-معنى كلامي واضح، وعليك الآن أن تعتذر لوالدك، وتظهر تقبلك للأمر، وسأخبرك ماذا تفعل.
واكملت كلامها وكان عاصم عند باب غرفتهم يتنصت، ثم قال عاصم في نفسه: ماذا افعل لأوقف هذا؟
أما عن حنان، عندما خرجت غاضبة من الغرفة قامت بالاتصال بالطبيب أمير،
-أمير، هل حقا لطفي أنجب بنتا؟
-هل أخبركم أخيرا بالأمر؟ لقد نصحته كثيرا أن عليه إخباركم.
-لماذا لم تخبرنا أنت، كما أنها بالتأكيد ليست ابنته، وهي ليست أكثر من محتالة؛ إن لطفي يريد أن يكتب لها ثلث الميراث عليك أن تمنعه.
-أنا سآتي في الحال.
وفى تلك الأثناء بقيا شاهين وسالي بالغرفة مع والدهم،
-قالت سالي: أنا لم آتى من أجل المال، لقد أحببت أن أراك، وأرى أخي والعائلة، وفرحت برسالتك برغبتك برؤيتي، كما أنى لم أنفق من المال الذى بقيت ترسله إلي كل عام منذ أن بدأت عملي بالخارج.
-وقال شاهين: أبي، أنا يكفيني قول كلمة أبي، ومعتز محق لقد فعلت لي بحياتي أكثر مما أتمنى، وأنا سأتنازل عن ورثي، لأنه ليس من حقي.
وظل لطفي صامت حتى انهيا حديثهم ثم قال: أنت ابنٌ لي حقا يا شاهين، وأنا لست خرفٌ، ومتأكد من أنك ابنتي، وإنه مالي وسأقسمه كما اريد، ولكن لا تقلقوا سأتحدث مع معتز مره أخرى، فهو ابنى وسيستسلم إلى كلامي بالنهاية؛ والآن دعونا من هذا، عليكِ أن ترتاحي الآن بغرفتك يا سالي، ساعدني يا شاهين على النهوض لأوصلها إلى غرفتها التي بجوار غرفتي.
بعد مرور ساعة وصل الطبيب أمير إلى المنزل، وكان أمير رجلا في الخمسين من عمره، وكان رياضيا شعره مصبوغ بالأسود، وله شارب وذقن قصيره، عيونه خضراء وبشرته بيضاء، ويبدو أصغر من عمره؛ وعندما وصل وجد حنان بانتظاره وهي غاضبة، فقال لها: لا تقلقي سأذهب وأتحدث معه الآن.
جلس أمير مع لطفي بغرفته وقال: عليك أن تتروى في أفعالك، وعائلتك محقه الآن، يجب التأكد من أن تلك الفتاة ابنتك قبل كل شيء، ونتيجة التحليل تستغرق أسبوعين، وبعد ذلك تحدث عن الميراث.
-يبدو أنك محق يا أمير، ولكن سيكون الأمر سرا، وسأقيم بالمشفى الذي تملكه طوال الأسبوعين، ونخبرهم أنها من أجل الفحوصات، ولكن علي أولا الاطمئنان على حياة شاهين وسالي.
-ماذا تقصد يا لطفى؟ هل هم مهددون؟
-سأخبرك لاحقا، فأنت بئر أسراري.
توجه لطفي إلى غرفة معتز، وطلب من عفاف أن تتركهم بمفردهم،
-قال لطفي: ابنى العزيز، ألا زلت غاضبا، سأخبرك أمرا، قررت تأجيل أمر الوصية وسأخبرك أنت فقط سرا، سأقوم بعمل تحليل إلى سالي لأتأكد من إنها ابنتي، وإن لم تكن ابنتي ستأخذ نصيبها، وهكذا سيصبح لك الثلثين وشاهين الثلث، وإن كانت ابنتي سأعيد النظر في التقسيم؛ ولكن عليك حماية اخواتك من أي مكروه في غيابي، وإن حدث أي شيء لهم ستُحرَم من الميراث.
-خبرا سعيدا يا أبي، كما أنى قد كنت أنوي أن أعتذر لك في المساء وأنت سبقتني.
وفي صباح اليوم التالي ذهب لطفي إلى المشفى، وبعد مرور أسبوعين جاءت نتيجة التحليل وكان أمير لا يعرف كيف يبلغه الأمر، ففهم لطفي من تردده النتيجة، وقال: عليك ألا تخبر أحدا، ووقعت العصا التي يستند بها من يده.
عاد لطفي إلى منزله وكان الجميع بانتظار عودته، ولكنه لم يبالي وتوجه إلى غرفته مباشرا، وبعد لحظات صعد معتز إلى غرفة ابيه،
-أبي أهلا بعودتك، ماذا كانت نتيجة التحاليل؟
-لا تقلق يا بنى، وفى المساء سأعلن عن قراري، واطمئن قراري لن يزعجك، والآن أتركني أرتاح قليلا.
ثم تركه معتز ليرتاح..
نزل معتز إلى الحديقة حيث وجد عفاف،
-عفاف، يبدو أن أبي اكتشف أن سالي ليست ابنته.
