أثناء مشاهدة قمر للتلفاز في دولة أجنبية كانت هناك حلقة مترجمة عن مصرية تدعى شمس تتحدث عن أهم أبحاثها العلمية والعقار الذى ستعلن عنه قريبا، فصرخت قمر قائلة شمس أختي التؤام مازالت على قيد الحياة.
كانت قمر شابة في الخامسة والعشرين من عمرها، شعرها مصبوغٌ باللون الاصفر وعيونها عسلية، بيضاء البشرة، رشيقة وجذابة، متوسطة القامة.
تحدثت قمر مع والدها سمير قائلة: لقد كذبت عليا يا ابى وأخبرتني أن أمي وأختي توفوا في حادثه، لقد رأيتها بالتلفاز، ولقد سمعت في الحلقة أنه يُقام احتفالا كبيرا كل سنه لتكريم بعض العلماء على ابحاثهم، وستكون هناك شمس وسأذهب لمقابلتها في مصر، ولكن عليك إخباري بما حدث ولماذا كذبت علي أولاً.
وجد الأب أنه لا مفر من إخفاء الحقيقة ورد قائلا: لقد تزوجت من داليا والدتك بعد حب دام سنوات، وبعد مرور عام من زواجنا أنجابنا تؤام فتاتين جميلتين أنتِ وأختك، وبعد مرور عشر سنوات من ذلك الزواج السعيد جاء خطاب من عمي الذى كان يعيش هنا بالخارج وقال لي سأكتب لك جميع ممتلكاتي في حالة أنك سافرت لتسكن معي، فقد أصابني الكبر وأحتاج إلى من يحمل عني عناء أعمالي، وإن لم تأتى سأكتب جميع ممتلكاتي إلى الجمعيات الخيرية، فلك الاختيار، فتحدثتُ مع داليا لنعيش مع عمي رشدي الثري وأخبرتها أنه سيكتب لي ورثه، فقالت لي داليا: لا لن أسافر، فأنت تعلم أنى وصلت لمرتبة عالية في عملي، وغدا أبحاثي ستجني إلينا الكثير من الأموال، حاولت إقناعها قائلا: ولكننا أولى بذلك المال، وهيا قرري فليس هناك وقت، فرفضت داليا بشدة التضحية بما وصلت إليه في المجال العلمي والأبحاث، ولم يكن هناك حل لطمعي سوى الطلاق، وانفصلنا فأخذت داليا شمس وأنا أخذتك يا قمر، ولكي لا تسأليني عنهما كذبت تلك الكذبة، ولم انسى يوما ابنتي شمس وكنت حزين لفارقها، ولكني خشيت أن نبقى على اتصال فتعودي إليهما وأبقى وحيدا.
-فقالت قمر: سأعود إلى مصر ولكن عليك أن تعود معي.
-فقال لها: أذهبي أنتِ أولاً وحاولي تهيئة الأمر وسألحق بكِ قريبا، فإن لدب بعض الأعمال الهامة.
جلست شمس في غرفتها تقرأ الرسالة التي وجدتها الخادمة أمام المنزل، ثم قطعتها ورمتها ، فدخلت أمها غرفتها وقالت لها: ما الأمر يا شمس أهو تهديدا آخر؟
-نعم يا أمي، ولكنه مختلف فالآن يهددون بقتلي إذا نشرت ذلك البحث.
-فقالت داليا بصوت قلق: أنتِ كل شيء لي يا شمس، وأخشى أن أفقدك أنتِ أيضا.
-لا تقلقي وفكري في النفع الذى سيحل بالناس البسطاء بعد صنع ذلك العقار، كما أنهم سيتخلصون من تلك السموم، وصلاح مدير المعمل الذى أعمل فيه أبحاثي يؤيدني بشدة، كما أنني أخبرته سرا أنى لن أنتظر المؤتمر الطبي ولكن سأعلن عن بحثى في الاحتفال.
