- ردت نرمين بقلق وقالت: نعم لم أستطع.
- فقال لها: لن تنزعيه ما لم تجدي الجوهرة الأخرى، وربما هي مع شخصا أخر يتعذب الآن وعليكِ الوصول إليه قبل اكتمال القمر.
- وكيف لي أن أتوصل إليه؟
- بكل بساطة في أحلامك.
- ماذا تقصد؟
- إنكِ والشخص الأخر أحلامكما متصلة، وهذا نداء من الجوهرتان لتوقف تلك القوى قبل فوات الأوان؛ بمعنى أوضح ابحثي في أحلامك عن مكان وربما هنالك الجوهرة الأخرى، فإذا وجدنا الجوهرة الأخرى تحل تلك المشكلة وينتهي ذلك الكابوس.
- نعم تذكرت شيء، أحلم أحلاما غريبة في تلك الليلتين الماضيتين.
- وماذا ترين في أحلامك؟
- صمتت قليلا وترددت ثم قالت: لا أذكر الأحلام فقد نسيتها فور استيقاظي من النوم، ولكني أشعر بالقلق بعد الاستيقاظ، وقالت في نفسها ربما لن يصدقني إذا أخبرته إني رأيته في ذلك الحلم..
- عليكِ أن تتذكري بعد ذلك أمامنا خمسة أيام على اكتمال القمر حاولي التواصل معه في أحلامك.
- ماذا سيحدث لو لم أصل إليه قبل اكتمال القمر؟
لم يرد ذلك الشاب على هذا السؤال ولكن أخبرها أنه سينتظرها هنا كل يوم، وبعد أن انتهى الحديث رحل كلا منهم.
عادت نرمين إلى منزلها وهى خائفة وظلت تفكر في ما سمعت وقالت الحل أن أنام، علي أن أحلم وأخذت حبوب منومة ونامت.
وحلمت بأنها وجدت نفسها في مكان مليء بالأبواب، وكان لونها أحمر مرة أخرى، وكلما حاولت فتح باب يظهر شخص كبير السن يرتدي عقدا مليء بالجواهر الحمراء يغلق الباب أمامها، وظلت تحاول ولكنها لم تفلح وظل الحلم هكذا حتى استيقظت في الصباح.
عندما استيقظت لم تحتاج الذهاب إلى المرآه تلك المرة فقد تحولت جميع أظافرها إلى اللون الأحمر، وتحدثت مع زميلاتها لتتأكد قائلة ما هو لون طلاء أظافري؟ فأجاب الجميع لونه وردي.
فتحدثت معها سلوى قائله:
- ماذا بكِ يا نرمين؟ إذا كان هناك شيء عليك إخباري به فنحن زملاء عمل، ولكن قد نكون صديقات
- لا تقلقي يا سلوى، ولكن ربما أعانى من هلوسة بصرية وسأُعالج ببعض الأدوية، لا تقلقي.
- أرجو أن تكوني بخير ولكن أشعر أن هناك شيء تخفيه ولكن اعلمي إذا أردتِ أن تحكي شيئا سيكون سرا.
- فابتسمت لها نرمين قائلة: أشكرك على كلامك والآن علي الذهاب إلى مشوارٍ هامٍ، ولن أستطيع الذهاب للعمل حتى اكتمال القمر.
ورحلت نرمين مسرعة إلى المقهى بينما قالت سلوى في نفسها: حتى اكتمال القمر! يا له من تعبير عجيب في تحديد الوقت، يبدو أن نرمين تخفي شيئاً خطيراً بالتأكيد.
وصلت نرمين إلى المقهى منتظرة سامي، ولكن لم تجده فظلت منتظرة مدة ساعة إلى أن جاء، وعندما جلسا معاً أخبرته بذلك الحلم وأنها لا تفهم ماذا يعني؟
- قال سامي: إن القوى الخفية تمنعك من الوصول للجوهرة الأخرى لتكوني في النهاية أُضحية.
- ماذا يجب أن أفعل؟ أنا لا أستطيع التحمل وبدأت بالبكاء.
حاول سامي تهدئتها وشعر ببعض المشاعر تجاهها وقال:
- اطمئني أنا بجانبك وستنتهي تلك القوى قريباً.
- كيف أستطيع أن أتواصل مع الشخص الأخر؟
- في الحقيقة عليكِ أن تحاربي في حلمك وتفتحي تلك الأبواب وترى ماذا يوجد خلفها؟ أنه المكان المقصود وعليكِ أيضا بالاسترخاء وأن تجمعي قوتك الداخلية.
