رواية ضحية الأصدقاء (الجزء الرابع)

استيقظت وذهبت لتحضن ميرنا ولكن ميرنا نفرت منها وصرخت وقالت: 

- الشوك، انتِ تشوكي جسدي كله، ابتعدي عني.

- شوك ماذا؟ ميرنا ألم تأتي غرفتي وترسمين على يدي.

- لا أنا أخاف الظلام، كيف سآتي غرفتك وحدي؟

- نعم، لديك حق، إذن ما هذا؛ ونظرت ليديها لم تجد شيء وقالت: يبدو أني كنت أحلم.

قالت عالية إلى عمرو: 

- عمرو لا أعلم ماذا يحدث ولكن هل سنستمر هكذا؟ ميرنا تتأثر بك كثيرا؛ ونزلت الدموع من عينيها.

- حسنا، فلننسى ما حدث، ولكن أشعر بتوترنا من يوم عملك، هل يجب أن تكملين فيه؟

- حسنا سأترك العمل ولكن دعني أجرب فقط هذا الشهر.

- جيد ولكن كيرنا لا تتحمل عملك حتى يوم.

- أرى ذلك ولكن هذا غريب، تصرفاتها غير طبيعية.

- أشعر بذلك أيضا.

ذهبت عالية لتترك ميرنا لدى والدتها ولكن لم نرغب ميرنا في القرب منها وطلبت من عمرو ليوصلها، أوصلها عمرو وظلت عالية تبكي وتقول: أرجو أن تكوني بخير يا ميرنا ولكن ليست المشكلة في العمل فقط، أشعر أنك لست بخير.

بعد ذهاب عالية عملها جاءت سهام إلى عالية وقالت لها:

- سأكلفك بعمل هام يجب أن تنتبهي معي.

- حسنا.

- اقرأِ هذه الملفات واحضري لي ملخص بأفضل العروض ومميزات وعيوب كل عرض.

- متى تحتاجين هذه المعلومات؟

- خلال يومين على الأكثر.

- جيد.

اخذت الملف وذهبت على مكتبها وبدأت في تلخيص ما تقرأ، جاءت إليها رباب ووجدتها منهمكة في العمل فأشفقت عليها وقالت لها:

- هذا وقت الراحة، خذي وقتك من الراحة.

- حقا لم أشعر بالوقت.

- شعرت بذلك فجئت أخبرك.

- شكرا عزيزتي.

- لماذا تضغطين نفسك بالعمل؟

- هذا أفضل لي.

- لماذا؟

صمتت قليلا وتذكرت ابنتها وما يحدث لها ثم قالت:

- لا شيء، لا شيء.

- كل هذا ولا شيء؟ إذا لم تريدي اخباري لا يهم فقط أنا بجانبك إن احتاجتِ شيء.

- في الحقيقة، لا أعلم ماذا أفعل؟ أريد المشورة ولكن أخشى أنني قلقت أكثر من اللازم.

- فقط تحدثي ببساطة وسأخبرك برأي.

- ابنتي تتصرف بغرابة وتبتعد عني.

- منذ متى؟

- البارحة.

- الأمر بسيط، هي غاضبة لأنك انشغلتِ عنها وابتعدتِ قليلا، مع الوقت سيتحسن الأمر.

- هل تعتقدين ذلك؟

- إن أردتِ التأكد من الممكن أن نأخذها لطبيب سلوك.

- لا أعلم هل الأمر يستحق أم أنني قلقة أكثر من اللازم.

- الأمر بسيط إن عرضنها لطبيب سلوك للتأكد أن كل شيء على ما يرام.

- لديك حق.

- ما رأيك بيوم العطلة؟

- حسنا.

- سأحضر لك مشروب وبعض الطعام قبل انتهاء وقت الراحة.

- شكرا لك حقا.

وفي نهاية اليوم سألت سهام عالية:

- ما أخبار الملف؟ هل انتهيت منه؟

- ليس بعد اعتقد احتاج يومين او ثلاثة فإن الملف كبير.

- ليس لدينا وقت، ما رأيك أن تأخذي الملف المنزل وتكملي مراجعته، أريد أن تنتهي منه غدا في نهاية اليوم.

- حسنا.

ذهبت عالية ومعها الملف ونزلت مع رباب فقالت لها رباب:

- ما هذا التعنت؟ ما المشكلة أن تأخذي وقتك في الملف.

- لا أعلم، ولكن يبدو أنه أمر ضروري.

- ظننت العمل هنا سيكون أفضل من شركتي السابقة ولكن اعتقادي خاطئ.

ضحك الأثنان، وقالت رباب:

- هل زوجك سيتأخر؟

- أخبرني أنه قريب مني، لا عليك سأنتظره.

- سأنتظر معكي لا مشكلة.

نزلت سهام ورأت عالية ورباب وقالت:

- هل تنتظرون عمرو؟

قالت رباب:

- لا أريد ترك عالية وحدها.

- هل تمزحين يا رباب؟ لن يأكلها الذئب، اذهبي بسيارتك وسيأتي عمرو بعد قليل.

قالت عالية وهي تشعر بالضيق من سهام:

- رباب، هي محقة اذهبي أنت.

- حسنا كما تشائين.

جاء عمرو وجدهم الثلاثة يتحدثون فقاطعهم وقال:

- مرحبا بكم يا بنات.