-كوني حذرة، فتلك التهديدات بدأت بعد أن اقتربت من نهاية البحث، فكيف علموا بأمر بحثك، وفى الحقيقة أنى أشك بصلاح الذى تأمنين له.
-أنتِ تبالغين يا أمي، كما أنه أخبرني أن يُعلن هو بحثي ويعرض حياته للخطر، ولكني رفضت ذلك.
وفى اثناء ذلك الحديث دق باب الشقة، ففتحت الخادمة الباب ووجدت أمامها تؤام شمس، فصرخت متجهه نحو داليا وهي تقول شمس هنا وأمام باب الشقة، فلم تنطق داليا وجريت نحو الباب وهي تقول أنتِ قمر صحيح، أنتِ ابنتي صحيح، وعانقت ابنتها وهي تبكي، وظلت قمر تبكي أيضا وتقول اعذريني يا أمي كنت طفلة وأخبرني أبي أنكِ...
وظلت شمس واقفه بمكانها لا تتحرك، وتذكرت كل ذكريات الطفولة، فتقدمت نحوها قمر وقالت: أنتِ أختي شمس، أتذكرين جملتنا إن كنتُ أنا الليل، ردت شمس: فسأكون أنا النهار، وتعانقا ولم تتوقف دموع الفرحة، ثم قالت داليا: وأنا سأكون الهالة المضيئة؛ وظل الثلاثة يتحدثون عن تلك السنوات الفائتة.
وفي المساء قالت قمر إلى شمس: ما رأيك أن نرتدي نفس الفستان، ونستخدم نفس تسريحة الشعر، ونذهب الأحتفال معا، ونفاجأ جميع الحاضرين.
قالت داليا بحدة: لا، لا فأنا أرفض ذهاب شمس، حاولي اقناعها بعدم الذهاب.
-تعجبت قمر قائلة: أتقفين أمام نجاح شمس، أليس من أجل نجاحك في الماضي تفرقنا؟
-فقالت داليا: الامر ليس كما تظنين، إن شمس مهددة بالقتل.
-قالت قمر: ماذا! بعد سنوات الفراق تلك، عندما أقابلها أجدها مهددة بالقتل، إذا كان هذا الكلام حقيقي، ففكرتي أفضل فكرة، فإن كان هناك قاتل لن يستطيع التفريق بيننا.
-ردت شمس وقالت: إن هذا أمراً خطيراً، وإن لم يدرك القاتل أننا اثنان بالاحتفال، ربما يقتل أول من يراها، فلا أحد يعلم أن لي أخت تؤام.
-قالت قمر: أنا فداكِ يا شمس
-قالت شمس: إذن فأنا لن أذهب الاحتفال، ولن أعلن حقيقة العقار الذى اكتشفته، فأنا لا أريد أن أفقدك.
وجاءت الخادمة وقالت العشاء جاهز، فقالت داليا: احضري التوابل الحارة من أجل قمر، فقالت قمر: أما زلتي تذكرين يا أماه.
في اليوم التالي بقيت شمس مع أختها طوال النهار، وأعطت شمس أختها أوراقاً وأسطواناتً بظرف وقالت: إن حدث أي شيئا لي أوصلي أنتِ ذلك الظرف إلى زوج والدتنا شوقي.
-ماذا تقولين؟! هل أمي تزوجت؟
-ألم تخبرك؟
-لا لم تخبرني، كما أنى حدثتها بالأمس عن فكرة عودتها إلى أبى
-في الحقيقة هو طبيب صاحب مشفى للمخ والاعصاب، كانت أمي تدرس حالات بالماضي لتتطور من بحثها في ذلك المشفى، وبعد الطلاق بسنة تزوجوا، ولكن توقفت فجاءة عن ذلك البحث وأخفته عن الجميع ولا اعلم السبب ربما جاءها تهديدا ايضا.
-من الذى يقوم بتلك التهديدات؟
التوأم والرصاصة الحائرة الجزء الثاني من هنا
بقلم: أمنية نبيل
You must be logged in to post a comment.