رواية المخيم وجريمة الماضي ج٢

وكان هناك منزل في تلك الجزيرة أقام الجميع به، وكان مكون من طابقين الطابق الأول به مطبخ وبه فرن كبير وحمام وغرفة طعام وغرفة جلوس وغرفتين للنوم، والطابق الثاني به أربع غرف، قاموا بتقسيم المهام ساندي وحنان تحضير الطعام، آسر وأمجد تحضير الحطب من أجل الخبز، وهاشم وعمرو توضيب المكان. 

 

وقبل المساء اجتمع الجميع في غرفة الطعام لتناول الغداء، وكان لحما مشوي وأزر وسلطة خضراء وعصير البرتقال، وبعد الانتهاء طلب عمرو من الجميع الذهاب إلى غرفة الجلوس ليتحدث معهم في أمر مهم.

- قال لهم: أنا عمرو شوكت الأخ الأكبر لفريال ثروت التي قُتِلَت في تلك الحادثة، لسنا أشقاء لذلك لم تتعرفوا عليا منذ البداية. 

هنا صمت الجميع والدهشة تملأ وجه حنان، وظل هاشم وأمجد يتبادلون النظرات وعلى وجههم وعلى عيونهم نظرة حديث بينهم، ثم قاطع هاشم هذا الصمت قائلا:

- لكنها لم تُقتل، لقد كانت حادثة، ألم تعلم أنها لم تجعل أمجد يربط تلك العقدة، وهي من ربطتها؟ فقد كانت تتدخل بكل شيء لأنها الممولة.

- رد عمرو: سأُخبركم بما لدي أولاً، لأنه لن يرحل أحداً من هنا قبل الوصول للفاعل؛ الآن معي التحقيقات بخصوص الحادث وسأقصها عليكم، ومعي تحرياتي الخاصة عن كل شخص منكم قبل مقابلتكم.

أثناء العرض الأول للمسرحية وقت فقرة غناء أختي، والاضاءة مظلمة، والضوء الخافت متوجها نحو أختي، سقطت النجفة المعلقة بالسقف عليها، كان الجميع يستعدون لظهورهم وأدوارهم، ولم يكن بجوارها منكم سوى حنان، والحبل المربوط بتلك النجفة تم فكه.

آسر أنت مؤلف المسرحية وكان هناك دور كبير لمغنية وكنت تقصد به ساندي ودور صغير لمغنية أخرى وكنت تقصد فريال، وأخذت أختي فريال الدور الكبير بالرغم من شهادة الجميع أن ساندي صوتها أحلى وأقوى، وكنت تمثل في المسرحية؛ وكنت وقت الحادثة واقف منتظر دخولك للمسرح بعد انتهاء الغناء، لأداء دورك وكان الظلام حالك، وعلى حسب أقوال البقية أنك كنت تُكِنّ الضغينة لفريال، لأنك كنت معجب بها ولكنها قامت برفضك وقامت بإهانتك أمام الجميع، لأنك كنت لست من مستواها الاجتماعي. 

هاشم أنت مخرج تلك المسرحية وأنت من قام بتبديل الأدوار، فلماذا؟ سأجيب عنك، ربما لأن أختي هي من طلبت ذلك لأنها الممولة للعمل؛ وقت الحادثة كنت قد قمت من مكانك للرد على الهاتف ومضمون المكالمة حسب أقوالك أنه شخص مجهول يعرض عليك عمل إخراج فيلم، ولكن أثناء التحقيق لم يتم التعرف على المتصل، وعلى حسب أقوال البقية فقد كنت تنوي الارتباط بفريال ولكنها كانت تقوم بتأجيل الخِطبة لأسباب مختلفة، وما يحيرني كيف أثناء العرض تتحدث في الهاتف؟!

حنان أنتِ مَن صممتِ الأزياء للجميع وكان لكِ دور في المسرحية، كنتِ صديقة البطلة وهى فريال، وقد كنتِ بجوارها وقت الحادثة عند الإضاءة، ولكن قبل الحادثة لم يتم ثبوت ذلك لأن المكان حولك مظلم، وعلى حسب أقوال البقية كانت تتدخل في تصميمك وتجعله حسب رؤيتها، ووعدتك بمساعدتك بعد إنهاء عروض المسرحية ولكنها تراجعت عن قرارها وألغت عرضها لكِ.

