رواية خطيبة بالإيجار (الفصل الثاني)

عند تمام الساعة الثامنة كان العشاء جاهز، واجتمع الجميع حول طاولة الطعام، وكان العشاء اطباقا من شرائح اللحم والارز والمكرونة وحساء البامية وطبق من السلطة وفى المنتصف ديك رومي مشوي، تحيرت نجلاء كيف ستتناول اللحم بالسكين والشوكة فاذا بدأت الاكل قد يكتشف امرها، وقالت جميلة:

- نجلاء، لمَ لا تأكلين؟ هل الطعام لا يعجبك؟

- لا، ولكني اتبع حمية غذائية وهذا الطعام ممنوع.

فهم رامز السبب وقرر حل هذه المشكلة، فقد بدأ بتقطيع اللحم وقال:

- عزيزتي نجلاء تناولي هذا من يدى وودعي الحمية اليوم.

- اذا كنت انت من يطعمني فوداعا للحمية.

 وتناولت اللحم، اما امير بقي يأكل اللحم بالخبز، فحاول رامز علاج هذا الامر ايضا، فتناول اللحم بالخبز وقال:

- طعمه لذيذ حقا

ثم قال رامز إلى نجلاء:

- ما رأيك يا نجلاء ان نشرب عصير برتقال بالحديقة؟

- جيد هيا بنا، وهيا يا امير معانا.

- قال أمير: لا اذهب أنتِ يا نجلاء مع رامز، اما انا لم انهى تناول الطعام.

- هيا بنا يا رامز ولا تقلق.

وقالت نجلاء بصوت خافت قرب رامز:

- باشوات جاردن سيتي، اطمئن.

- حسنا.

 

في الحديقة الواسعة قال رامز:

- أتعلمين يا نجلاء لماذا تركنا الطعام؟

- لأنك بدأت تحبني مثل الافلام واردت ان نجلس بمفردنا.

- حمقاء، لكي لا نقع بمشاكل اكثر، فكلما قل وجودك مع عائلتي سأزداد راحه، كما أنى أحب فتاة بالفعل.

- أحقا تحب فتاة؟ ولمَ لا تقوم بخطبتها، فانت شخص ثرى.

- لأنها... لأنها ماتت.

- أسفه لجعلك تتذكر هذا، ولكن أتعلم ستحبني بالنهاية  لقد رأيت هذا بمليون فيلم.

- يبدو انكِ تشاهدين التلفاز كثيرا.

- كنت اشاهده كثيرا حتى قمنا ببيعه عندما مرض أخي ولم املك حق الدواء، فاضطررت لبيعه.

- اذا أكملتِ المهمة بنجاح سأشترى لكِ تلفاز.

- انا لا اتفرج على اقل من شاشة 55بوصة.

- كم، كم، كم!!

- نعم انا متربية على الغالي.

- موافق ولكن بشرط ان تستغنى عن المبلغ.

- انا اريد تلفاز 20بوصة بس.

- هكذا تمام.

- اشعر ان الجو اصبح بارد سأعود للداخل.

- ولكن اصعدي إلى غرفتك مباشرةً ولا تتحدثي مع احد.

- اتفقنا.

 

دخل رامز ونجلاء داخل القصر وكان خليل وسماح وجميل وحنان يشربون كوبا من الشاي الساخن، قالت نجلاء:

- مرحبا يا عمى خليل، مرحبا يا سيدتي سماح مرحبا للجميع اين أخي امير؟

ردت حنان:

- انه بطاولة الطعام مازال يأكل!

- مازال أخي يأكل، آها لأنه اليوم المفتوح لتناول الطعام، فأنا اجعله يمشى على حمية غذائية، سأذهب إلى غرفة الطعام لأنه حان موعد نومه، عن اذنكم جميعا.

قال جميل إلى رامز:

- اجلس معانا يا رامز، هناك شيء أود سؤالك عليه.

- ما الامر يا عمي؟

- ان مخطوبتك حسناء حقا، فأين تسكن بالإسكندرية؟

- تسكن في سيدي بشر.

- وما اسم عائلتها؟

- من عائلة حسانين، عائلة عريقة مثلنا.

- نعم أرى ذلك.

- ولمَ كل هذه الاسئلة؟

- انها فرد سينضم إلينا قريبنا، لذلك أسألك عنها فقط.

- حسنا، بالمناسبة اين جميلة؟

- انها بغرفتها تحاول تلحين اغنية.

- حسنا انا سأذهب إلى النوم ايضا، فاليوم كان مرهق.

 

 

في صباح اليوم التالي

اجتمع الجميع حول طاولة الطعام في الساعة التاسعة صباحا من أجل الفطور، وكان جبنة وبيض مسلوق ومربى وقشطة وخبز وكوبا من الحليب المحلى بالعسل، وكانت الستائر مغلقه، فقامت نجلاء من مقعدها وازالت الستائر لتدخل اشعة الشمس للغرفة وقالت: هكذا أفضل.

