغرامات)، والتي تعد تمثيلاً لأصوات اللغة، كما هو الحال، في حروف الألفباء الحديثة، حيث مثلت بعض الرموز الهيروغليفية، صوتاً واحداً، وبعضها الآخر، مثل صوتين، أو مجموعة من المقاطع الصوتية، إلا أن الرموز الصوتية، كانت تمثل الصوامت فقط، إذ لم يكتب المصريون القدماء الصوائت، ولهذا السبب بقي العلماء والباحثون، غير متأكدين، من كيفية نطق اللغة المصرية القديمة.  

الكهنوتية والديموطية

استحدث المصريون القدماء، كتابة مبسطة ومتصلة، عرفت باسم (الكتابة الكهنوتية)، التي تناسب الكتابة السريعة، على ورق البردي، واستخدم النساخون هذه الكتابة، للأغراض الدينية وغير الدينية، وقد كانت هذه الكتابة، تتشابه مع الكتابة الهيروغليفية، كما تتشابه الكتابة العادية، مع الطباعة، في عصرنا الحديث، وفي فترة لاحقة، حوالي عام 700 ق.م، استحدث المصريون القدماء أيضاً (الكتابة الديموطية)، وهي أسرع وأبسط، من الكتابة الكهنوتية، واستخدم النساخون هذه الكتابة، لحفظ السجلات والمراسلة.        

جان شامبليون  

بقي معنى الكتابة الهيروغليفية، لغزاً مبهماً، لمئات من السنين، حتى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، حيث جاء اكتشاف حجر رشيد، ليحل هذا اللغز الغامض، فقد قام العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون Jean Francois Champollion، بدراسة أسماء الأعلام المكررة، في النص المكتوب بالخط الإغريقي، ليتعرف على نفس الأسماء، في النصين المكتوبين بالخط الهيروغليفي المصري، والخط الديموطي المصري، وكان شامبليون على دراية باللغة القبطية، التي كانت تكتب بالحروف الإغريقية، الأمر الذي مكنه، من الوقوف على معاني، الكثير من الكلمات المصرية القديمة، في الجزء الأعلى من النقوش تحديداً، وبعد جهد جهيد، استطاع شامبليون فك رموز شيفرة الكتابة الهيروغليفية، وقراءة النص كاملاً، ونشر في عام 1822م، كتيب بعنوان (رسالة إلى مسيو داسييه)، الذي احتوى نتائج عمله هذا، ومن خلال هذا الكتيب، تمكن العلماء والباحثون، من قراءة الكتابات المصرية القديمة.        

المراجع                                                                    

• الموسوعة العربية العالمية، مجموعة من العلماء والباحثين، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1999.      

• الموسوعة العربية الميسرة، مجموعة من العلماء والباحثين، المكتبة العصرية للطباعة والنشر، لبنان، 2010.