أمجد أنت المسئول عن الديكور وأنت المسئول عن الترتيبات، ولكن قولت أن فريال هي من قامت بربط الحبل فكانت تتدخل في كل شيء؛ وقت الحادث كنت تُحرك الأثاث في الظلام خلفهم، لحين الانتهاء من الغناء وعودة الاضاءة يكن الديكور مختلف، وهذا يجعلك قد تقترب من مكان الحبل المربوط، وعلى حسب أقوال البقية أن أختي فريال طلبت من هاشم تغييرك، وكان هذا العمل فرصة كبيرة لك، ومن حسن حظك أن هاشم أقنعها أنك شخص مجتهد وتساعده في تصوره للمشاهد.

ساندي كنتِ في غرفة الملابس تستعدي للخروج عند انتهاء غناء فريال وقت الحادث، وكانت غرفتك قريبة من ذاك الجانب المربوط به الحبل، وعلى حسب أقوال البقية كنتِ حاقدة عليها لأنها أخذت دورك.

الآن أريد منكم الرد على هذا الكلام، فأنا متأكد أن أحداً قام بفك الحبل أثناء غناءها، ولأني كنت أعمل في إحدى المدن، تقبلت الأمر على أنه حادث، ولكن عندما انتقلت للعمل هنا قررت النظر مرة أخرى في القضية، وقمت بتحديدكم ولم يكن اصطدامي بحنان صدفة، بل خططت لكل شيء من أجل الوصول لتلك اللحظة.

صمت الجميع وظل ينظر بعضهم إلى بعض... 

- قال عمرو: فليتحدث الجميع!

- قال هاشم: إن بحثت ستجد ألف سبب وسبب لقتل فريال، فأنت لا تعرف كم كانت أختك متعجرفة وأنا لا أنكر أنى أردت خطبتها من أجل المال، وحقاً نادماً على قراري، كم كنت محظوظاً لعدم إتمام تلك الخِطبة.

ورددت على ذلك الرقم لأنه قبل يوم العرض بيوم اتصل بي ذلك الرقم، وأخبرني أنى سأقوم بعمل إخراجي هام، وسألوني هل متفرغ أم لا، وأني عليا انتظار مكالمة أخرى من أجل المقابلة، وكنت متشوق لمعرفة التفاصيل وتلك الفرصة، لذلك عندما وجدت الرقم يتصل تركت مكاني وذهبت لمكان أخر لأستطيع الحديث ولكني لم أسمع شيئا.

- وقالت ساندي: أنت لا تعلم أن تلك المسرحية بداية لي، وكنت واثقة من أن أحد سيشعر بموهبتي حتى لو كان دوري صغير، والمسرحية توقفت بعد الحادثة فلن أستفد بشيء بقتلها.

- وقال آسر: الجميع كان يعلم بعجرفتها، وقد نسيت فعلتها، وقررت أن أهتم بعملي لأجني المال فقط، وقد اشتهرنا بعد تلك الحادثة وبدأنا في تحقيق أحلامنا.

- وقال أمجد: لقد نشأنا أنا وهاشم منذ الصغر أصدقاء، وكنت أعلم مهما حاولت لن تستطيع التوقيع بيننا.

- وقاطعه هاشم قائلا: ولم تحاول الخلاف بيننا وحسب، بل وقد كانت السبب في الخلاف الذى حدث بين أمجد وحنان وجعلهم يعودوا أصدقاء فقط.

- صرخ أمجد وقال: توقف يا هاشم!

- وقالت حنان - والدموع تملأ عيونها وهى تنظر إليه -: وأما عن أقوالي يا سيد عمرو، فأنا، فأنا.. ثم وقعت حنان فاقدة للوعي..

حملها عمرو إلى غرفتها بالطابق الأول بجوار غرفته، وطلب من الجميع الصعود إلى غرفهم بالطابق الثاني واستكمال الحديث في الصباح، وأن عليهم التفكير مرة أخرى.

وفي منتصف الليل خرجت ساندي من غرفتها متجهة نحو المطبخ لتحضير فنجان من القهوة، وجاء إليها أمجد وطلب منها تحضير فنجان أخر له، وظل الأثنان يتحدثان عن ما حدث، بدأت ساندي بالحديث...

- لم أستطع النوم، هل حقاً ما يقوله عمرو صحيح؟ هل هي جريمة وأن أحد منّا هو الفاعل؟

رواية المخيم وجريمة الماضي ج٣

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author