فقالت السيدة سماح:

- تبدو السماء صافية اليوم، ربما بعد الفطور ارسم بالحديقة.

وقالت جميلة وهى تنظر إلى رامز:

- رامز لقد قمت بتلحين مقطوعه سأعزفها لكم بعد العشاء بمناسبة ارتباطك بنجلاء.

- هذا لطفا منك يا جميلة.

وقالت نجلاء:

- شكرا لكِ.

وبدأ جميل بالأسئلة مرة أخرى:

- نجلاء لقد أخبرني رامز أنك من عائلة حسانين، ولكن ما مجال عمل عائلتكم فأنا لم أسمع بها من قبل.

- نحن نعمل في مجال الاستيك.

- استيك؟!

- نعم انه يدخل في جميع الصناعات حتى الجوارب تحتاج إلى استيك.

- هكذا اذن.

قال رامز وهو ينظر إلى نجلاء:

- ان التمشي بعد الفطور بالحديقة جيد جدا، هيا بنا يا نجلاء وانت ستأتي معانا هذه المرة يا امير لتشاهد النافورة 

عن اذن الجميع.

 

في الحديقة بدأ رامز يتحدث مع نجلاء:

- استيك! هل هذا ما جاء في عقلك الصغير؟!

- نعم لم افكر حينها وكنت افكر في رفع جوربي الذى سقط، فلذلك فكرت لو ان الاستيك كان جيد لما كان جواربي سقطوا. 

- لا تفكري مره اخرى ودعيني انا اجيب بدلا منك.

- حسنا.

- كل مره تتحدثي اقع في ورطة وفى النهاية تقولي حسنا.

قال امير:

- لماذا تتحدث مع أختي هكذا؟ أهذا ذنبها على وقوفها بجانبك؟ نحن فقراء ولكن على الاقل نملك كريمة.

- كريمة!!

فقالت نجلاء إلى امير:

- كرامه يا امير مش كريمة.

- نعم، نعم نحن نملك كرامه وعليك ان تتحدث جيدا مع أختي والا سأخبر عائلتك بالحقيقة.

- نجلاء.. امير... اعتذر لكما، لكن ليس من اجل خوفي من اخبار عائلتي ولكن لأنك محق يا امير شكرا لكم، والان هيبا بنا سنقوم بنزهه، اين تريدون ان تخرجوا؟

- نجلاء: حديقة الحيوان.

- امير: نذهب إلى السينما.

- رامز: حسنا سنذهب إلى حديقة الحيوان ثم السينما.

- امير: ولكن احذر ان يراك احد بحديقة الحيوان كي توصلنا للسينما.

- رامز: ماذا تقصد؟

- امير: غلووووب.

- رامز: هيا اصعدا بالسيارة.

 

في السيارة

- رامز إلى نجلاء: لماذا اختارتِ حديقة الحيوان؟

- نجلاء: لأني ذهبت إليها مع أهلي واخبروني بأسماء الحيوانات، ولكن أخي لم يحظى بتلك الفرصة وانتظرت اليوم الذى يرى فيه الحيوانات واخبره بأسمائهم.

- رامز: كيف حدثت وفاة اهلك.

- نجلاء: منذ اربع سنوات سقط منزلنا، وانا كنت احضر أخي من المدرسة وعندما عدنا عرفنا اننا سنكون بمفردنا، خرجت من المدرسة الثانوية وعملت بائعه بمحل وبقيت اتنقل بين المحلات على مدار تلك السنوات الأربعة. 

- رامز: اعتذر لجعلك تتذكرين هذا.

- نجلاء: لا بأس، فأنا لم انسى كي تجعلني اتذكر.

- امير: هل يوجد حيوان اسمه المدب؟

- رامز: تقصد الدب.

- امير: اقصدك انت كلام مدب.

فضحكت نجلاء وامير كما ضحك رامز ايضا.

حققت نجلاء امنيتها وظلت تتنقل بين الحيوانات وهى تخبر اخيها، هذا اسد، هذه زرافه، هذا فيل، وبعد ذلك اخذهم رامز لتناول الغداء بأحد المطاعم قبل الذهاب إلى السينما، واثناء تناول الطعام شعر امير بألم في المعدة لأنه اكل الكثير من الطعام، وقرروا العودة إلى القصر والذهاب إلى السينما غدا.

 

وفى تلك الاثناء بالقصر العريق كان جميل وزوجته حنان بغرفتهم:

- حنان: زوجي العزيز أرأيت ما حدث؟! انه استطاع ان يخطب حقا.

- جميل: نعم أرى، ولا اصدق كيف ينسى ابنتي بتلك السهولة؟!

- حنان: تلك الفتاة يبدو انها استطاعت ان تضحك عليه وتوقعه في حبها.

- جميل: يبدو ذلك، كما انها تبدو.. لا اعرف كيف اقولها.. تبدو فتاة جاهله حمقاء، انا اشك بأمرها.