-هل أخبرك بذلك يا معتز؟
-لا ولكنه حزيناً جداً.
-لا تفرح كثيراً، فحتى لو لم تكن ابنته، سيكتب لها جزءاً من الميراث كما سيفعل مع شاهين.
-أنتِ محقة.
-ثم أخفضت صوتها وقالت: علينا أن ننتظر قراره، ثم نقرر ننفذ خطتنا بمقتلهم واحد تلو الأخر أم نتقبل الأمر هذا على حسب تقسيمه.
-أتمنى يا عفاف ألا تصل الأمور إلى القتل، كما أنى لن أقدر أن أتخلص من أخي شاهين.
في المساء جاء الطبيب أمير ومعه تورتة كبيرة، اجتمع الجميع، لطفي وحنان وشاهين ومعتز وعفاف وسالي، وظل يتساءل الجميع عن سبب تلك التورتة، وقاطع أفكارهم كلام لطفي بخصوص إعلان قراره النهائي بخصوص الميراث، نصف الثروة إلى معتز وربع الثروة إلى شاهين والربع الأخر إلى سالي، ولم يعترض أحد على ذلك القرار، كما أن الطبيب أمير فاجأ الجميع بأن نتيجة تحاليل عفاف تشير إلى أنها حامل، وقال إلى لطفي: ستصبح جداً قريباً، واحتفل الجميع بتلك الأخبار السعيدة، وعندما قرر أمير الرحيل وجد سيارته مُعطلة، فقرر لطفي استضافة أمير تلك الليلة.
في صباح اليوم التالي استيقظت عفاف ولم تجد معتز بجوارها، وكان باب الحمام بالغرفة مغلق والماء متسرب منه، فنادت عفاف على معتز، معتز هل أنت هنا؟ فنهضت وقامت بفتح الباب ثم صرخت، اتجه الجميع نحو الصرخة ووجدوا معتز قاطع شرايين يده ووضعها داخل البانيو المليء بالماء، دخل شاهين وأمير ليحملا معتز وكان قد فارق الحياة، وحدد أمير وقت الوفاة في حوالى الساعة الثانية عشر والواحدة بعد منتصف الليل، ظلت تصرخ حنان ثم أمسكت بيدها رقبة سالي وقالت: أنتِ القاتلة؛ وحاولا شاهين ولطفي أن يفرقا بينهم، وأعطى أمير إلى حنان حقنة مهدئة.
جاء المحقق سعيد إلى المنزل، وكان رجلا بدينا قليلا، بشرته خمرية، عيونه خضراء، طويل القامة؛ وحقق مع الجميع، لاحظ المحقق عدم وجود الأداة الحادة بجوار معتز، فلو أنه انتحر لكانت الأداة بجواره، إذن فهي جريمة قتل، ويبدو أن القاتل أحد ساكني هذا المنزل، سأل الجميع أين كان كلا منهم وقت ارتكاب الجريمة؟
-قالت حنان: لقد رأيت سالي أمام غرفة معتز.
-قالت سالي: أن حنان كاذبة، فأنا في ذلك الوقت كنت أتحدث مع شاهين في الحديقة.
في المساء جاء أمير إلى المنزل للاطمئنان على صحة لطفي، وكانت الحالة متدهورة، وطلب لطفي أن يبقى أمير تلك الليلة لأنه يخشى أن يزداد مرضه سوءا، لأنه في الصباح سيقوم بتنسيق الوصية مع المحامي مروان.
في الصباح وصل المحامي مروان إلى المنزل، وكان مروان رجلا في الخمسين من عمره، شعره مصبوغٌ بُني وعيونه زرقاء وبشرته مائلة للسمار، قصير القامة وبدينا؛ وكان صديقاً قديماً إلى لطفي وأمير ، فطلب لطفي من عاصم أن يحضر المحامي إلى غرفته، لأن المرض اشتد عليه ثم سأله قائلا:
- أين حنان وشاهين وسالي وعفاف.
-هم بالأسفل يتناولون الفطار، أما شاهين مازال نائما بغرفته.
-أخبرهم جميعا بالذهاب إلى هنا.
وأثناء خروج عاصم من الغرفة دخل الطبيب أمير إليه ليطمئن على صحته، نزل عاصم إلى المحامي وأخبره بالذهاب إلى غرفة السيد لطفي، وتوجه إلى غرفة الطعام وأخبر الجميع بالذهاب إلى غرفة السيد لطفي، ثم ذهب عاصم إلى غرفة شاهين وظل يطرق الباب ولم يفتحه شاهين، ثم قام بفتحه ودخل الغرفة ووجد ماءاً يتسرب من باب حمام الغرفة، وعندما فتح الباب رأى نفس مشهد معتز، توجه ناحيته بفزع قائلا: شاهين ابني، ابني ولم يكن هناك أحدا يسمعه حينها، وقال: سأقتل تلك المجرمة، ثم عاد إلى غرفة لطفي وأخبر الجميع بما حدث، وقعت حنان على الأرض فاقدة للوعي، فطلب لطفي من عفاف أن تبقى مع حنان واستند على الطبيب أمير وانتقلوا جميعا إلى الغرفة.
You must be logged in to post a comment.