- سأحاول المرة القادمة.
وقال لها نفس الميعاد غدا، وقبل أن يرحل طلبت نرمين منه أن يتمشيا قليلاً، ثم قالت له أثناء ذلك أنها سعيدة لمقابلته ولولا وجوده لظنت أنها في حالة من الجنان ووجوده معها يقويها؛ حتى أوصلها إلى منزلها سيراً على الأقدام وقالت أنها لم تشعر حقا بالوقت من كثرت الأحاديث بينهم.
وقال لها ما عليها فقط سوى بالاسترخاء ومحاولة الوصول إلى مكان الجوهرة؛ وتركها وعلى وجهه ابتسامة حتى صعدت السلم ثم رحل، وبعد ذلك أخرج سامي هاتفه واتصل برقم وهو يقول: أريد مقابلتك الآن.
وفي ذلك الوقت ذهب الطبيب مراد إلى صديقه الطبيب النفسي أنيس، وكان أنيس رجلاً في الخمسين من عمره، بشرته خمرية، عيونه سوداء، امتلأ الشيب شعره، متوسط القامة، له شارب وذقن.
- قال مراد لأنيس: لقد جاءتني حالة تدعي أنها ترى لون شعرها وعيونها أحمر، وأظن أنني سمعت بحالة مشابهة منك منذ فترة.
- فقال الطبيب أنيس: نعم لقد جاءتني فتاة منذ ثلاثة أشهر تُدعى عصمت، تصرخ وتقول أنها ترى شعرها أحمر، ولكن وُجدت مقتولة بعد زيارتها لي بأسبوع، بسبب تناول جرعات منوم زائدة، والعجيب أنها لم تكن بغرفتها كما يحدث في العادة، ولكن كانت مستلقية عند باب منزلي، ورأيتها في الصباح ولكن بعد فوات الأوان؛ وعندما طلبت الشرطة مني توضيح الأمر، أخبرتهم أنها انتحرت بسبب مرض نفسي وإنها كانت إحدى المرضى، ربما أُصيبت بهلوسة أدت إلى انتحارها، ولكن الغريب لماذا اختارت منزلي لتسقط أمامه؟
وهذا ما جعلني أن أغير سكني وأنتقل إلى تلك المدينة هنا، فتلك الحادثة كانت في مدينة أخرى.
- فقال مراد: وهل كانت ترتدى خاتم به جوهرة حمراء؟
- قال أنيس: نعم، نعم ولفت انتباهي تلك الجوهرة، ولكن لم تكن ترتديه عندما انتحرت ولا أعلم أين هو؟
- فقال مراد: ربما علي الآن أن أبحث عن أمر تلك الجوهرة.
وظل الطبيب مراد يعمل على بحثه إلى أن وصل إلى النتيجة، ثم قال: علي أن أصل إلى تلك الفتاة سريعاً قبل فوات الأوان، ونادى على الممرضة وقال لها:
- أحضري لي رقم هاتف مريضة تُدعى نرمين من سجل بيانات المرضى.
- فعادت إليه وقالت: لم تكتب رقم هاتفها أثناء تسجيل البيانات.
- فغضب مراد وقال: كيف لا تركزين في عملك؟! ارحلي الآن من أمامي.
وتذكر أن نرمين جاءته عن طريق صديقه صفوت طبيب العيون، فاتصل به على الفور من أجل الوصول إلى نرمين.
بعد أن أوصل سامي نرمين إلى منزلها ذهب إلى مكان مهجور لمقابلة شخصاً ما، وما أن وصل فقال:
- أهلا بك يا سعاد.
- فقالت: ماذا هناك؟ لماذا طلبت مقابلتي قبل الانتهاء من ذلك؟ أليس ميعادنا عند اكتمال القمر؟
- أريد إخبارك بأن قوى الجوهرة تحمي نفسها وتمنع نرمين من الوصول إلى النصف الأخر.
- ماذا تقول؟! يجب الوصول إلى النصف الأخر لنصل إلى تلك المقبرة المخفية والتي ستُفتح بدماء نرمين.
- ربما لن تنجح نرمين في ذلك، لما لا تختاري غيرها، فإذا ذهبت أنا إليها وأخبرتها أن عليها إزالة الجوهرة من الخاتم أولاً، حينها سيُخلع الخاتم وآخذ منها الجوهرة والخاتم وأعيدهم إليك، وتختاري ضحية أخرى ربما هذا أفضل.