- حنان: وانا ايضا، أرأيت ذاك الذى يدعى اخيها؟

- جميل: نعم يبدو انه لا يعرف شيء عن الادب، سأبحث عن معلومات عنهم واكشف امرهم، لذلك كنت اسأل رامز عنهم.

- حنان: لا يهم فكل ما نريده التخلص منها، أليست هي السبب الذى جعل رامز ينسى ابنتي التي ضحت بحياتها من اجله.

- جميل: لمَ تفكريني بالماضي القاسي؟

- حنان: انها الحقيقة التي يجب ان تبقى امام عيونك دائما.

- جميل: وعلى ماذا تنوين؟

- حنان: التخلص منها وزواج جميلة من رامز يتم.

- جميل: لا يلزمني رامز بعد ان نسي ابنتي.

- حنان: ان الذى بيننا وبين رامز دماء ومالا ايضا.

- جميل: لا يهم المال بعد الدماء.

- حنان: لكلا منا حساباته.

- جميل: عليكِ ألا تتهوري بتصرفاتك.

- حنان: لا تقلق.

- جميل: هذا جيد، حسنا اذن.

 

في تلك الأثناء خليل وزوجته سماح بغرفتهم:

- خليل: سماح انا لا ارتاح لتلك الفتاة.

- سماح: لمَ تقول هذا؟ انها لطيفة واخيها مهذب.

- خليل: ان ابنك ساذج وتبدو انها ماكره وتمكنت من خداعيه.

- سماح: ان ما يهمني ان يعيش ابنى سعيد، وانا ارى ان تلك الفتاة ستساعده على الخروج من حالة الحزن التي بداخله، فهو يقتله الذنب كل يوم لإحساسه بانه السبب في موت نهال.

- خليل: ولكن جميلة كانت تستطيع فعل ذلك ايضا، كما انى اخشى ان يسحب جميل امواله من الشركة اذا تم ذلك الزواج.

- سماح: اخرج ابنك من حساباتك ألا يكفى انه تركنا مدة سنه؟ الحقيقة انى اود ان يتزوج نجلاء ويبقى بجواري مره اخرى.

- خليل: كم أنتِ عاطفية..

- سماح: وانت ايضا ولكنك تخفى عاطفتك خلف قناع الجدية.

- خليل: استسلم إلى رأيك كما يحدث في كل مره، حسنا لن اعترض طريق ذلك الزواج.

- سماح: نعم فابننا هو المهم بالنهاية، وسأنزل إلى الحديقة الان لأقوم برسم لوحة اهديها إليهم بمناسبة الخطبة، فليست جميلة افضل مني لتهديهم لحن هدية وانا لا.

 

وكانت جميلة تجلس بجوار حمام السباحة وقالت: كيف استطاع رامز ان يخطب بعد حبه الكبير لأختي؟ وكيف ينسى انه السبب في مقتلها؟ علي ان انتقم لأختي، من الجيد انى قمت بتلحين لحن حزين وعلى من يسمعه ان يعود بالذكريات، لحن يخرج الاحاسيس الدفينة، وهذه ستكون هدية الخطبة لهما.

 

عاد رامز ونجلاء وامير إلى القصر، توجه نجلاء وامير إلى غرفتهم واعطت نجلاء أخيها امير دواء لألم المعدة ثم نام امير، وبقيت نجلاء بالغرفة بجوار امير.

 

اما رامز ذهب إلى الحديقة ووجد والدته سماح:

- رامز: أمي جيد انك عدتي للرسم.

- سماح: هذا لفرحتي لعودتك للمنزل.

- رامز: انها زيارة مؤقتة يا امي.

- سماح: لا، اشعر انك ستعود إلينا قريبا.

- رامز: دعكِ من هذا الان ماذا سترسمين؟

- سماح: انها مفاجأة، اذهب للداخل وانتظر ان تراها في المساء.

- رامز: حسنا، سأقوم الان ببعض المكالمات من اجل ان اطمئن على شركتي بالإسكندرية.

- سماح: قريبا ستعود لشركتك هنا بالقاهرة.

- رامز: لا اظن.

- سماح: اتركها للأيام عزيزي.

- رامز: حسنا سأتركها.

 

في غرفة نجلاء طرق رامز الباب:

- رامز: كيف حال امير الان؟

- نجلاء: اخذ الدواء وذهب في النوم.

- رامز: وماذا ستفعلين الان؟

- نجلاء: سأبقى بجواره يجب ان يجدني عندما يستيقظ.

- رامز: انا حزين لأنه لم يذهب للسينما اليوم.

- نجلاء: لا بأس فالوقت يمر سريعا. 

- رامز: لمَ تبدين حزينة هكذا؟ انه ألم بسيط بسبب لخبطة الطعام.

- نجلاء: انه أخي وابني وكل عائلتي. 

- رامز: اتفهم هذا ولكن لا تقلقي عندما يستيقظ سيكون بخير، عندما يستيقظ طمأنني عليه.

- نجلاء: شكرا لك على اهتمامك.

رواية خطيبة بالإيجار الفصل الثالث

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author