مع مرور الوقت شعرت ماجدة باهتمام عمر الزائد بفريدة وشعرت أن هذا سيؤثر على درجاته في المدرسة ولن تستطيع التحكم في ابنها، فقررت أن تتخلص من فريدة وقد أصبحت في الثانية عشر من عمرها وتتركها بأي منزل أخر كخادمة، ذهبت إلى مكتب لتوظيف خادمات ومعها فريدة وقالت لفريدة أخاف على أولادي منك فأنتِ بنت خطر عليهم، وذهبت للعمل بأحد المنازل وهي لا تستطيع قبح دموعها أكثر من ذلك فكل ما مرت به هدمها وحطمها، لم تعد البنت حادة الطباع كما كانت، بل أصبحت ضعيفة وتحزن سريعا وتبكي كثيرا فقد تغيرت تغير تام.
تألم عمر كثيرا بمغادرة فريدة منزلهم وكذلك إياد وزياد، وأخبرتها جارتها ولاء أنها ظلمت فريدة ظلما كبيرا فهي يتيمة الأب والأم وما أصعب ظلم اليتيم، فقالت ماجدة لها: ولمَ لا تربيها أنتِ؟ فقالت لها: أنتِ تعلمين حالتنا المادية صعبة وبالكاد نستطيع العيش ولكن أنتِ تستطيعي تربيتها في منزلك، فانزعجت ماجدة من هذا الحديث وأخبرتها أنها لا تريد التحدث في هذا الأمر.
كان عمر حزين فكانت فريدة بمثابة النور الذي يضيء حياته فتغير مع أمه وأصبح سيء الطباع شديد الغلظة وأصبح منزلهم كالظلمة وبلا روح.
ذهبت فريدة إلى منزل زوجين بلا أطفال وهم أيمن ورحاب وكان كل منهم يذهب عمله ويحتاجون لخادمة تتولى أمور المنزل ، ولكن بسبب غيرة رحاب المفرطة كانت ترفض أن تأتي بخادمة شابة فطلبت من مكتب الخادمات إما امرأة كبيرة في السن ولكن تقدر على العمل أو فتاة صغيرة، حينما رأتها رحاب تعجبت من وجهها شديد الجمال ويبدو عليها أنها ابنة لأسرة ثرية، فسألتها عن حال والديها فأخبرتها أن والديها توفوا، شعرت رحاب بالأسى تجهها وأرادت أن تعاملها كابنتها التي ستعوضها الحرمان من الابناء، اصبح منزل أيمن ورحاب مرتب ومنظم وفريدة رغم صغر سنها كانت نشيطة ويُعتمد عليها وتحسن التصرف بغيابهم حتى يعودوا، كانت تقضي ليلها في ألم حتى أنها لا تستطيع أن تشكو لأحد حالها، وحينما شعرت فريدة بحب رحاب لها رغبت في أخبرها أنها تريد أن تكمل دراستها ولن تكلفها سوى الاحتياجات الأساسية فقط للدراسة، وافقت رحاب وشجعتها وطلبت من مكتب الخادمات أن يطاب من أهلها أوراقها التعليمية، رفضت ماجدة إعطائهم شيء وقالت ليس لدي شيء يخصها، حاولت ولاء جارتها استعطافها وإخبارها أنه كما تدين تُدان وأنها ستدفع ثمن ذلك كله، ولكن كلما تخيلت ماجدة أن فريدة ستتفوق دراسيا ويعلو شأنها تتراجع عن مساعدتها وتستمر في إنكار وجود شيء يخصها.
قررت رحاب الذهاب لمدرسة فريدة القديمة ومعرفة المطلوب لتعود لتعليمها فوجدت معلمها شريف وتأثر كثيرا بمعرفته حالتها وسألها: كيف تفعل خالتك كل هذا؟ وكيف ترك والديك زمام الأمور لخالتك؟ أخبرته أن والديها توفوا في حادث منذ عامين، سألها وكيف نجوت من الحادث؟ أخبرته أنها لم تكن معهم، وكانت مع خالتها مثل كل عام في عيد زواجهم، ربط شريف الحادثة التي كان شاهد عليها وبين والديها وتأكد من ذلك لأن صاحب الحادثة اسمه عماد وهي اسمها فريدة عماد، وقرر شريف تبني فريدة والتقديم لها في المدرسة، ولكن رفضت والدته مجيئها المنزل فتركها شريف مع رحاب وكان يطمئن عليها من حين لأخر.
You must be logged in to post a comment.