- لما تقول هذا في جميع الأحوال فهي قد عرفت جزء من سرنا، وإن لم تكن الضحية المنتظرة عليك أن تقتلها، فهي ستُقتل في جميع الأحوال، أنت تعلم أننا لا نعرف مواصفات الفتاة التي ستتفاعل مع الجوهرة وترى مكان الجوهرة الأخرى في أحلامها، وليس هناك وقت لذلك فقد اقترب موعد اكتمال القمر، وإما أن ترى مكان الجوهرة وتظهر المقبرة، وإما أن تكن الفتاة الخاطئة ونقتلها كمريضة نفسية وينتهى الأمر كي لا يُفشى سرنا.
- هذا بسيط، سأُخبرها ألا تذكر أي شيء كي ينتهى ذلك الكابوس إلى الأبد، فهي تثق بي.
- ماذا هناك؟ هل وقعت في حبها؟
- لا، لا ماذا تقولين؟! أنا لا أحب إلا المال، ولكني أظُن أنها ستفشل.
- لا مشكلة، سنختار أخرى مع كل اكتمال قمر، ولكن هل بدأت ترى الرجل المُسنّ؟ إنه العلامة على اقترابها من الوصول.
- حتى الآن لم تراه، ولذلك أظن أنها ستفشل.
- يبدو أن عليا قريبا البحث عن أُخرى، ولكن سننتقل إلى مدينة أُخرى، بعد التخلص من تلك الفتاة؛ وعليك ألا تنسى أنني دفعت كل ما أملك من أجل الحصول على تلك الجوهرة، ولن أيأس مثل مالك الجوهرة السابق وسأظل أبحث عن فتاة كل شهر حتى تنجح خطتنا، والآن لا تحاول مقابلتي مرة أُخرى إلا في الضرورة.
أما عن نرمين فبعد أن ذهبت إلى المنزل جلست بغرفتها، وأغلقت الباب وقالت: كيف يحدث لي كل هذا؟ لو أنى ذهبت إلى العمل في ذلك اليوم ولم أفتح الباب إلى تلك المُسنّه، لما وصلت إلى هذا ولكنى محظوظة في وجود شخصا مثل سامي في ذلك الوقت، لا أعرف بدونه كيف كان سينتهى بي الأمر؟ ربما كان سيظُن الجميع أني فقدت عقلي، ولكن شيئاً ما بعقلي يجعلني أشُك قليلاً في كلام سامي، ربما ذلك الحلم الأول الذي رأيت به سامي ومعه سيفاً ولون غِمْد سيفه أحمرٌ، ومن الجيد أنى لم أذكُر له ذلك الحلم؛ وتعجبتُ حقاً عندما رأيته أمامي بذلك المقهى، كما أن الحلم الثاني غريب عندما فتحت أحد الأبواب ووجدته أمامي بذلك الباب، وحاول رفع السيف ثم أغلق الباب سريعاً، حقا لا أفهم شيء.
ثم طرقت سلوى باب الغرفة لتقديم كأسا من العصير إلى نرمين، ففتحت نرمين الباب وتحدثا سوياً.
- فقالت سلوى: لما عليك إغلاق الباب بالمفتاح، اطمئني فنحن نعتبر أسرة، والأن اخبريني ماذا سيحدث عند اكتمال القمر؟
شعرت نرمين برعشه عند ذلك السؤال وأوقعت بعض العصير وهى تقول:
- كيف عرفتي؟
- لا لم أعرف شيء، وإنما جئت لأستفهم لأنكِ أخبرتني أنكِ ستعودين للعمل عند اكتمال القمر، وربما في ذلك الميعاد العجيب شيئا سيحدث.
- فابتسمت نرمين قائلة: لا، لا شيء إنه تغير في الكلمات ليس إلا.
- لن أضغط عليكِ إذن، وسأسمعك وقت ما تريدي التحدث، ولكن لا تغلقي باب غرفتك بالمفتاح، واطمئني فأنتِ مع أسرتك.
أثارت تلك الكلمات طمأنينة نرمين وقالت: بالتأكيد.
ثم عادت سلوى إلى غرفتها وهى تقول: يجب أن أعرف سر نرمين وسأظل أتودد إليها حتى اكتشف الأمر، فأنا أشتم رائحة الأموال وحدسي لا يُخطئ أبدا.
رواية الجوهرة والقوى السحرية ج٣
You must be logged in to post a comment.