ضحكت سهام ورباب ولكن عالية أوشكت على الانفجار، فقالت سهام برقة:

- مرحبا عمرو، هل سأراك يوميا مثل أيام الجامعة؟

- ألم يعجبك الأمر؟ 

ثم انتبه عمرو إلى زوجته ويبدو على وجهها ملامح الغضب وقال:

- هيا يا عالية فقد تأخرنا على ميرنا، وداعا يا فتيات.

توقع عمرو غضب عالية ولكن وجدها تبكي بشدة وتقول:

- لا أريد هذا العمل، أريد حياتي السابقة، أريد ابنتي كما كانت.

- اهدئي يا عالية، ما رأيك نذهب إلى مكان تهدئين فيه قليلا حتى لا تراك ابنتك هكذا.

ظلت تبكي دون توقف وهو لم يراها من قبل هكذا، فذهب إلى مقهى قريب وأخبرها أن يتحدثوا قليلا، طلب عمرو إليهم كوبين عصير مانجو فهو يعلم أنه المشروب المفضل لعالية، وقال لها:

- ماذا حدث؟ هل يعقل كل هذا البكاء لحديثي مع سهام؟  هذا مجرد حديث زمالة لا أكثر.

- ليس هذا فقط ولكن لا يمنع أنه من أسباب انهياري.

- وهل السبب الأخر ميرنا؟

- نعم، حتى أن سهام تضغطني في العمل وكأنها تنتقم مني أو تريد أن تشغلني عنك وعن بيتي.

ضحك وقال:

- وماذا كنتِ تظنين العمل إذن؟ العمل دائما ضغوطات سواء في العمل أو زملاء العمل الذين يمكرون لك طوال الوقت أو المعاملة من مدير عمل وكله ضغوطات عضوية ونفسية، أعلمتي لماذا أعود المنزل عابس وأحتاج للراحة؟

- أشعر أنني لا أتحمل ولاسيما بسبب ميرنا.

- لذلك عليكِ ترك العمل والتفرغ للبيت ولميرنا وفكري في إنجاب طفل أخر، ميرنا كبرت وتحتاج ونيس.

- لست مستعدة لفكرة الإنجاب حاليا ولكن سأترك العمل.

- هذا جيد، هيا اشربي العصير لنعود للمنزل.

شعرت عالية بتحسن ثم ذهبت لتحضر ميرنا، ركضت ميرنا نحو أمها وهي تقول: 

- أمي اشتقت إليكِ.

وبعد أن حضنت أمها شعرت بصاعقة كهربية ونفرت منها وصرخت وظلت ترتعش، فقالت عالية:

- ماذا هناك؟

- شعرت بشي كالسكين بجسدي – لم تستطع ميرنا وصف الكهرباء –

- ما هذا الهراء؟ ماذا هناك يا بنت؟ ماذا يحدث لك؟

قالت الجدة ماجدة:

- من الممكن ملابسك تحوي شيء حاد كالدبوس أو ما شبه.

- لا يا أمي، ملابسي خالية تماما من أشياء كهذه، لا أعلم لماذا ميرنا تنفر مني؟

- من الممكن تفعل هذا حتى لا تتركيها، يبدو ابنتك غير متقبلة فترة غيابك بالعمل، إما أن تعتادي تصرفاتها أو تتركين العمل.

- سأترك العمل بالفعل ولن أنتظر أخر الشهر فسأتركه الآن.

اتصلت عالية بسهام وأخبرتها أنها ستترك العمل، فابنتها لا تحتمل غيابها، فقالت لها سهام:

- هل تضايقتِ أن ضغطت عليكِ بالعمل؟ صدقيني لم أفعل ذلك بخاطري فأنا أحتاج هذا التقرير بأسرع وقت.

- ليس بسبب ذلك، فقط بسبب ابنتي وبيتي.

- ماذا بها ميرنا؟

- تغيرت معي وتنفر مني ويبدو ذلك بسبب عدم اعتيادها غيابي.

- أعتقد يا عالية ابنتك بها مشكلة وليس حلها تركك العمل، يجب أن تذهبي طبيب سلوك أولا.

- حسنا سأذهب غدا إلى طبيب سلوك، بعد أن أحضر الملف.

- سآتي غدا حتى آخذ الملف وسأعتبر هذا يوم إجازة للاطمئنان على ابنتك ثم عاودي العمل.

أغلقت الخط وهي لا تعلم ما سبب تمسكها بعملها، فقالت في نفسها: إن اطمأننت على ميرنا لن يكون هناك مشكلة في العمل.

قررت عالية النوم بجانب ابنتها ولن تتركها طيلة الليل حتى تتقرب منها وتحسن حالتها، استيقظت ميرنا وهي تصرخ وتصيح، فنهضت عالية وقالت:

- ماذا هناك يا ميرنا؟

صرخت ميرنا صراخ لا يتوقف وركضت خارج الغرفة وطرقت غرفت أبيها ففزع عمرو من طرقها وصراخها وفتح الباب وقال

- ماذا هناك يا ميرنا؟

رواية ضحية الأصدقاء الجزء الخامس....

Enjoyed this article? Stay informed by joining our newsletter!

Comments

You must be logged in to post a comment.

Related Articles
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ٢:٠٣ ص - Momen
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٥٢ ص - صانعة السعادة
يناير ١٠, ٢٠٢٣, ١:٣٧ ص - anis
أبريل ١٣, ٢٠٢٢, ٣:٥٥ ص - Mohamed
مارس ١٨, ٢٠٢٢, ٣:٣٢ م - Sarora Fayez
فبراير ١٢, ٢٠٢٢, ١٠:٥٣ م - مريم حسن
About Author